وزير الأوقاف: جيش قوى واقتصاد قوى يعنى دولة ذات مكانة ومواطنًا ذا كرامة
أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أن من أهم المفاهيم التي يجب أن تصحح مفهوم الجاهلية ، ومفهوم الصحوة ، ذلك أن الجماعات المتطرفة اتخذت من المغالطات، وتزييف الوعى، وتحميل بعض الألفاظ ، والمصطلحات دلالات أيديولوجية خاصة بها ، وألحت على ذلك إلحاحًا مقيتًا، وعملت بما وفرت من وسائل طباعة ونشر أن يصبح ذلك بمثابة الأفكار الراسخة ، مما يتطلب تفنيدًا علميًا ، ومنطقيًا، وتفكيكًا لمصطلحات هذه الجماعات المتطرفة حتى نحمي شبابنا ومجتمعنا من مخاطر التطرف ، والمغالطة بالمصطلحات ، واللعب بالمصطلحات ، واللعب بالألفاظ ، وتزييف المصطلحات ، وتزييف المعاني.
وأضاف جمعة في الحلقة الرابعة عشرة من برنامج “رؤية” بعنوان : “الجاهلية والصحوة”:” أما مصطلح الجاهلية : فقد لجأت الجماعات المتطرفة إلى وصم المجتمع الإسلامي بأنه جاهلي ، ليبدأ ينطلق من الجاهلية وتجهيل المجتمع إلى كل شيء بدعة ، فسق ، حرام ، ثم انتقلوا من الجاهلية إلى تكفير المجتمع ، وهذه الخطورة البالغة ، نقول أولًا : رمي مجتمعاتنا بالجاهلية مغالطة من الجماعات المتطرفة شكلًا ومضمونًا ، أما من حيث الشكل واللغة فالجاهلية التي أطلقت على الفترة التي سبقت بعثة النبي (صلى الله عليه وسلم) ليست من الجهل ضد العلم ، ولا من الجهل ضد الإيمان ، ولم يقل أحد أن الجهل هنا ضد الإيمان ، إنما هي من الجهل ضد الحلم ، من الجهل نقيض الحلم ، وليس نقيض العلم ، من ذلك قول عمرو بن كلثوم :
أَلاَ لاَ يَجْهَلَـنَّ أَحَـدٌ عَلَيْنَـا
فَنَجْهَـلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَـا
لا يعتدي أحدٌ علينا فنعتدي فوق اعتداء المعتدين ، فهنا الجهل بمعنى : أننا القوة، والطيش، ولا يعتدي، ولا يطيش، ولا يتطاول أحد علينا ، ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم) لسيدنا أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه) : “يا أبَا ذَرٍّ أعَيَّرْتَهُ بأُمِّهِ؟ إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ، فمَن كانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ ممَّا يَأْكُلُ، ولْيُلْبِسْهُ ممَّا يَلْبَسُ، ولَا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فأعِينُوهُمْ”، وكأنه يقول : من يعتدي ، ويجور على العامل والأجير ويحمله ما لا يطيق ففي ذلك جاهلية واعتداء على الآخرين ، إذًا فمن حيث الشكل ، ليست من الجهل نقيض الإيمان ، ولا من الجهل نقيض العلم.
وأضاف جمعة:”أما من حيث المضمون ، فمن يقول مثلًا عن مصر العلم والعلماء ، مصر الأزهر ، مصر المساجد ، مصر المآذن ، مصر القرآن التي يدرس بأزهرها الشريف نحو مليوني طالب وطالبة ، ويستضيف أزهرها الشريف عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات الوافدين من مختلف دول العالم، والتي نبعث من وزارة الأوقاف ويبعث أزهرنا الشريف مئات الموفدين يعلمون الناس علم الإسلام، حتى قال الشيخ محمد متولي الشعراوي (رحمه الله): “من يقول عن مصر التي صدَّرت علم الإسلام حتى إلى البلد الذي نزل فيه الإسلام وانتشر علماؤها في مختلف دول العالم يدعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، أنه بلد جاهلي، لا يقول ذلك الا جاهلٌ، أو حاقدٌ، أو حاسدٌ، أو مُستَغِلٌ، أو مُستَغَلٌ، أو عميلٌ، أو مأجورٌ لصالح أعداء الدين والوطن” وعلى حد قول الإمام البوصيري:
قد تنكرُ العينُ ضوء الشمسِ من رمدٍ
ويُنْكِرُ الفَمُّ طَعْمَ الماء منْ سَقَم
هذه نظرة الجماعات المتطرفة، أما الحقيقة فكما يقول المتنبي:
وهَبْني قُلتُ: هذا الصّبْحُ لَيْلٌ
أيَعْمَى العالمُونَ عَنِ الضّياءِ؟
من يعرف مصر، ومساجدها، ومآذنها، وأزهرها، وخدمتها لكتاب الله، وأوقافها، وإفتائها يدرك أنها تعمل على نشر صحيح دين الله ومحاربة الغلاة، والمتطرفين، والتفلت، والتسيب في آن واحد، باحثةً عن الوسطية لشرع الله.
أما قضية الصحوة فهذه الجماعات أرادت أن تسوق الصحوة على أنها صحوتها في عدد أفرادها، وفي سمتهم، ولباسهم، ومدى انتشارهم، وحرصهم على بعض المظاهر الشكلية أن تسود في المجتمع، حتى لو كان ذلك على حساب المضمون والجوهر، أرادوا أن يسوقوا الصحوة على أنها صحوتهم هم، وهم بعيدون كل البعد عن مفاهيم الصحوة الحقيقية، الصحوة الحقيقية ليست في أعضاء هذه التنظيمات التي تشكل خطورة على الدين والوطن، الصحوة الحقيقة: هي أن نمتلك أمرنا، وكلمتنا، وأن ننتج غذاءنا، ودواءنا، وكساءنا، وسلاحنا، وأن نرفع مستوى بلدنا ومواطنينا: علميًا، وثقافيًا، ومهنيًا، واقتصاديًا، ومعيشيًا، وأن نُعد جيشًا قويًا يدافع عن أمننا وأماننا.
واختتم وزير الأوقاف:”اقتصاد قوي وجيش قوي يعني دولة ذات مكانة ومواطنًا ذا كرامة، وهو ما تسير عليه بفضل الله مصرنا العزيزة في جمهوريتنا الجديدة في عهدنا المبارك، عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي دد، دولة تبني وتعمر في مختلف المجالات، تعنى بمواطنيها صحة، وتعليمًا، ومبادرات اجتماعية، هذا هو التطبيق العملي، والفهم الحقيقي لصحيح الدين، فهم صحيح الدين أن نبني دولة قوية، أن نبني اقتصادًا قويًا ، أن نبني جيشًا قويًا ، نعد نظامًا تعليميًا قويًا، مؤكدين أنه لن يحترم الناس ديننا ما لم نتفوق في أمور دنيانا، فإن تفوقنا في أمور دنيانا احترم الناس ديننا ودنيانا، الصحوة الحقيقية لأمة تتقدم علميًا، واقتصاديًا، تتعلم، وتنتج، وتعمل، الصحوة الحقيقة في الجوهر وليس في مجرد الشكل، في المضمون، وليس في مجرد الأسماء والمسميات.