مصباح قطب يكتب: اسرار الهيكلة المدبولية

 

ظهر مؤتمر الإصلاح الهيكلى، الثلاثاء الماضى، على حين غرة ، وبعد إشارة عابرة من وزارة التخطيط، ودعوة الصحفيين بالحاح غير معهود لحضوره، وقد كانوا بعيدين عن مجلس الوزراء لأشهر بحجة كورونا. تابعت المواقع الحدث لحظيا بتوسع غير عادى بما يشى أيضا بوجود اتفاق بالتركيز عليه.

الدكتور مدبولى رئيس مجلس الوزراء، رجل على علم وخلق رفيعين، وسيعرف قيمته يوما ما الذين يتعاملون بعفيجية، او يستغلون طيبته ونقاءه.

فى المقابل نحن شعب شكاك بالفطرة و المثل يقول قليل من الشك يصلح المعدة، وبعض سوء الظن من حسن الفطن. فما هى حكاية الإصلاح الهيكلى المدبولية هذه؟.

برنامج الإصلاح الاقتصادى مع البنك وصندوق النقد الدوليين، الذى بدأ فى ٢٠١٦ وانتهى ٢٠١٩ تشكل اصلا من ثلاث مكونات هى الإصلاح المالى والنقدي ، والاصلاح الهيكلي ،والحماية الاجتماعية. (فى الحماية كان قد تطرق إلى قصة الحضانات وقد لاحظنا اهتمام السيد الرئيس بها مؤخرا) .

مدبولي: برامج الحماية الاجتماعية مكنت الدولة من الصمود في المرحلة الأولى للإصلاح الاقتصادي

المهم أن المؤتمر الاخير الذى أقيم و استمر ساعات ، أراد افهامنا أن ما قمنا به فيما مضى كان الإصلاح الاقتصادى وان هذه هى مرحلة الإصلاح الهيكلي ، على الرغم من انه تم عمل بعض الإصلاحات الهيكلية بالفعل. ليه كده؟ حتى لا يسأل أحد وماذا كانت نتائج الإصلاح الهيكلى فى الفترة الماضية؟ وهل ارتاح الناس من هم التعقيد والرشاوى والذل فى مكاتب الببروقراطية المرقمنة ام لا .

المهم هو أن عقد المؤتمر وتعلية نغمة الإصلاح الهيكلى دون حتى تعريف الناس بمعنى الهيكلى ، ودعوة أجانب منهم ممثلين للمؤسسات الدولية للحضور، يجعلك تدرك وحدك ان وراء كل ذلك ” إنة ” اضيف ال ما أدركته انت ما يلى:

أن صندوق النقد ومؤسسات التمويل الدولية وجهات شبيهة غير راضية عن مستوى التزام الحكومة بتعهداتها حين حصلت على قرض الاستعداد الائتمانى الاخير عقب كورونا ، وقد طلب الصندوق بالتحديد وطبقا للمنشور على موقعه نشر تقارير مالية مفصلة عن كافة الشركات المملوكة للدولة ، و اعلان قواعد المحاسبة المطبقة بها، وتعديل قانون حماية المنافسة بما يسمح وبالنص ب (كبح السلوك الاقتصادى غير التنافسي)، ومعناها بالبلدى كبح منافسة شركات الدولة للقطاع الخاص.

طلب الصندوق كذلك نشر بيانات العقود الممولة من المال العام و وخطط المشتريات الحكومية واسماء ملاك الشركات المستفيدة منها. وقال الصندوق ميت مرة أنه يريد مشاركة أوسع للقطاع الخاص وضمان المنافسة العادلة بينه وبين الشركات الحكومية ، ولأن معظم هذا لم يحدث بل وفوجىء الصندوق بأن استثمارات القطاع الخاص، طبقا للخطة الجديدة ٢٥ ٪ فى العام المالى المقبل وهى نسبة ضعيفة جدا وقد لا نصل إليها فى التنفيذ الفعلى .

