54% انخفاض عائدات الاكتتابات بدول الخليج إلى 10.79 مليار دولار في 2024

بعد النشاط الملحوظ الذي شهدته على مدار 2022، استمر زخم نشاط إدراج الشركات في البورصات الرئيسية في دول مجلس التعاون الخليجي من حيث عدد الاكتتابات العامة الأولية، إلا أن عائدات الاكتتابات تراجعت حتى في ظل ارتفاع مؤشر مورجان ستانلي الخليجي بنسبة 3.7% على أساس سنوي على خلفية الأداء المختلط الذي سجلته كل دولة على حدة.

وانخفض إجمالي عدد الاكتتابات العامة الأولية في دول مجلس التعاون الخليجي هامشياً إلى 46 اكتتاباً في العام 2023 مقابل 48 في العام 2022، وفقاً لتحليل وحدة البحوث والاستراتيجيات الاستثمارية بشركة كامكو.

وانخفضت عائدات الاكتتابات في دول مجلس التعاون الخليجي للعام 2023 بنسبة 54% إلى 10.79 مليار دولار مقابل 23.38 مليار دولار في العام 2022، بناءً على البيانات الصادرة عن وكالة بلومبرج وأسواق الأوراق المالية.

ورغم أن عدد الاكتتابات كان مدفوعاً بالاكتتابات العامة الأولية الأصغر حجماً، إلا أن أداء ما بعد الإدراج للشركات الكبرى (أقل من 200 مليون دولار) كان إيجابياً.

وكان الأداء القوي للأسهم الكبيرة مدعوماً بإشارات واضحة وعروض الاكتتاب العام الأولي من الشركات والمصرفيين الاستثماريين حول آفاق النمو التي أدت إلى ارتفاع قوي في الأسعار أو أرباح قوية (5% -6%).

وسعى المستثمرون للحصول على عائدات توزيعات الأرباح للشركات المدرة للإيرادات وشركات المرافق العامة، حيث إن العديد من هذه الشركات كانت تشمل أيضاً شركات مملوكة سابقاً للدولة وقامت حكومات المنطقة بالتخارج منها في اطار تنفيذها لخطط التنويع الاقتصادي. وقد أدى الدعم الحكومي القوي حتى بعد الاكتتاب العام وعوائد الأرباح الجذابة إلى ارتفاع أسعار هذه الأسهم بعد الإدراج. كما تواصل الحكومات دعم أسواق الاكتتابات العامة الأولية في المنطقة سواء من خلال طرح الشركات المناسبة المملوكة للدولة في السوق أو بطرحها لمبادرات مثل صندوق أبو ظبي للاكتتابات العامة الأولية الذي من المتوقع أن تصل من خلاله الشركات المرتقبة في قطاع التكنولوجيا والضيافة إلى الأسواق بنهاية العام 2024.

الإمارات تتصدر

الإمارات ما زالت في الصدارة باستحواذها على أعلى عائدات الاكتتابات، والبورصة السعودية تهيمن على عدد الصفقات مرة أخرى، حيث احتفظت السعودية بمكانتها الرائدة على صعيد إصدارات الاكتتابات العامة الأولية في المنطقة خلال العام 2023، إذ بلغ عدد الاكتتابات العامة الأولية التي طرحت في المملكة 35 اكتتاباً سواء كان في سوق نمو أو تداول، وذلك من أصل 46 اكتتاب عام أولي تم طرحها على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي.

أما داخل السعودية، تمكنت نمو، السوق الموازية، في السيطرة على أعلى عدد من الإصدارات بواقع 27 صفقة، مقابل 8 صفقات للسوق الرئيسية.

من جهة أخرى، واصلت الإمارات هيمنتها من حيث عائدات الاكتتابات العامة الأولية، حيث حصدت ما نسبته 56.3% من إجمالي عائدات الاكتتابات، بجمعها 6.07 مليار دولار من خلال إدراجها لثماني شركات في البورصات الإماراتية في العام 2023. وبلغ متوسط حجم الاكتتابات العامة الأولية في البورصات الإماراتية حوالي 759 مليون دولار، والذي يعد أعلى بكثير من متوسط حجم عمليات الادراج التي تمت في بقية دول مجلس التعاون الخليجي والذي بلغ نحو 124 مليون دولار.

