الخسارة حتمية.. لماذا لا ينصح الخبراء بشراء سيارة جديدة؟

غالباً ما يواجه الأشخاص الذين يخططون لاقتناء سيارة، العديد من الآراء المتناقضة التي تضعهم في حيرة من أمرهم، خصوصاً فيما يتعلق باختيار شراء سيارة جديدة أو مستخدمة.

فرغم أن العديد من المشترين يملكون فكرة محددة للغاية، عما يرغبون في إيجاده في سيارتهم المنشودة، فإن هناك قسماً لا بأس به من الناس، يلجؤون لطلب المشورة حول هذه الخطوة، التي تعتبر ثاني أهم قرار مالي يتخذه الفرد بعد قرار شراء منزل.

وفي حين تعد الميزانية المالية من بين أهم العوامل التي تحدد الإجابة عن سؤال، “أيهما أفضل للشراء سيارة جديدة أم مستخدمة؟”، إلا أن هذه القاعدة يرفضها الكثير من الأشخاص وتحديداً الأغنياء، حيث يعتبر قسمٌ كبيرٌ منهم، أن قرار شراء سيارة جديدة، هو أسوأ قرار مالي يمكن للفرد أن يتخذه نظراً إلى تسببه في هدر الأموال.

ولذلك نرى أن هناك العديد من أثرياء العالم، مثل “وارن بافيت” و”أليس والتون” و”ستيف بالمر” و”جاك ما”، يقودون سيارات قديمة تؤمّن حاجتهم في التنقل، دون الحاجة لإظهار أشكال الترف أمام الآخرين.

بدوره يقول المليونير العصامي ديفيد باخ، وهو واحد من أكثر الخبراء الماليين الموثوقين في أميركا، إن قيمة السيارة الجديدة تبدأ في الانخفاض، في الدقيقة الأولى لخروجها من صالة العرض وقيادتها من قبل المشتري، لتفقد نحو 20 إلى 30 في المئة من قيمتها، بنهاية العام الأول من شرائها، حيث ترتفع هذه النسبة لتصل إلى 60 في المئة خلال خمس سنوات من شرائها.

وبحسب باخ، فإن ما يزيد الأمور سوءاً، هو أن أغلب الأشخاص يقترضون المال لشراء سيارة جديدة، ما يعني أن خسارتهم ستكون أكبر، نظراً لكلفة الفوائد على القروض، وبالتالي فإن جميع العناصر المذكورة، تجعل من قرار شراء سيارة جديدة، أسوأ قرار مالي يمكن للفرد أن يتخذه في حياته.

وتكتسب سوق السيارات المستخدمة، شعبية متزايدة في العالم، وهذا ما دفع الشركات الكبرى العاملة في هذا المجال، إلى زيادة استثماراتها وتوسيع أعمالها التجارية، حيث كانت منطقة آسيا والمحيط الهادئ أكبر منطقة في سوق السيارات المستخدمة في عام 2022، ومن المتوقع أيضاً أن تكون هذه المنطقة الأسرع نمواً في الفترة المقبلة.

وقد وصلت قيمة سوق السيارات المستعملة في العالم، إلى أكثر من 1.2 تريليون دولار في 2022، حيث من المتوقع أن تنمو إلى أكثر من 1.3 تريليون دولار في 2023، ولتسجل 1.8 تريليون دولار في عام 2027، بحسب شركة Research and Markets للأبحاث السوق.

وتُظهر البيانات المتوفرة، أن عام 2022 شهد شحن أكثر من 106 ملايين سيارة مستعملة، مقارنة مع بيع نحو 57.4 مليون سيارة ركاب جديدة خلال العام نفسه، بحسب تقديرات المنظمة الدولية لمصنعي السيارات “OICA”.

ويقول الخبير في تجارة السيارات محمد موسى، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن القرار المتعلق باختيار شراء سيارة جديدة أو مستخدمة، هو قرار صعب، وما يزيد من صعوبته هو مواجهة العملاء للعديد من المعلومات والنصائح المربكة، معتبراً أن أغلب الناس يرغبون في شراء سيارة جديدة تماماً، ولكن عند التفكير في الأمر من ناحية منطقية، والاستماع إلى آراء بعض الخبراء الماليين، يتأكد الفرد من أن الإقدام على خطوة شراء سيارة جديدة، ورغم عوامل الجذب الكبيرة التي تتمتع بها، هي خطوة ستتسبب في خسارة مالية حتمية.

 

السيارة الجديدة تخسر 40 في المئة فور شرائها

وبحسب موسى فإن الخبراء يرون أن خطوة شراء سيارة جديدة لا تنطبق عليها صفة “القرار الاستثماري” مثل خطوة شراء شقة، فالاستثمار هو ببساطة وضع الأموال في أحد الأصول بهدف تحقيق دخل إضافي منها، وذلك عن طريق ارتفاع قيمتها في المستقبل، ولذلك فإنه وبمجرد النظر إلى الخسائر الهائلة التي تتعرض لها قيمة السيارة، والتي قد تفوق نسبتها الـ 40 في المئة بعد سنتين من شرائها، يتأكد الفرد أن هذه الخطوة لا ترتبط بتاتاً بأي شكل من أشكال الاستثمار، كما يدعي البعض.

 

السيارات الجديدة أكثر موثوقية

ويكشف موسى أن نقاط القوة التي تتمتع بها السيارات الجديدة، تكمن في أنها أكثر موثوقية من السيارات المستعملة، فهي تضمن للشاري راحة البال التامة، وهذا يعني أن العميل يمكنه قيادة سيارته، دون القلق بشأن المشكلات الخفية أو الميكانيكية التي تتعلق بعمر السيارة، بعكس ما يحصل عند شراء مركبة مستخدمة، كما أن السيارات الجديدة تواجه مشكلات صيانة أقل، حيث لا يتعين على العميل التفكير في استبدال الفرامل أو الإطارات، أو القيام بأي إصلاحات طفيفة أخرى لبضع سنوات على الأقل، في حين أنه إذا واجهت السيارة الجديدة بعض المشكلات بسبب عيوب في التصنيع، فإن الشركة المصنعة لها تتكفل بإصلاحها بموجب عقد الضمان الذي تم تقديمه للعميل عند عملية الشراء، مما يوفر المزيد من راحة البال.

ويرى موسى أن خطوة شراء سيارة جديدة، قد تجعل الفرد أكثر اطمئناناً، ولكن الحقيقة هي أن الشاري سيجد أن الكلفة التي دفعها في النهاية، أغلى بكثير مما تم احتسابه في البداية، إذ أن هذا القرار يتطلب دفع مبلغ كبير من المال، قد لا يكون ظاهراً في البداية، مثل كلفة الضرائب والتأمين والفوائد السنوية، يضاف إليها عنصر فقدان السيارة لقيمتها، بمجرد خروجها من صالة العرض، وهذا تحديداً ما يدفع الكثير من المليارديرات، إلى استغلال أموالهم بشكل أكثر فعالية، عبر الاكتفاء بامتلاك سيارات قديمة، طالما أنها تضمن لهم التنقل بأمان.

 

 

 

 

After Content Post
You might also like