مجلس الأعمال الكندي يبحث دور البنوك في دعم الشمول المالي والتنمية المستدامة

نظم مجلس الأعمال الكندي المصري (CEBC) بالتعاون مع مجلس الأعمال المصري للتعاون الدولي (ECIC) مؤتمراً موسعاً بعنوان “دور البنوك في تعزيز الشمول المالي وتحفيز التنمية الاقتصادية في مصر”، بمشاركة نخبة من قادة القطاع المالي والمصرفي، تأكيداً على الدور الحيوي للقطاع المصرفي في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق أهداف رؤية مصر 2030.
استعرض المؤتمر مكانة البنوك المصرية كقاطرة للتنمية ومحرك أساسي لجهود التحول الرقمي والشمول المالي، عبر جلسات نقاشية جمعت رؤساء البنوك الكبرى وخبراء الاقتصاد والتكنولوجيا المالية لبحث مستقبل العمل المصرفي في ظل التحولات العالمية والتكنولوجية المتسارعة.
وشارك في المؤتمر كل من الأستاذ محمد الإتربي رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري ورئيس اتحاد بنوك مصر واتحاد المصارف العربية، والأستاذ هشام عز العرب رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي (CIB)، والأستاذ وليد حسونة الرئيس التنفيذي لشركة ڤاليو (ValU)، إلى جانب عدد من القيادات المصرفية والمستثمرين وخبراء المال والأعمال.
في كلمته الافتتاحية، أكد المهندس معتز رسلان، رئيس مجلس الأعمال المصري الكندي، أن البنوك تمثل العمود الفقري للاقتصاد المصري وحجر الزاوية للاستقرار المالي، مشيراً إلى أن نسبة الشمول المالي للأفراد ارتفعت إلى 76.3% بنهاية يونيو الماضي بزيادة تفوق 214% مقارنة بعام 2016، بفضل انتشار الخدمات المالية الرقمية والمحافظ الإلكترونية. وأضاف أن التحول الرقمي لم يعد رفاهية بل أصبح ضرورة لضمان الاستدامة، وأن البنوك المصرية تجاوزت دورها التقليدي لتقود عملية التغيير وتواكب متطلبات المستقبل.
وأوضح رسلان أن الجهاز المصرفي رغم إنجازاته الكبيرة يواجه تحديات جديدة تتعلق بسرعة التطور التكنولوجي، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، مما يتطلب استمرار الابتكار وتحديث البنية التحتية الرقمية.
وتناول المؤتمر ثلاثة محاور رئيسية، شملت التحول الرقمي والتكنولوجيا المالية (Fintech)، وتمكين المشروعات الصغيرة والمتوسطة (MSMEs)، وتعزيز الثقافة المالية وحماية المستهلك، بما يدعم مستهدفات الدولة في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
من جانبه، أكد محمد الإتربي أن البنوك المصرية قطعت شوطاً كبيراً في مجال التحول الرقمي، موضحاً أن هناك مدرستين في هذا الاتجاه: الأولى تعتمد على إنشاء شركات رقمية مستقلة، والثانية على تأسيس شركات تابعة للبنوك لتقديم الخدمات الرقمية، وكلا النموذجين أثبت نجاحه في السوق المحلي.
وكشف الإتربي أن إجمالي مساهمات البنوك في صندوق دعم وتطوير الجهاز المصرفي بلغ نحو 11 مليار جنيه، ضمن رؤية يقودها البنك المركزي المصري لتحديث القطاع، ورفع كفاءة الكوادر البشرية، وتعزيز التحول الرقمي.
كما توقع انخفاض معدل التضخم إلى رقم أحادي بحلول عام 2027 مع استمرار الإصلاحات الاقتصادية وتحسن تدفقات النقد الأجنبي. وأشار إلى أن مؤشرات الأداء الاقتصادي شهدت تحسناً ملحوظاً خلال عامي 2024 و2025، حيث سجل معدل النمو 4.4%، وارتفع الاحتياطي النقدي إلى 49.5 مليار دولار، وبلغت الإيرادات الضريبية 2.2 تريليون جنيه بزيادة 36%، كما تراجع معدل التضخم إلى 11.7% بفضل السياسات النقدية الفاعلة.
وأوضح الإتربي أن استراتيجية البنك الأهلي المصري ترتكز على خمسة محاور رئيسية هي: التحول الرقمي، وتفعيل الذكاء الاصطناعي في الخدمات المصرفية، وتعزيز الشمول المالي، ودعم الاستدامة البيئية والمجتمعية، وتطوير رأس المال البشري. وكشف أن البنك ضخ تمويلات مستدامة بقيمة 428 مليار جنيه خلال الربع الثاني من 2025 لدعم مشروعات الاقتصاد الأخضر والبنية التحتية، كما بدأ في تطبيق نظام ESG Score لقياس الأداء البيئي والاجتماعي والحوكمة وفق المعايير الدولية.
من جانبه، أوضح وليد حسونة، الرئيس التنفيذي لشركة ڤاليو (ValU)، أن العلاقة بين شركته والبنوك المصرية تقوم على الشراكة والتكامل لا المنافسة، حيث تمول البنوك عمليات التقسيط وتشتري السندات التي تصدرها ڤاليو، مما يعكس نموذجاً تعاونياً فريداً في السوق المصري. وأضاف أن المستقبل يتجه نحو الخدمات المصرفية الرقمية، معتمداً على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات لفهم العملاء والتنبؤ بسلوكهم المالي، مؤكداً أن السوق المصري “منفتح على الابتكار والتجربة”.
أما هشام عز العرب، رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي (CIB)، فأكد أن استقرار القطاع المالي في مصر يعود إلى سياسات البنك المركزي المتوازنة، مشيراً إلى أن 75% من المخاطر التي تواجه البنوك ترتبط بالسياسات النقدية، في حين تتحمل الدولة نحو 25% فقط. وأوضح أن البنوك المصرية تشهد نمواً غير مسبوق في الإقراض، ما يعكس تعافي النشاط الاقتصادي وارتفاع ثقة الشركات في السوق.
وأشار عز العرب إلى أن البنوك تعمل حالياً على تطوير الخدمات الرقمية لتلبية احتياجات مختلف شرائح العملاء، وأن رخصة البنوك الرقمية التي أطلقها البنك المركزي تمثل نقلة نوعية في العمل المصرفي. كما لفت إلى الدور المتنامي لتحليل البيانات والذكاء الاصطناعي في اكتشاف مشكلات العملاء قبل وقوعها، مؤكداً أن القطاع المصرفي المصري يسير بثبات نحو التحول الرقمي الكامل رغم التحديات التنظيمية والفجوات التقنية التي يجب معالجتها.
واختُتم المؤتمر بالتأكيد على أهمية تعزيز التكامل بين البنوك والقطاع غير المصرفي، وتسريع وتيرة التحول الرقمي والابتكار في الخدمات المالية، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم رؤية مصر للتحول إلى اقتصاد رقمي شامل.
ويُذكر أن مجلس الأعمال الكندي المصري (CEBC) ومجلس الأعمال المصري للتعاون الدولي (ECIC) يُعدان من أبرز الكيانات الاقتصادية الداعمة لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية لمصر على المستويين الإقليمي والدولي، من خلال تنظيم المؤتمرات والمبادرات التي تسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص