مهرجان أسطوري لموكب نقل المومياوات الملكية
رغم التحديات التي فرضتها الجائحة الوبائية العالمية على جميع أنشطة الإنسانية، وقف القطاع السياحى المصرى شامخا يتباهى بإنجازاته التي قدمها في كشف حساب عن عام 2020، والذى شارف على الوداع بأحداثه العصيبة التي كابدها البشر في مختلف الأنحاء.
ذلك كان موضوع حوار «المصرى اليوم» مع الدكتور خالد العنانى، وزير السياحة والآثار، مستعرضا فيه جهود الحكومة المدعومة من القيادة السياسية لتخفيف الآثار السلبية للأزمة، حفاظا على القطاع السياحى والعمالة فيه، وإعادة تأهيل المواقع الأثرية استعدادا لاستقبال زوارها بعد عبور المحنة، إضافة إلى الحديث عن افتتاح متحف الحضارة ومراسم نقل المومياوات الملكية، مؤكدًا أنه سيكون حدثًا عالمياً، وإلى نص الحوار:
■ حدثنا في البداية عن صورة السياحة الوافدة ونحن في قلب الأزمة؟
– رغم قيود السفر إلا أن مصر استقبلت أكثر من 3 ملايين سائح أجنبى خلال العام الجارى، ويتضح معدل التدفقات من خلال رصد ثلاث مراحل أولها قبل انتشار فيروس كورونا وإعلان قيود السفر العالمية، وكان ذلك في الفترة التي وفد فيها إلى مصر نحو 20 مليون سائح، بينما كانت المرحلة الثانية مقيدة بحظر السفر العالمى من منتصف مارس وحتى نهاية يونيو، ورغم ذلك استقبلت مصر نحو 400 ألف سائح في إطار الضوابط الاحترازية التي تتوافق مع المعايير العالمية، أما المرحلة الثالثة والتى بدأت مع استئناف حركة السياحة أول يوليو، فقد وفد منها إلى مصر حتى الآن نحو مليون سائح، وهى الأعداد التي ساهمت في تحقيق مكاسب للقطاع السياحى قدرت بنحو ٤ مليارات دولار تقريبا، وهذا يرجع إلى جهود التنسيق والتنشيط بالتعاون مع مؤسسات الدولة، ما أسفر عن نجاحنا في ظل هذه الظروف الاستثنائية في إحراز رضا حكومات الدول الموفدة للسياحة لمصر عن الخدمات التي قدمت لرعاياها حتى عودتهم سالمين إلى أوطانهم.
■ تعددت الإنجازات ولكن يظل هناك ما تعتبره الأكثر أهمية.. فما هو؟
– يأتى على رأس الإنجازات خلال عام 2020 الانتهاء من قوانين مهمة منها ما صدر فعلا، ومنها ما يوشك على الصدور فور بدء انعقاد مجلس النواب الجديد، فضلا عن اتخاذنا العديد من القرارات المعنية بتنظيم العمل الأثرى والسياحى على أرض مصر بمشاركة كاملة للقطاع الخاص.
■ ما هي القوانين التي صدرت فعلا؟
– ثلاثة قوانين منها ما يخص المتحف المصرى الكبير ومتحف الحضارة فضلا عن تعديل قانون الاستيلاء على الآثار وتسلقها دون تراخيص، كما تم تعديل المادة الخاصة باتحاد المالكين بقانون المنشآت السياحية.
