مصر استعدت والعالم يترقب.. الصحافة الدولية تتحدث عن افتتاح “المتحف المصري الكبير”
ترقب وشغف وإثارة وانبهار.. تعبر بهما في هذه الأثناء سحابة مصرية على العالم أجمع، تكونت من عبق تاريخ عريق وحضارة هي الأقدم على وجه الأرض، ومفاجآت لا تقوى كافة دول الكوكب على مجاراتها أو حتى نسخها.. المتحف المصري جاء ليشع بنور الثقافة والحضارة وسط ظلمات الحروب والصراعات، ويمنح السياحة الدولية أملا جديدا في رحلة لا تخلو من الانبهار والمتعة التي ليس لها مثيل.. فهنا سترى ما لن تراه في أي مكان، خلال جولة داخل أكبر وأفخم متاحف العالم، على أرض مصرية، وبكنوز المصريين القدماء، والذي سيكون متاحا لاستقبال زائريه عقب افتتاحه السبت 1 نوفمبر 2025.

وتهتم صحف العالم بمتابعة الحدث، استجابة لشغف غير مسبوق من الشعوب، ولإشباع النهم الدولي في معرفة ما أعدته مصر لزائريها، وما سيكشف عنه المتحف المصري الكبير.. وفي صدارة موقعها كتبت صحيفة “دويتشه فيله” الألمانية تقريرا قالت فيه كلمات لم يسبق لحدث عالمي أن حظى بها.
دويتشه فيله: ستكون “ليلة لا تُنسى”
قالت الصحيفة الألمانية العريقة: “خارج القاهرة مباشرةً، بجوار أهرامات الجيزة الشهيرة، ترتفع واجهة ضخمة من الزجاج والحجر الرملي الفاتح من الصحراء، وخلف هذه الواجهة التي يبلغ طولها حوالي 800 متر، تم إنشاء تكريم حقيقي للتاريخ.. وقد اكتمل بناء المتحف المصري الكبير (GEM)، وهو المشروع الثقافي الأكثر طموحًا في مصر، ويحتفل الآن بافتتاحه الكامل بعد سنوات من الانتظار”.
وتابعت: “صممته شركة Heneghan Peng Architects الأيرلندية، ونفذه المصريون، ويغطي المبنى المهيب بالقرب من القاهرة حوالي 500000 متر مربع، أي ما يعادل حوالي 70 ملعبًا لكرة القدم، ويحتوي على مساحة كافية لأكثر من 100000 قطعة أثرية تمثل سبعة آلاف عام من التاريخ المصري، بما في ذلك الآثار الفرعونية واليونانية والرومانية.. أبرز ما في المعرض الدائم هو المجموعة الكاملة للفرعون الصغير ساحر الذهب (توت عنخ آمون)، والتي تضم أكثر من 5000 قطعة أثرية والقناع الجنائزي الذهبي الأسطوري، كما تضم المجموعة أيضًا قارب الفرعون خوفو الجنائزي، الذي يبلغ طوله 42 مترًا وعمره أكثر من 4000 عام، والمعروف أيضًا باسم سفينة خوفو”.
وتقول الصحيفة: “تحتوي المعارض الرئيسية على أقسام موضوعية مختلفة تتعلق بالملكية والمجتمع والدين، أما القطع المركزية للمتحف فهي درج مهيب يمتد عبر جميع الطوابق وردهة بها تمثال للفرعون رمسيس الثاني بارتفاع 11 مترًا جالسًا على عرشه.. وفي مراحل التخطيط منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تأخر البناء عدة مرات، وشملت الأسباب جائحة فيروس كورونا والتوترات السياسية في الشرق الأوسط، منذ أكتوبر 2024، وقد كان المتحف في مرحلة “الافتتاح التجريبي”، حيث تمكن الزوار من مشاهدة مناطق مختارة وحجز جولات خاصة”.

