لماذا تُخفض روسيا أسعار الفائدة عكس تيار التشديد العالمي؟
خفضت روسيا أسعار الفائدة، لمستويات قياسية عكس التيار العالمي، وتوجه كل دول العالم إلى التشديد النقدي، بعد رفع أسعار الفائدة الأمريكية، لتعود إلى مستويات ما قبل الحرب الأوكرانية،
ويوجد توجه عالمي منذ مارس الماضي، برفع سعرا الفائدة على غرار الولايات المتحدة، التي رفعت الفائدة على الدولار بمقدار لتصل إلى 1%، وهي أكبر زيادة منذ عام 2000، وأعقبها زيادات في كافة البنوك المركزية على مستوى العالم.
خفض سعر الفائدة الروسية
بعد الخفض الكبير الذي أقر في روسيا، خلال اجتماع استثنائي قبل أسبوعين، استغل صانعو السياسة جلستهم، اليوم الجمعة، 10 يونيو 2022، لتخفيض سعر الفائدة القياسي مرة أخرى من 11% إلى 9.5%، في ظل استمرار تعرض الروبل لضغوط لأجل الصعود وتعافي الاقتصاد من العقوبات، وفق بلومبرج. وقال بنك روسيا إنه سينظر خلال اجتماعاته المقبلة في مدى ضرورة تخفيض سعر الفائدة الرئيس.
يعتبر هذا الخفض هو الرابع على التوالي، والأصغر أيضًا في دورة التيسير التي استفادت من تباطؤ التضخم بعد الارتفاع الحاد للروبل. ومع انخفاض أسعار الفائدة الآن عن ذروة ما بعد الحرب، ينصب التركيز على توفير الراحة للمستهلكين وتعديل الاقتصاد الذي ضربه الركود، خاصة وأن اضطرابات التجارة يمكن أن تخلق مخاطر جديدة على الأسعار في روسيا.
التوفيق بين الاقتصاد والتضخم
كان ثاني خفض مفاجئ بعد الحرب الأوكرانية، عندما قرر البنك المركزي الروسي تخفيض سعر الفائدة إلى 14٪ من 17٪ للتخفيف من تأثير العقوبات الاقتصادية الدولية، وفق CNBC في 29 إبريل 2022، خاصة أن روسيا رفعت الفائدة من 9.5% إلى 20% في فبراير بعد الحرب وإعلان العقوبات الغربية.
وعمل البنك المركزي على التوفيق بين الاقتصاد المتقلص والتضخم المتصاعد، لإعادة ضبط الاقتصاد في محاولة لامتصاص تأثير العقوبات العقابية من القوى الدولية.
الصادرات والواردات تحرك التضخم
وقال البنك في إبريل، إن توقعاته للتضخم ستتأثر بمستقبل وارداته وصادراته، ويتطلع إلى تجاوز العقوبات الشديدة، إلى جانب قرارات السياسة المالية المستقبلية، وأن البلاد ستأخذ في الاعتبار الحاجة إلى تحول هيكلي للاقتصاد وستضمن عودة التضخم إلى الهدف في عام 2024.
وتعد النقطة الأساسية الداعمة لقرارات المركزي الروسي، هي عائدات النفط والغاز المرتفعة، التي توفر لصانعي السياسات شريان حياة، مما يسمح لهم بالرد على الإجراءات الاقتصادية الطارئة، وفق CNN في 31 مايو 2022، مصيفًا: “يبدو أن المزيد من التيسير في ضوابط رأس المال وتخفيضات إضافية في أسعار الفائدة أمر محتمل”.
إحياء الطلب المحلي لتعويض نقص التصدير
وفق تقرير بلومبرج، السبب وراء خفض سعر الفائدة هو حاجة السلطات الروسية لإحياء الطلب المحلي لموازنة صادرات السلع المرتفعة، التي عززت انتعاش العملة لتقترب من أقوى مستوياتها منذ 4 سنوات، ويساعد ضعف الإنفاق الاستهلاكي وزيادة الروبل، إلى المكاسب الاقتصادية الحالية والتي عززتها ضوابط رأس المال على إبقاء التضخم تحت السيطرة بعد الارتفاع الحاد قصير الأجل في الأسعار.
وفي 23 مايو 2022، خفضت روسيا إيرادات العملات الأجنبية التي يتعين على المصدرين تحويلها إلى روبل إلى 50٪ من 80٪، بعد أن ساهمت السياسة في تحقيق مكاسب كبيرة بالعملة المحلية، مما دعم صعود الروبل بنحو 30٪ مقابل الدولار هذا العام، وفق رويترز.
حالة عدم يقين على الاقتصاد الروسي
بشأن الضغوط الخارجية، ما زال المركزي الروسي معترفًا بقوة العقوبات، ويقول إن الظروف الخارجية للاقتصاد الروسي لا تزال صعبة، لكن في الوقت نفسه انخفضت مخاطر الاستقرار المالي قليلًا، وفق تقرير CNN.
يضاف لذلك، المخاطر التي تلوح في الأفق، وتزيد من القيود المفروضة على التجارة، نتيجة للعقوبات بسبب الحرب، من مخاطر نقص السلع في روسيا، ويؤدي تغيير مسار الشحنات لتجاوز العقوبات إلى زيادة التكاليف، وإذا كانت الواردات الجديدة أو بدائل الواردات غير كافية، فقد يعزز عجز المعروض التضخم أكثر مما قد يؤدي انخفاض الطلب إلى قمعه، وفق تقرير بلومبرج.