ولأن الحكومة لم تنفذ أيضا الخصخصة التى وعدت بها ( والعذر الذى قالته منطقى فاوضاع البورصة لا تسمح فعلا)، فلكل ذلك ظهر فجأة مؤتمر الإصلاح الهيكلى، لتقديم تطمينات للصندوق وشركاء التنمية بأننا سنلتزم بتعهداتنا وأننا ماضون على الطريق.

صندوق النقد الدولي يتوقع نمو اقتصاد السلطنة بنسبة 4ر7بالمائة العام المقبل

الإصلاح الهيكلى ببساطة هو إعادة نظر فى التشريعات والسياسات الحاكمة لعمل كل مؤسسة، وإلاجراءات وخطوات التنفيذ والأدوار فى جهات اساسية كالجمارك والضرائب والمستشفيات والمحاكم، وهيئة التنمية الصناعية مثلا، بغرض تطويرها ورفع كفاءتها وتيسير تعاملات الإفراد و الشركات معها، و مساءلتها على النتائج وعند التقصير.

وعندما نقرن الهيكلى بكلمة الحوكمة فإننا نعنى أن تكون قواعد العمل فى كل مؤسسة واضحة للجميع ومتوافق عليها، وتم تدريب العاملين على كل خطوة، والحساب فيها على الأخطاء ليس انتقائيا اى يخضع له الجميع، وانه توجد بكل مؤسسة جهة لها صلاحيات بحث شكاوى الناس وحلها دون واسطة أو ضغط أو تحايل. ( الدكتور مدبولى فضل عمل وحدة شكاوى محترمة بمجلس الوزراء) .

لكن يجب أن يعرف المواطن أن صندوق النقد لا يسهر الليالى يفكر بمتاعبنا فى المرور والمحاكم والاحياء والإدارات التعليمية ومع النظافة والرسوم وغيرها فالصندوق يريد إصلاحا هيكيلا ماليا بالأساس، يضمن به أن الدولة ستحقق فائضا أوليا مناسبا فى الموازنة، و مستوى من الاحتياطيات، يسمحان بأن تسدد ديونها بيسر ، والباقي لا يشغله حقا ولو تحدث عنه كثيرا .

ايضا فالصندوق الذى يطالب بتقوية دور القطاع الخاص لا يشغله أيضا أى قطاع خاص وهل هو منتج لسلع وخدمات ذات قيمة مضافة حقيقية، ومبتكر، ويعمل بشفافية و يلتزم بالقوانين ام لا. فالمهم عند الصندوق بيع مجموعة من الأصول العامة للقطاع الخاص لضمان وجود فلوس كافية باستمرار لسداد الديون .

معنى كلامى أن همومنا الفعلية لن يحلها الا نحن وتطلعاتنا للتقدم والحياة الآدمية.، لن ينجزها الا نحن، وهذا ما يجب أن يوليه الدكتور مدبولى عنايته بدلا عن المؤتمرات الشكلية التي لا تقدم وان تؤخر.

لو أردنا عمل اصلاح هيكلى فعلا فليجلس من لم يحضروا امس : وزراء الداخلية والعدل والصحة والتعليم والتنمية المحلية على المنصة ومعهم الدكتور صالح الشيخ رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، وممثلو هيئتى المحتمعات العمرانية والتنمية الصناعية ، ويناقشوا مشاكلنا وحلولها علنا، أما الصندوق فيمكن لخبراء “توضيب” استراتيجيات مثل الأستاذ والصديق خالد نوفل مساعد وزير المالية، أن يتعاملوا معه، هم و محترفو التدبيج الآخرين الذين يشغلون قيادة وحدات الشفافية والنزاهة والحوكمة والتخطيط الاستراتيجي، و المراجعة الداخلية ، فى المواقع الحكومية .

وبالمناسبة يا سعادة رئيس الوزراء اين الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد . رمضان كريم .

After Content Post
You might also like