اكتتاب أدنوك للغاز.. أكبر طرح عام أولي

ويعتبر أكبر طرح عام أولي في المنطقة هو اكتتاب شركة أدنوك للغاز التي توفر ما نسبته 60% من احتياجات الغاز الطبيعي في الإمارات، وحصلت الشركة على 2.48 مليار دولار من بيع نسبة 5% من أعمالها عبر إصداراتها في السوق الأولية، وفقاً لوكالة بلومبرج. وتبعها طرح أسهم شركة أديس القابضة، المالك والمشغل والمزود الرائد لمنصات الحفر البحرية والبرية في السعودية، للاكتتاب العام والذي جمعت من خلاله 1.2 مليار دولار قبل إدراجها في سوق تداول الرئيسي. واختتمت شركة بيور هيلث من الإمارات قائمة أكبر ثلاث اكتتابات عامة أولية في دول مجلس التعاون الخليجي، إذ جمعت 0.99 مليار دولار من طرح أسهمها للاكتتاب العام الأولي ومن ثم إدراجها في سوق أبوظبي للأوراق المالية. وكان رابع أكبر اكتتاب عام أولي في المنطقة من نصيب السوق العمانية (بورصة مسقط) حيث قامت شركة أوكيو لشبكات الغاز بجمع 771 مليون دولار من نسبة 49% من أسهمها للاكتتاب، وفقاً لتقديرات وكالة بلومبرج. كما قامت شركة أخرى ضمن قطاع الطاقة، وهي شركة أبراج لخدمات الطاقة بجمع 244.1 مليون دولار من خلال طرح أسهمها للاكتتاب العام الأولي وأدرجت في بورصة مسقط هي الأخرى، وشهد كلاهما اقبالاً شديداً.

من جهة أخرى، شهدت قطر الاكتتاب العام الأولي لشركة ميزة التي تقدم خدمات وحلول تكنولوجيا المعلومات المدارة، وجمعت الشركة 232.67 مليون دولار أمريكي من طرح أسهمها للاكتتاب العام وتم إدراجها في البورصة في أغسطس 2023. ومن حيث التقسيم القطاعي، جاء قطاع المواد الأساسية (6) والخدمات الاستهلاكية (6) والنقل (6) في صدارة كافة القطاعات الأخرى من حيث عدد الصفقات في جميع أنحاء المنطقة. وكانت الخدمات الصحية – الأدوية (4) والمالية (4) والتكنولوجيا (4) والطاقة (4) من القطاعات الأخرى التي شهدت عدداً كبير من عمليات الاكتتاب العام. وظلت المشاركة القطاعية متنوعة على مستوى المنطقة، مع وصول الشركات ذات نماذج التشغيل المتخصصة الفريدة إلى السوق الأولية.

انخفاض عائدات الاكتتابات العامة الأولية العالمية بنسبة 33%

انخفاض عائدات الاكتتابات العامة الأولية العالمية بنسبة 33% على أساس سنوي في العام 2023 بعد الأداء الضعيف الذي سجلته في العام 2022، وقطاع التكنولوجيا يستعيد صدارته من حيث العائدات وذلك على الرغم من اتباعه لاتجاهات تنازلية بوتيرة متتالية: تراجع أداء أسواق الاكتتابات العامة الأولية عالمياً على الرغم من أن معظم أسواق الأسهم شهدت مكاسب قوية ثنائية الرقم خلال العام 2023، وارتفع مؤشر مورجان ستانلي العالمي بنسبة 21.8% على أساس سنوي. وعلى الرغم من أن أداء السوق الثانوية عادة ما يساهم في تعزيز نشاط الاكتتابات العامة الأولية، إلا أن التشديد النقدي الصارم، وما نتج عنه من ارتفاع تكاليف التمويل، أدى إلى عزوف الشركات عن دخول الأسواق العامة بسبب مخاوف التقييم. وأدى هذا إلى انخفاض عدد الاكتتابات العامة الأولية العالمية بنسبة 8 في المائة على أساس سنوي إلى 1، 298 اكتتاباً وتسبب في انخفاض العائدات بنسبة 33% على أساس سنوي إلى 123.2 مليار دولار، وفقاً للبيانات الصادرة عن شركة ايرنست اند يونج.

