“الفحم”.. رحلة صناعة “الذهب الأسود”
“لا تأكل خبزك إلا من كد يمينك وعرق جبينك”، بهذه المقولة يشق طه الحطاب (60) عامًا صباحه إلى العمل في صناعة “الذهب الأسود”، متهيئا بأدواته الخاصة في تقطيع الخشب، ليبدأ يومه بالعمل والمثابرة والعطاء في تلك المهنة الشاقة والصعبة.
ويقول الحطاب ، أن صناعة الفحم بقطاع غزة تأثرت جراء قلة الحطب في قطاع غزة الصالح لعمل الفحم، بسبب تجريف قوات الاحتلال الإسرائيلي لمساحات شاسعة من المزارع، إلى جانب استيراد الفحم المستورد “الفحم المصري” إلى قطاع غزة.
ويضيف الحطاب أن الفحم المحلي يتميز عن غيره من الفحم من ناحية الجودة بالقوة وأنه يشتعل بصورة أكبر عن المنتجات المستوردة، فضلا أنه خالي من الشوائب والأتربة، مشيرا إلى أن مصنعه ينتج من 80 الى 90 طن من الفحم سنويا.
ويذكر الحطاب عن أصالة المهنة: “لقد توارثنا مهنة الحطابة والتفحيم أب عن جد، حيث كان والدي الحاج علي الحطاب الذي حافظ على تلك المهنة التي توارثها عن أجداده من مدينة يافا، وعمل طوال فترة حياته فيها، نقلها لنا”.
وخلال موسم الشتاء والعطلة يرتفع الطلب على الفحم للتدفئة وإعداد الطعام ولمحلات المشاوي، وغيرها من الاستخدامات.
وعن مراحل تصنيع الفحم، يوضح إنه يتم جمع الحطب عن طريق شراء مئات الكيلوات من أخشاب الأشجار، والتي تصلح خصيصا لصناعة الفحم، وهمها أخشاب الحمضيات.
ويضيف الحطاب لـ”فلسطين اليوم”، انه يتم، جمع الأخشاب ومن ثم وضعها في تجويف بالأرض ومن ثم ترتيب الأخشاب بشكل “هرمي” بشكل لا يسمح إلى دخول الأوكسجين إليه، وبعد ذلك يتم طمر الفحم بالرمال والقش.
ويتابع: يتم الشروع في مرحلة “الحرق والتسخين” عن طريق فتح فتحة صغيرة وإشعال الحطب داخل الكومة بشكل بسيط ومن ثم يبدأ الحطب بتآكل تدريجياً، مشيرا إلى هذه المرحلة تستغرق عدة أيام حسب نوع الحطب، كما يجب متابعتها خوفاً من إشعال الكومة بشكل كبير، ما يهدد نجاح عملية تصنيع الفحم.
ويوضّح قائلا: “بعد أن يتحول الخشب إلى فحم يتم تتم عملية فرز الفحم عن الرمال والأتربة والأوساخ والقش وإزالة الفحم الصغير”.
وحول خطورة العمل في مفاحم، يقول أنه قد تنشب حرائق وفساد عملية التصنيع، وإصابة بعض العمال بالاختناقات، كما انها تحتاج خبرة كبيرة لتفادي أي مخاطر قد نواجهها.
ويختم الحطاب، ثم تأتي عملية تجهيز الفحم في أكياس خاصة وتوزيعها على مراكز البيع للمستهلك”.
ويستهلك قطاع غزة من الفحم المحلي يقدر بألاف الأطنان سنويا، حيث تتوزع مصانع الفحم على الحدود الشرقية للقطاع، بيدّ أنها تعاني من المعيقات والمشاكل بسبب الحصار “الإسرائيلي” على قطاع غزة وعدم السماح لتصديره للخارج.