■ وما هي التشريعات التي انتهت مناقشاتها وتوشك على الصدور؟
– تمت الموافقة على قانون السياحة والآثار من قبل كل من مجلس الوزراء واللجان المختصة بمجلس النواب ومن المقرر عرضه على الجلسة العامة فور انعقاد المجلس، ويتضمن حظر استخدام كلمة «سياحى» في توصيف النشاط دون الحصول على تراخيص من الوزارة وفق معايير محددة تضمن توافر شروط كفاءة تقديم الخدمة. كما تتضمن فقرة تجيز اعتبار أماكن بأكملها مناطق سياحية يخضع كل ما فيها لذات الشروط والمعايير مثل المماشى السياحية تجنبا للمشاكل وضمانا لكفاءة الخدمات المقدمة. كما يشمل تطبيق القانون كافة الكيانات التي لم تدرج فيه من قبل مثل الدهبيات وفض الاشتباك مع المحليات في الإشراف عليها وعلى كل ما يتصل بالمرفق السياحى فضلا عن توحيد التعامل مع الجهات التي يتعامل معها المستثمر السياحى والتى يبلغ عددها نحو 27 جهة لتصبح جهة واحدة هي وزارة السياحة واللجنة الوزارية المختصة مع تحديد إطار زمنى لمنح الموافقات اللازمة، وتلك اللجنة الوزارية تشكلت بداية العام الجارى بقرار من رئيس الوزراء وبرئاسته وهى المعنية بسرعة إنجاز المهام الموكلة إليها وإزالة كافة المعوقات التي تعترض العمل في مجال السياحة والآثار.
■ كيف ساهمت القوانين والإجراءات التي اتخذتها الحكومة في تخفيف آثار كورونا على القطاع السياحى؟
– إن إصدار الحكومة لقانون 23 و24 المعنىّ بعلاج آثار أزمة كوفيد 19 أوقف مؤقتا إجراءات تقدم وزارة السياحة بمشروع قانون خاص بإنشاء صندوق دعم العاملين في القطاع السياحى خلال الأزمات، لعدم إضافة أعباء مادية جديدة على المستثمرين وأصحاب المنشآت، ومن ناحية أخرى فإن القانون 23 و24 منح مكاسب كبيرة للقطاع السياحى والعاملين فيه منها تأجيل التزامات التأمينات الاجتماعية والضرائب العامة والعقارية وسداد فواتير المرافق.
■ بعيدا عن التشريعات ما هي أهم الإجراءات التي اتخذتها خلال العام المنصرم وتعتقد أنها ضرورية؟
– عام 2020 شهد ولأول مرة تنظيم الهيكل الإدارى لوزارة السياحة والهيئات التابعة لها بما في ذلك اعتماد الخطة الاستثمارية للهيئة العامة للتنمية السياحية، وهو ما منحها صلاحية طرح أراض للاستثمار لأول مرة منذ عام 2016 بينما تضمنت إعادة هيكلة الإدارة بالوزارة نظاما لمنع ازدواجية العمل في القطاعات وهو ما اعتمده الجهاز المركزى للتنظيم والإدراة وما يتبع ذلك من تنظيم وظيفى بعد مراجعة مكتب الخبرة الدولى المتخصص في هذا الشأن الذي أسندت إليه الحكومة هذه المهمة، وبذلك تكون وزارة السياحة هي أولى مؤسسات الدولة التي أتمت استعداداتها للانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة بهذه الصورة.
■ هل هناك ما يمكن اعتباره تصحيحا لأوضاع خاطئة استمرت خلال الفترة الماضية؟
– نعم اهتمت الوزارة بتحصيل الجزء الأكبر من مستحقات الدولة، والتى قدرت بـ108 ملايين جنيه من غرفة شركات السياحة و36 مليون جنيه من صندوق الحج والعمرة، وجار العمل على تحصيل نحو 18 مليون دولار خلال الفترة القادمة.. بينما تأسست وحدة جديدة لجمع بيانات العاملين وإحصاء وإدراج الشركات السياحية والمرشدين السياحيين في قوائم خاصة وذلك بالتنسيق مع الغرف تجنبا لازدواجية المعلومات والأرقام لدى جهات الدولة، وهو ما كشفته أزمة كورونا حيث تبين أن مستندات هيئة التأمينات الاجتماعية لا تحتوى إلا على 243 ألف عامل بينما يقترب الرقم الحقيقى من المليون عامل حسب مستندات وزارة السياحة وجهاز التعبئة العامة والإحصاء.
