ناصر تركي يكتب: فوز العناني.. بين الاكتساح الدولي والإنجاز المصري

حقق الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار الأسبق، إنجازًا تاريخيًا بفوزه بمنصب المدير العام لمنظمة اليونسكو، ليصبح أول مصري وعربي يقود هذه المنظمة الدولية العريقة منذ تأسيسها.
هذا الانتصار لا يُحسب لشخص العناني وحده، بل يُجسد نجاح رؤية مصر الجديدة في إدارة الحملات الدولية بكفاءة واحترافية تمثلت في العناصر التالية:
أولاً: الاختيار الذكي للمرشح
على عكس المحاولات السابقة، جاء اختيار الدولة المصرية هذه المرة مدروسًا بدقة. فالدكتور خالد العناني يمتلك كل المقومات التي تبحث عنها الدول الأعضاء:
خلفية متخصصة وفريدة: فهو عالم مصريات بارز، جمع بين الجانب الأكاديمي والتطبيقي من خلال توليه حقيبتي الآثار والسياحة.
خبرة تنفيذية ودولية: خلال عمله كوزير، نسج شبكة علاقات مع نظرائه حول العالم، كما زار أكثر من 60 دولة لدعم حملته.
رؤية عصرية لليونسكو: قدّم تصورًا متكاملاً يربط بين التحديات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والتغير المناخي ودور المنظمة في مواجهتها.
ثانيًا: دعم مؤسسي غير مسبوق من الدولة
النجاح لم يكن ليحدث لولا الاصطفاف الوطني خلف المرشح المصري:
القيادة السياسية منحت الترشيح ثقلاً استراتيجيًا عزز من مصداقية العناني.
وزارة الخارجية لعبت الدور المحوري عبر حملة دبلوماسية واسعة وحشد التأييد العربي والإفريقي، مع اختراق بارع للدول الأوروبية والآسيوية.
تنسيق شامل بين أجهزة الدولة، عملت كلها كفريق واحد لضمان الفوز.
ثالثًا: حملة دبلوماسية متوازنة وفعالة
لم تعتمد الحملة على الدعم الإقليمي فقط، بل بنت تحالفات واسعة عبر العالم، ما مكن المرشح المصري من الفوز بأغلبية ساحقة في التصويت النهائي. هذا النجاح يثبت أن الحشد المبكر، وبناء الثقة على المستويات كافة، هو مفتاح النجاح في المنافسات الدولية.
الدرس المستفاد
لقد تقدمت مصر من قبل بمرشحين بارزين مثل فاروق حسني ومشيرة خطاب وإسماعيل سراج الدين، لكن غاب وقتها عنصر التخطيط الاستراتيجي واختيار الشخصية الأكثر توافقًا مع متطلبات المرحلة. أما هذه المرة، فقد اجتمعت الرؤية السليمة، والاختيار الصائب، والدعم الكامل، لتصنع نصرًا تاريخيًا لمصر والعالم العربي وأفريقيا.
إن فوز الدكتور خالد العناني ليس فقط إنجازًا شخصيًا أو وطنيًا، بل هو رسالة واضحة: عندما تتحد الرؤية والإرادة وتتوفر الكفاءة، تستطيع مصر أن تحجز مكانها الطبيعي في قيادة المؤسسات الدولية الكبرى.