آسيا والمحيط الهادي وأمريكا وأوربا

وتعتبر منطقة آسيا والمحيط الهادئ هي السوق الرئيسية التي أدت إلى انخفاض عدد الاكتتابات العامة الأولية وعائداتها، إذ انخفض عدد الاكتتابات العامة الأولية بنسبة 18 في المائة على أساس سنوي، في حين انخفضت عائدات الاكتتابات بنسبة 44% على أساس سنوي إلى 69.4 مليار دولار، وفقاً للبيانات الصادرة عن شركة الاستشارات العالمية. كما شهدت منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا هي الأخرى انخفاضاً بنسبة 39% في عائدات الإصدار (31.1 مليار دولار) لكنها سجلت نمواً بنسبة 7% في عدد الاكتتابات العامة الأولية. وتحولت الاتجاهات القطاعية نحو القطاعات الاستهلاكية والصناعية، وفقاً للبيانات الصادرة عن تقرير شركة أرنست أند يونج حول نشاط الاكتتابات العامة العالمية في العام 2023. وعزت الشركة نمو هذه القطاعات إلى ازدهار التجارة العالمية حيث أفادت التقارير أن سلاسل التوريد العالمية تتحول من الأسواق التقليدية وتتجه نحو مناطق جغرافية جديدة مثل الهند وإندونيسيا واليابان، مما ساهم في تحفيز عمليات الإدراج من تلك الدول. وعلى صعيد عدد الاصدارات، جاءت القطاعات الصناعية في الصدارة وتفوقت على كافة القطاعات الأخرى بوصول عدد الشركات التي تم ادراجها إلى 265 شركة، مسجلة نمواً بنسبة 19% على أساس سنوي، في حين نما عدد الشركات التي تم طرحها في القطاع الاستهلاكي بنسبة 20% على أساس سنوي إلى 224 اكتتاباً. كما أشارت شركة ايرنست أند يونج إلى أن شركات قطاع التكنولوجيا تمكنت من استعادة مكانتها الريادية من حيث عائدات الاكتتاب بعد أن تغلبت عليها شركات قطاع الطاقة في العام 2022، إلا أن قطاع التكنولوجيا ظل يسجل تراجعاً بوتيرة متتالية في عدد الاكتتابات العامة والتقييمات وأداء ما بعد الادراج في السوق مثل العام 2022. وضمن قطاع التكنولوجيا، يبدو أن شركات أشباه الموصلات تفوقت على الصناعات الأخرى خلال العام 2023 باستحواذها على نسبة 58% من العائدات وتسجيلها لنمو بنسبة 30%، على أساس سنوي.

انخفاض حاد في قطاع الطاقة

وذكرت شركة أرنست أند يونج أن قطاع الطاقة شهد انخفاضاً حادًا في كل من عدد الصفقات وقيمتها، في حين نوهت الشركة إلى تزايد عدد الاكتتابات العامة الأولية التي انخفضت فيها أسعار العرض إلى ما دون نطاق التسعير الأولي. كما سلطت الضوء على أن أحجام الاكتتابات العامة الأولية (-24%) والعائدات (-38%) على صعيد قطاع الرعاية الصحية أدى إلى تسجيل انخفاض هائل في إعادة تقييم الأسعار، في ظل ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة تكلفة رأس المال.

28-30 شركة مرشحة للاكتتاب العام الأولي في 2024

الشركات المرشحة للاكتتاب العام الأولي في دول مجلس التعاون الخليجي في العام 2024 تشير إلى إمكانية تكرار نفس أداء العام السابق: من المقرر أن تظل الظروف المحيطة بسياق الاكتتابات العامة الأولية في العام 2023 مثل أسعار الفائدة والعوامل الجيوسياسية وتقلبات سوق الأسهم الثانوية وتذبذب أسعار النفط من العوامل الحاسمة في العام 2024. ويتراوح عدد الشركات المقرر طرحها خلال العام 2024 بناءً على تقديراتنا في بداية العام في حدود 28-30 شركة بين إصدارات الاكتتاب العام المعلنة والملزمة والتي يتردد إشاعات بشأن طرحها في دول مجلس التعاون الخليجي، مما يشير إلى إمكانية تكرار أداء العام 2023، وذلك نظراً لتوافر تقديرات مماثلة العام السابق. إلا اننا نرى أنه إذا تكررت اتجاهات العام السابق مرة أخرى، فمن المحتمل أن يهيمن عدد أقل من الاكتتابات الكبرى على العائدات، في حين من المتوقع أن تظهر العديد من الاكتتابات العامة الأولية الأصغر حجماً في أسواق مثل نمو. كما سيدرك المصرفيون الاستثماريون أهمية تقديم المشورة للشركات حول اهتمام المستثمرين المؤسسيين بالأسهم التي تطرحها تلك الشركات في ظل تطلعهم لاستيعاب إصدارات الاكتتابات العامة الأولية الجديدة. وقد توجه الجهات المصدرة انظارها نحو السوق الثانوية، إلا أن الاتجاهات السابقة والتي تتمثل في الاهتمام القوي وأداء السوق بعد الإدراج للشركات المستقلة المستقرة مع تحديد واضح لآفاق النمو والوضع التنافسي و أو توقعات عائدات الأرباح، ستمكنهم من دخول سوق الاكتتابات العامة الأولية بثقة.

After Content Post
You might also like