وأضافت: “يقترب الآن افتتاح المتحف بالكامل، ويأمل رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن يحضر العديد من رؤساء الدول والحكومات الدولية حفل الافتتاح في الأول من نوفمبر، ووعد وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي بأنها ستكون “ليلة لا تُنسى”.. أما قائمة الضيوف فتتكون من المشاهير العالميين من السياسة والثقافة وصناعة الترفيه طويلة، كما أعلن الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير عن حضوره”.
وسيتضمن الافتتاح موكبًا رائعًا من المشاعل، سيتم خلاله نقل الاكتشافات الشهيرة من مقبرة توت عنخ آمون من المتحف القديم في ميدان التحرير في القاهرة إلى المتحف الجديد.
ما يميز المعرض هو كسره لأساليب العرض القديمة، فقد أوضح عالم الآثار مجدي شاكر في صحيفة ديلي صباح التركية اليومية: “في الماضي، كانت تُعرض قطع أثرية من الممالك القديمة والوسطى والحديثة بشكل منفصل، أما الآن، فيُعرض كل موضوع في سرد بانورامي. كل قطعة في المتحف المصري الكبير تتبع قصة فريدة، مما يُقدم منظورًا جديدًا حتى للقطع المألوفة مما يجعله تجربة غير مسبوقة”.
يهدف المفهوم الجديد إلى منح الزوار فهمًا للصورة الأكبر بدلاً من التركيز على القطع الفردية – حيث تُروى قصص القوة والحياة اليومية والمعتقدات عبر السلالات.
لن يخلق المتحف المصري الكبير فرصًا جديدة للسياحة فحسب – حيث من المتوقع أن يزوره ما بين خمسة إلى ثمانية ملايين شخص سنويًا – ولكن أيضًا للعلوم، فهو يحتوي على واحدة من أحدث مرافق الترميم في العالم ومركز أبحاث يضم مختبرات متخصصة للمومياوات والخشب والمعادن والحجر.
وفي ضوء أزمة المناخ، أخذ تصميم المبنى في الاعتبار الاعتبارات البيئية الصارمة: فهو يتميز بالتبريد السلبي والإضاءة المُحسّنة وإعادة التدوير، فمن المتوقع أن يستهلك المجمع طاقة أقل بنسبة تصل إلى 60% ومياه أقل بنسبة 34% مقارنةً بالمباني التقليدية المماثلة في الحجم. ويضم محطة طاقة شمسية خاصة به، وسقفًا عاكسًا، ومظلات شمسية خارجية. ويتيح تصميم المبنى استخدام الرياح للتبريد الطبيعي. وفي عام 2024، حصل على شهادة EDGE للمباني الخضراء المتقدمة لتصميم وبناء المباني المستدامة.
نيوزويك الأمريكية: طموح لاستعادة مكانة مصر السياحية
وفي تقريرها عن المتحف، نقلت صحيفة نيوزويك الأمريكية، تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي قال فيها: “المتحف المصري الكبير يعتبر معلمًا وطنيًا يهدف إلى عرض تراث مصر على الساحة العالمية، وخاصة تراث مصر القديمة، الذي أسر العالم لقرون، بمجموعات ضخمة من العصر الفرعوني تم عرضها في مؤسسات مثل متحف اللوفر في باريس، والمتحف البريطاني في لندن، ومتحف متروبوليتان للفنون في نيويورك وغيرها، كما يُمثل المتحف الكبير نقلة نوعية في عالم المتاحف، ليس فقط في مصر، بل في العالم، لأنه أكبر متحف لحضارة واحدة، وهي الحضارة الفرعونية”.

وكتبت الصحيفة: “ومن أهم مقتنيات المتحف مجموعة توت عنخ آمون، التي تضم كرسيه الاحتفالي ومقبرته الكانوبية المذهبة، من بين 100 ألف قطعة أثرية من الحضارة المصرية القديمة التي تمتد عبر العصور الفرعونية واليونانية والرومانية، ويقع المتحف بجوار أهرامات الجيزة، ويمتد على مساحة 500 ألف متر مربع، كما أن القطع الأثرية لا تُعرض بطريقة تقليدية خلف الزجاج، بل في عرض متكامل يجمع بين التقنيات الرقمية والوسائط التفاعلية”.
يُؤكد هذا المتحف، كجزء من إعادة تطوير أوسع للهضبة، طموح الدولة لاستعادة مكانتها السياحية، بعد سنوات من النكسات السياسية والاقتصادية، وأطلقت الحكومة المصرية خطة تنمية حضرية لتطوير المنطقة المحيطة بالموقع.
تركيا اليوم: حدثا عالميا يُسجل في سجلات التاريخ الحديث
صحيفة “تركيا اليوم” الرسمية الصادرة في أنقرة، قالت: “قبل افتتاح المتحف المصري الكبير تم إضافة 15,000 قطعة أثرية جديدة، لم تُعرض من قبل، إلى معارض المتحف عند افتتاحه، فدور المتحف لا يقتصر على العرض فحسب، بل يمتد إلى كونه مركزًا بحثيًا وتعليميًا دوليًا، وسوف يوفر ذلك للعلماء فرصًا لدراسة هذه الكنوز وكشف أسرار الحضارة المصرية القديمة، مما يعزز مكانة مصر على خريطة السياحة الثقافية العالمية”.
وتابعت: “المتحف المصري الكبير هو الأكبر من نوعه في العالم، إذ يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، بعضها معروف للعامة والبعض الآخر لم يُعرض من قبل، كما أن القطع المضافة حديثًا تشمل تماثيل وأدوات يومية ومومياوات ومتعلقات ملكية تعكس التطور الفني والثقافي للمصريين القدماء على مر العصور، وذلك بهدف تقديم تجربة شاملة للزائرين تجمع بين المتعة التعليمية والتاريخية، تتيح لهم التعمق في الحياة اليومية للفراعنة وثراء الحضارة المصرية”.

وأضافت: “افتتاح المتحف سيكون حدثًا عالميًا يُسجل في سجلات التاريخ المصري الحديث، ويذكر أن أقدم قطعة أثرية معروضة بالمتحف هي فأس حجري يعود تاريخه إلى حوالي 700 ألف عام، والتي تم اكتشافها في منطقة العباسية، وتم تأريخها من خلال طبقات رواسب النيل.. المصريون القدماء استخدموا الفأس كأداة أساسية في حياتهم اليومية لصيد الحيوانات والأسماك، وكذلك لقطع العشب”.