■ بماذا تصف الدعم الذي قدمته القيادة السياسية للقطاع السياحى المصرى خلال أزمة كورونا؟
– توجيهات القيادة السياسية كانت قوية وواضحة لتحفيز القطاع السياحى على الصمود من خلال حزمة قرارات تضمنت مبادرة البنك المركزى بتخصيص 50 مليار جنيه لدعم القطاع الخاص رغم الصعوبات الاقتصادية، بينما تدخلت وزارة المالية لضمان المستثمرين السياحيين المتعثرين لأول مرة بمبلغ ثلاثة مليارات جنيه، كما تم وقف إجراءات الحجز الإدارى حتى نهاية العام حسب قرار رئيس مجلس الوزراء، وجار التنسيق في هذا الشأن مع اقتراب نهاية المدة ومراعاة أنه في حال البدء بسداد الالتزامات يتم ذلك وفق جدولة ودون حساب فوائد عن مدد التأخير، وفى 4 مارس تم مد المهلة الممنوحة لكل مشروعات التنمية السياحية في مصر وحتى مارس 2021 على أن يعاد تقييم الموقف منتصف العام القادم لتحرى الشكوك والاتهامات الموجهة للبعض بتسقيع الأراضى.
كما تم تأجيل العمل بكود الحماية المدنية حتى أغسطس وتم تأجيله مرة أخرى لمدة 6 أشهر إضافية، وأتممنا عمل كود حماية مدنية «شيك ليست» واعتمدناه في اللجنة الدائمة للتراخيص، ومن جانب آخر دعمنا الزبائن وبقرار لأول مرة يعفى الوافدين من الحصول على التأشيرة السياحية للقادمين إلى كل من جنوب سيناء والبحر الأحمر والأقصر وأسوان حتى 30 إبريل المقبل، مما ساهم في حصد مكاسب تجاوزت 3 مليارات دولار حتى الآن، وتقرر لأول مرة منح التأشيرة الاضطرارية لدخول الأراضى المصرية بداية من 15 ديسمبر الجارى لحاملى تأشيرة الشنجن والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وإضافة جنسيات 27 دولة إلى القائمة المصرح لمواطنيها بالحصول على تأشيرة من هذا النوع ليصل العدد إلى 73 دولة لأول مرة ومدى الحياة، وتخفيض قيمة التأشيرة من 25 إلى 15 دولارا فقط للوافدين القاصدين مدن الصعيد خلال شهور الصيف، فضلا عن تخفيض 50% على تذاكر دخول المتاحف والمواقع الأثرية فيها وتخفيض 20% لزبائن مصر للطيران القادمين على خطوط أير كايرو لزيارة كل آثار مصر، وشمل الخصم المصريين أيضا كما تم تأجيل رفع قيم تذاكر زيارة الآثار حتى مايو من العام المقبل، مع احتمال استمراره لفترة أخرى وفتح منافذ بيع بالغردقة لـ«الأوفرداى» تجنبا للزحام وإعفاء كل الكافتيريات والبازارات والآثار من الإيجارات حتى نهاية العام وساوينا بين المصريين والوافدين.
بينما استمرت وزارة الطيران في تسيير رحلات ما بين مدينتى شرم الشيخ والأقصر رغم انخفاض أعداد الركاب، وخفضت وزارة البترول قيمة وقود الطائرات بنحو 10 سنتات، وقامت وزارتا التضامن والبيئة بتأجيل الحصول على مستحقاتها وجار التنسيق معهم دوريا.. وعقدنا بروتوكولا مهما مع وزارة الاتصالات في نوفمبر الماضى للرقمنة يتضمن تقديم الخدمات عبر كارت ممغنط لتجنب دفع قيم التذاكر في المواقع الأثرية والمتاحف وحفاظا على الوقت وتجنبا للزحام وللاحتراز الوقائى ومن المقرر العمل بذلك في عامة المواقع الأثرية بنهاية يونيو المقبل.
