أبرزها تحويل الساحل الشمالى لوجهة سياحية عالمية.. مكاسب مصر من مشروع «رأس الحكمة»
شهد الرئيس عبدالفتاح السيسي والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، إعلان مخطط مشروع تطوير مدينة رأس الحكمة وتنميتها على الساحل الشمالي الغربي في مصر باستثمارات مباشرة قدرها 35 مليار دولار.
أهمية اقتصادية واستثمارية وعقارية وسياحية
وخلال الفاعليات، شهد الرئيس السيسي ورئيس دولة الإمارات، عرضاً مرئياً حول المشروع وأهدافه وفكرته العامة وما ينطوي عليه من أهمية اقتصادية واستثمارية وعقارية وسياحية كبيرة خاصة في ظل موقعه الاستراتيجي على البحر المتوسط واستمعا من المسؤولين المعنيين لشرح بشأن أهم ما تتميز به المنطقة والخدمات المتكاملة والفرص التي سيوفرها المشروع لازدهارها.
وحققت مصر 7 مكاسب من توقيع صفقة تطوير مدينة رأس الحكمة الجديدة، والتي سيبدأ العمل فيها في القريب العاجل، مما يدعم نمو الاقتصاد الوطني، وإمكانية تكرار هذا النموذج في وجهات تطوير أخرى، ومع شركاء آخرين خلال الفترة المقبلة، ونرصد في التقرير التالي المكاسب من وراء هذه الصفقة:
وجهات سياحية عالمية
أطلقت الدولة، عام 2018 مخطط تنمية الساحل الشمالي الغربي، لتضم وجهات سياحية عالمية، وبدأت بالفعل بإنشاء مدينة العلمين الجديدة، وحولتها من موقع يضم ألغام إلى وجهة للسياحة العالمية، مما انعكس على نمو أعداد السياحة الوافدة للبلاد، كما يتوقع أن يساهم تطوير مدينة رأس الحكمة الجديدة، في زيادة أعداد السياحة خاصة من الشريحة مرتفعة الإنفاق، في ظل أن مخطط المدينة يضم مطار ومارينا عالمية ومنشآت سياحية بمستوى عالمي يجذب شرائح جديدة من السكان.
ونمت أعداد السياح الوافدين إلى مصر إلى 14.9 مليون سائح خلال العام المالي 2023/2024 بزيادة بنسبة 7.4%، وكذلك زادت عدد الليالي السياحية إلى 154.1 مليون ليلة بمعدل نمو 5.5%، وبلغت إيرادات قطاع السياحة 14.4 مليار دولار بنسبة نمو 5.5%، وفق بيانات البنك المركزي المصري.
بجانب السياحة تعتبر منطقة الساحل الشمالي الغربي بما تمتلكه من موارد مختلفة، أمل مصر لاستيعاب الزيادة السكانية خلال الـ 40 عامًا المقبلة وتقدر بحوالي 34 مليون نسمة، كما ستولد المشروعات المزمع تنفيذها بالمخطط نحو ملايين فرصة عمل، حتى سنة الهدف 2052.
و يمتد نطاق الساحل الشمالي الغربي، من العلمين وحتى السلوم لمسافة نحو 500 كم، بنطاق وظهير صحراوي يمتد في العمق لأكثر من 280 كم، ليشغل مسطح نحو 160 ألف كم 2 تقريبا، وتعود أهمية هذا النطاق التنموي إلى تفرده وتميزه في أنه يحظى بكافة موارد ومقومات التنمية الموزعة بكافة أنحاء الجمهورية، لتتركز في مكان واحد هو الساحل الشمالي الغربي وظهيره الصحراوي.
أكبر فائض أولي في الموازنة العامة
حصلت الموازنة العامة للدولة على نسبة 50% من صفقة تطوير رأس الحكمة، وبلغت التحويلات من الصفقة 510 مليارات جنيه، مما انعكس على تحقيق الموازنة، أكبر فائض أولي في تاريخها بقيمة 822 مليار جنيه خلال العام المالي 2023/2024، كما حققت الإيرادات أعلى قيمة في تاريخها وبلغت 2.217 تريليون جنيه خلال الفترة من يوليو إلى مايو من العام المالي 2023/2024 بزيادة بقيمة 941.2 مليار جنيه بنسبة نمو 73.7%.
وعلى مدار الخمس سنوات الماضية، اتخذت الحكومة العديد من الإجراءات الإصلاحية بهدف وضع الاقتصاد المصري على مساره الصحيح ورفع كفاءة الخدمات المقدمة للمواطنين، كما عملت وزارة المالية على استمرار تحقيق مستهدفات الضبط المالي واستدامة مؤشرات المالية العامة ورفع كفاءة الإنفاق العام، وتعظيم الموارد، بالإضافة إلى دعم شبكة الحماية الاجتماعية، والتنمية البشرية مثل التعليم والصحة مما يزيد من إنتاجية المواطن المصري ومستوى معيشته، ورفع كفاءة البنية التحتية والخدمات المقدمة للمواطنين.
رقم قياسي في الاستثمار الأجنبي
دفعت صفقة رأس الحكمة، تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لتسجل رقم قياسي غير مسبوق بلغ 46.1 مليار دولار خلال العام المالي الماضي 2023/2024، مقابل 11 مليار جنيه خلال العام الماضي، وذلك نتيجة تنفيذ أكبر صفقة استثمار أجنبي مباشر في تاريخ مصر من خلال تطوير مدينة رأس الحكمة من قبل شركة أبو ظبي التنموية القابضة بقيمة 35 مليار دولار ما بين 24 مليار دولار سيولة دولارية مباشرة تتدفق للدولة المصرية من الخارج بالإضافة إلى 11 مليار دولار كودائع مستحقة للإمارات بالبنك المركزي المصري يتم تحويلها بالجنيه المصري لاستخدامها في تنمية المشروع.
