غواص بالغردقة يحذر: حادث السخنة لن يكون الأخير

حذر أحمد القاضي، أحد محترفي الغوص بمدينة الغردقة، من عدم الالتفات الجاد لمهنة الغوص التجاري التي وصفها بـ”العمل تحت الضغط والخطر الدائم”، مؤكدًا أن هذه المهنة لا تزال تعاني من الإهمال والتجاهل رغم حساسيتها العالية، وخطورة ظروفها، والتضحيات التي يقدمها العاملون بها يوميًا تحت سطح البحر.

ووجه القاضي نداءا مباشرا للجهات المعنية، قائلا: “الغواص مش بس عامل.. ده روح بتنزل تحت الميه عشان ينجز شغل، ولو حصل أي خطأ بسيط ممكن ما يطلعش تاني. إحنا مش بنطالب بمزايا، إحنا بنطالب بالحياة”.

تصريحات القاضي جاءت في أعقاب حادث وفاة اثنين من زملائه الغواصين بمدينة العين السخنة يوم 22 مايو الماضي، في ظروف لا تزال غامضة ومثيرة للقلق، ما اعتبره “حلقة جديدة من سلسلة الإهمال وسوء الإدارة التي تُحيط بمهنة الغوص”.

وأشار القاضي إلى أن الحادث لم يكن مفاجئًا، بل كان “قنبلة موقوتة انفجرت”، بعد سنوات من التجاوزات والقصور في إجراءات السلامة المهنية، والتقاعس عن متابعة صيانة المعدات وضواغط الهواء، مضيفًا: “كأننا كنا بنستنى يحصل كارثة عشان نتحرك”.

واستعرض القاضي عددًا من السيناريوهات المحتملة لوفاة الغواصين “حسن” و”محمد”، من بينها تسمم هوائي بسبب خلل في أسطوانات الأكسجين أو الفلاتر الخاصة بها، أو *الهواء الملوث داخل التانك* نتيجة لغياب الصيانة الدورية.

وأوضح أن الهواء الملوث ينتج عنه غاز أول أكسيد الكربون – وهو غاز سام لا لون له ولا رائحة – يؤدي إلى تشبع الجسم به على حساب الأكسجين في الدم مما يتسبب في تلف خطير بالأنسجة الحيوية، وقد يؤدي للوفاة في دقائق ، خصوصًا أثناء التنفس تحت الضغط في بيئة معزولة مثل تحت الماء.

كما أشار إلى إحتمال أن تكون ظروف الغوص تحت سفن عملاقة، مع انعدام الرؤية، وعدم وجود ضوء أو إشارات توجيه كافية، قد تسببت في حالة ذعر أو صدمة مفاجئة.

وانتقد القاضي ما وصفه بـ”الممارسات البدائية” لبعض الشركات التي تستبدل أسطوانات الهواء بخراطيم تمد من السطح إلى الغواصين، مما يعرضهم لخطر اختناق مباشر في حال انثناء أو انسداد الخرطوم.

كما حذر من خطورة إجراء لحامات بالقرب من مراوح السفن، ما قد يؤدي إلى سحب الغواص نحوها في لحظات، كما حدث في واقعة سابقة بُتر فيها ذراع أحد زملائهم. وطالب بضرورة تركيب أقفاص حديدية حول الرفاصات، وفحص معدات التنفس بشكل منتظم، والتشديد على الرقابة الفنية المستقلة.

وأشار القاضي إلى أن الحادث لم يكن الأول، حيث شهدت نفس الشركة وفاة غواص ثالث في حادث منفصل خلال أقل من شهر، ما يطرح تساؤلات خطيرة حول مدى التزامها بأبسط معايير السلامة، داعيًا إلى تحرك عاجل من الجهات المختصة.
دعوة عاجلة لإيقاف نشاط الشركة

وطالب القاضي في ختام تصريحاته بفتح تحقيق موسّع وشفاف في ملابسات الحادث، وتقديم كل من يثبت تقصيره إلى المحاسبة العادلة، كما شدد على ضرورة إيقاف العمل فورًا داخل الشركة محل الواقعة لحين انتهاء التحقيقات، حفاظًا على حياة الغواصين العاملين بها

After Content Post
You might also like