محمد نجم يكتب: عودة الوكيل الدائم !

تقول الحكمة العربية ؛ ان تأتى متأخرا أفضل من ان لا تانى ابدا ؛ وهو ما ينطبق على التوجه الجديد للحكومة بتعيين وكيل دائم للوزارات المصرية ، حفاظا على الاستقرار المؤسسى وضمانا لكفاءة تنفيذ السياسات المتبعه ، فقد توالت المطالبات المجتمعية من المتخصصين والكتاب باهمية وضرورة أن يكون لدينا سياسة وزارات وليس سياسة وزراء ، فالوزارات ثابته ومستمرة بينما الوزراء مؤقتون ومتغيرون ، خاصة بعدما رفع المجتمع شعار الاستقرار من أجل الاستمرار !
ومن حسن الحظ أن استجاب المشرع المصرى لتلك الدعوات المتكررة وضمن الدستور _ عام ٢٠١٤ _ في باب الحكومة وفى المادة ١٦٨ منه نص ملزم بأن ( تشمل مناصب الادارة العليا لكل وزارة وكيلا دائما ) وترجم قانون الخدمه المدنية _ عام ٢٠١٦، ولائحته التنفيذية ٢٠١٧ _ هذا التوجه فى المادة ١٨ منه ونص على أن) تنشأ بكل وزارة وظيفة واحده لوكيل دائم للوزارة بالمستوى الممتاز لمعاونة الوزير في مباشرة اختصاصاته ، وتحقيقا للانسجام الادارى ؛ نصت
اللا ئحة على ان يختار الوزير الوكيل الدائم من بين ثلاثة مرشحين استقرت لجنة الاختيار عليهم بعد مسابقات و اختبارات ومقابلات طبقا لشروط ومعايير معلنه سلفا ، ثم يصدر قرار التعيين من رئيس الجمهورية أو من يفوضه ، ذلك نظرا لأهمية المنصب المستحدث مسئولياته ، وتحصينا له من التهميش او الفصل ، فقد نص القانون على مدة التعيين لأربع سنوات مع جواز تجديدها لمدة أخرى ٠. وتتلخص مهمة الوكيل الدائم فى ضمان الاستقرار التنظيمى والمؤسسى للوزارة والهيئات والأجهزة التابعة لها ، ورفع مستوى تنفيذ سياستها ، وأسمرارية البرامج والخطط ومتابعتها تحت اشراف الوزير ( الذى يسئل امام البرلمان عن أداء وزارته ) ٠. وقد انتهى جهاز التنظيم والادارة استحداث وتمويل هذا المنصب والوظيفةالجديدة فى حوالى ٥٠ % من الوزارات المصرية البالغ عددها ٣٣ وزارة ، وتقدمت ٦ وزارات منها بطلبات لتعيين الوكيل الدائم بها ، وهى وزارات السياحة ، وقطاع الاعمال ، والتجارة والصناعة ، والتنمية المحلية ، والقوى العاملة ، والانتاج الحربى، وكان أول اختيار وتعيين فى هذا المصب المستحدث من نصيب. د٠ شيرين الصباغ لوزارة التجارة والصناعة وبقرار من رئيس الوزراء السابق ، ثم توالت قرارات رئيس الوزراء الحالى بتعيين احمد الشيخ كقائم بأعمال الوكيل الدائم لوزارة التعليم العالى ، وخالد مصطفى للتخطيط والتنمية الاقتصادية ، ثم قام وزير المالية بوضع (التتش المصرى ) باصدار قراره بندب رئيس الإدارة المركزية للبحوث والدراسات بقطاع الموازنة ( احمد عبد الرازق ) للقيام باعمال الوكيل الدائم لوزارة المالية ، وهنا تأتى الخشية ويظهر التشكك في جدية مانص عليه الدستور والقانون بضرورة تحصين المنصب وتوفير الاستقرار لشاغله ، حيث من حق الوزير ألغاء قرار الندب فى وقت ! خاصة أن سوابقه تشير لاحتمالات حدوث ذلك ، فقد سبق واختلف مع نائب السابق عمر المنير و طلب من رئيس الوزراء الضغط عليه لتقديم استقالته وهو ماحدث بالفعل ٠ والان واذا كنا جادين فى حسن وسلامة الاختيار للمرشحين لهذا المنصب المهم باختصاصاته المتعدده ، فيجب أن نتبع الاجراءات الموضوعية التى نصت عليها اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية من ضرورة أن يكون الترشيح من قبل اللجنة الدائمة والمختصة بذلك ، وأن يختار الوزير واحد من الثلاثة الذين تستقر اللجنة على اختيارهم بكل موضوعية وشفافية ، وأن يصدر رئيس الجمهورية قرار التعيين أو يفوض رئيس الوزراء بذلك ٠. واذا تم الاختيار بغير مارسمه القانون واللائحة ، سوف نصبح كمن يحرث فى الماء ، أويطبل فى المطبل كما يقول أهلنا فى الريف ٠

After Content Post
You might also like