وينعكس نمو الاستثمار الأجنبي في زيادة تدفقات السيولة الدولارية مما يزيد من صلابة الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات العالمية على الصعيد الجيوسياسي والاقتصادي على السواء، وتخفيف أزمة النقد الأجنبي بعدما تأثرت تدفقاته جراء الأزمات الدولية وخاصة الحرب على غزة بما أثر على عائدات قناة السويس.
تراجع الدين الخارجي
كما ساهمت التدفقات الدولارية من صفقة رأس الحكمة، وتنازل الإمارات عن 11 مليار دولار من ودائعها بالبنك المركزي المصري في خفض الدين الخارجي لمصر بأكثر من 15 مليار دولار خلال آخر 6 شهور من 168 مليار دولار مطلع العام الحالي إلى 152.8 مليار دولار بنهاية يونيو من العام الجاري.
وتستهدف الدولة تحديد سقف دين أجهزة الموازنة العامة للدولة بمبلغ 15.1 تريليون جنيه وبنسبة 88% من الناتج المحلي الإجمالي، وخفض العجز المالي الكلي 7.3% من الناتج المحلي، وكذلك خفض دين أجهزة الموازنة العامة للدولة للناتج المحلي إلى 88%، وزيادة الفائض الأولى إلى 3.5%، وتبلغ قيمة المصروفات العامة 3.9 تريليون جنيه، فيما تبلغ الإيرادات العامة 2.6 تريليون جنيه.
وفي سبيل تحقيق ذلك عدلت استراتيجية التمويل وإدارة الديون لخفض الديون واحتياجات التمويل الإجمالية، من خلال عدد من الإجراءات من أهمها تحسين جودة التمويل المالي، من خلال زيادة حصة مصادر تمويل الموازنة الخارجية من قبل الدائنين الرسميين، ومن خلال خفض حساب السحب على المكشوف للحكومة في البنك المركزي المصري تدريجيًا إلى ما دون الحد القانوني، استمرار توجيه الفائض الأولي واستخدام جزء من حصيلة التخارج وبرنامج الطروحات الحكومية لزيادة إيرادات الموازنة لخفض حجم الاقتراض الحكومي.
توفير آلاف فرص العمل
يمتد تأثير صفقة رأس الحكمة إلى توفير آلاف فرص العمل للشباب سواء في إنشاء المدينة والمشروعات المرتبطة، والتي تمتد على مساحة تزيد عن 170 مليون متر مربع، وستضم مرافق السياحية ومنطقة حرة ومنطقة استثمارية، إلى جانب توفر المساحات السكنية والتجارية والترفيهية، أو من العمل في المشروعات الضخمة الجاري تنفيذها على طول الساحل الشمالي الغربي.
برنامج الإصلاح الاقتصادي
وساهمت صفقة رأس الحكمة، بشكل رئيسي في استكمال تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي، وزيادة القرض المقدم من الصندوق لمصر من 3 إلى 8 مليارات دولار، مما يعزز من ثقة المؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري، ويساهم في تحقيق معدلات نمو اقتصادي مستدام.
وتتضمن حزمة السياسات لبرنامج الإصلاح الاقتصادي: أولًا التحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن لتعزيز الصلابة في مواجهة الصدمات الخارجية وإعادة بناء الاحتياطيات الوقائية الخارجية، وثانيًا تنفيذ سياسة نقدية تهدف إلى تخفيض معدلات التضخم تدريجيًا تماشيًا مع أهداف البنك المركزي، وثالثًا الضبط المالي وإدارة الدين لضمان تراجع نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي، واحتواء إجمالي الاحتياجات التمويلية، مع زيادة الإنفاق الاجتماعي، وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الضعيفة، ورابعًا إدارة المشروعات الاستثمارية الوطنية بما يحقق استدامة المركز الخارجي، الاستقرار الاقتصادي، وخامسًا تبنى إصلاحات هيكلية واسعة لتسهيل تحقيق النمو بقيادة القطاع الخاص، وضمان المنافسة العادلة بين جميع الكيانات الاقتصادية، وتعزيز الحوكمة والشفافية في القطاع العام.
طرح مشروعات استثمارية ضخمة
يفتح نجاح نموذج صفقة رأس الحكمة، في طرح الحكومة 5 مناطق جديدة على ساحل البحر الأحمر على المستثمرين لإنشاء مدن تنموية متكاملة تضم مطار ومارينا وميناء للسياحة الدولية، وستكون من بين هذه المناطق منطقة رأس بناس، ورأس جميلة، ورأس محمد ومناطق أخرى.
ويتوقع أن تشهد المناطق المطروحة للاستثمار في إقبال ضخم من المستثمرين سواء المحليين أو الأجانب لإنشاء وجهات سياحية تسهم في استقطاب شريحة جديدة من السياح من مختلف دول العالم، ويعزز من تنافسية المقصد السياحي المصري مقارنة بالأسواق المجاورة، خاصة في ظل المزايا التنافسية التي تتميز بها المناطق المطروحة للتنمية، إضافة إلى الخطوات التي اتخذتها الدولة خلال الفترة الماضية لتحسين مناخ الاستثمار.