■ الإجراءات الاحترازية لم تعرقل الافتتاحات المتحفية والأثرية مثلما أثرت سلبيا على السياحة، كيف تفسر ذلك؟
– تم افتتاح جامع الفتح بعابدين والمعبداليهودى بالإسكندرية في العاشر من يناير الماضى وافتتاح متحف الغردقة في 29 فبراير وافتتاح هرم زوسر وهو أول هرم يعاد ترميمه في 5 مارس، بينما تم افتتاح قصر البارون بمصر الجديدة في 29 يونيو وافتتاح متاحف شرم الشيخ وكفر الشيخ والمركبات الملكية وأول مطعم صديق للبيئة بالأهرامات في 30 أكتوبر، ونستعد لافتتاح متحف المطار آخر ديسمبر الجارى، كما نعد للمهرجان الأسطورى لمواكب نقل المومياوات الملكية وافتتاح متحف الحضارة ومتحف العاصمة الإدارية الرائع بينما اعتمدنا في مارس الماضى 41 مليون جنيه لمسار العائلة المقدسة في 8 محافظات وأوشكت أعمال البنية الأساسية فيه على الانتهاء استعدادا لاستقبال زواره في إطار طقوس الحج المسيحى.
كل هذا لا يمثل اهتماما بالآثار على حساب السياحة بل ترجع كثرة الافتتاحات الأثرية خلال عام 2020، إلى أن العمل بدأ في هذه المشروعات قبل 4 أعوام وتصادف انتهاء الاستعدادات واكتمال عناصر افتتاحها خلال العام الجارى.
■ هل كانت هناك جهود لترويج السياحة؟ وماهى نتائجها؟
– بذلنا كل جهد ممكن للترويج السياحى رغم قيود السفر العالمية وذلك من خلال زيارة العديد من الدول الأجنبية منها أرمينيا وجورجيا وبولندا وألمانيا وبيلاروسيا واليونان، فضلا عن دولة التشيك التي أعرب رئيس وزرائها عن حبه لمصر وقرر على الفور الاجتماع بوزيرى الصحة والخارجية لديه للسماح بتوجه مواطنيه إلى مصر استثناء من قرار منع السفر الصادر جراء أزمة كورونا لديهم، أما أوكرانيا فاحتفت بكونى أول وزير سياحة مصرى يزورها رغم أنها ثانى أهم الأسواق الموفدة للسياحة إلى مصر وكانت المكافأة فورية برفع اسم مصر من قائمة الدول المحظور السفر إليها لتمنحنا 400 ألف سائح يمثلون ثلثى الوافدين إلى مصر في السياحة خلال هذا العام.
كما أننا نشارك في المعارض والحملات الترويجية لولا ظروف الجائحة الوبائية التي أنتجت قيودا على السفر، وفى مجال الترويج أيضا أنتجنا فيلما عن مقومات مصر السياحية بمشاركة القطاع الخاص باسم «سائح في مصر» وفاز بجائزة دولية ونجح في مهمته الترويجية، وأعدنا الحياة لفن المستنسخات بمصنع يوفر عملا لنحو 600 كاتب وفنان مصرى لإنتاج مبيعات خان الخليلى.
■ ماذا عن الاحتفالية المتوقعة لافتتاح متحف الحضارة؟
– حدث افتتاح متحف الحضارة ومراسم نقل المومياوات الملكية سوف يكون عالميا، ومن أهدافه الترويج السياحى بالطبع، ولهذا السبب تم رفض بيع نقل المهرجان إعلاميا تفضيلا لحضور نحو 300 إعلامى وصحفى مصرى وأجنبى، وهو واقع ما حدث خلال كشف سقارة الأخير أيضا رغم المقابل الضخم الذي يقدر بملايين الجنيهات لبيع مثل هذه الاحتفاليات العالمية إلا أننى أفضل الجمهور والصحفيين، وهم عندى أغلى بكثير لأن إشاعة الوعى والبهجة لا يجب أن يحتكرها أحد، وقد تتحمل قناعاتى الخطأ ولكنى أفعل ما أؤمن به ومازلت أتحمل من يتهمنى بتجاهل الآثار رغم أن ما حدث ويحدث لم يتكرر في تاريخ الآثار.