الغبن الفاحش… هل ينجح الأردن في فسخ مشروع كهرباء العطارات؟
في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها المملكة، لا سيما في ملف استيراد الطاقة، اتجه الأردن إلى المحاكم الدولية لفسخ تعاقده في مشروع العطارات بعد أن وجدته مجحفًا بحق الدولة.
أعلنت وزيرة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية المهندسة هالة زواتي، أن شركة الكهرباء الوطنية “نيبكو” والحكومة باشرتا إجراءات التحكيم في مواجهة شركة “العطارات للطاقة” حول اتفاقية شراء الطاقة وكفالة الحكومة لالتزامات شركة الكهرباء الوطنية، المرتبطتين بمشروع الصخر الزيتي لإنتاج الكهرباء في منطقة (العطارات).
وقالت زواتي إن طلبي التحكيم تم تقديمهما إلى غرفة التجارة الدولية في باريس على أرضية الغبن الفاحش في اتفاقية شراء الطاقة ولغايات إصدار حكم بوجود ومقدار الغبن الفاحش في التعريفة الكهربائية وتقرير حق شركة الكهرباء الوطنية بفسخ العقد، ما لم يتم إزالة ذلك الغبن الفاحش.
غبن فاحش
وأضافت الوزيرة أنه تم الطلب من هيئة التحكيم أيضاً إصدار قرار بأن كفالة الحكومة بضمان التزامات شركة الكهرباء الوطنية غير قابلة للتنفيذ قانوناً بسبب الغبن الفاحش في اتفاقية شراء الطاقة التي تم إصدار الكفالة تبعا لها.
وكان رئيس الوزراء السابق عمر الرزاز، علق على مشروع العطارات لإنتاج الطاقة من الصخر الزيتي، بالقول إن “أي مشروع سيرتب أعباء كبيرة على الاقتصاد الوطني من واجبنا أن نراجعه”، مشددا على أن “مشروع العطارات للآن قيد الإنشاء وهو يفرض التزامات على الحكومة على عقود مقبلة في دفعات ثابتة بحد أدنى وأعلى، وواجبنا أن نطلع على الأرقام بدقة وأن لا نرهق الاقتصاد”.
وقال إنه “من البدائل المطروحة لمشروع العطارات استملاك المشروع”.
وبحسب منجم العطارات للصخر الزيتي فإن مشروع الحرق المباشر للصخر الزيتي لإنتاج الطاقة الكهربائية قادر على تزويد شبكة الشركة الوطنية للكهرباء بنحو 16% من احتياجات الأردن من الكهرباء بحلول عام 2020.
شركة عطارات للطاقة
المشروع المملوك بالكامل لشركة عطارات للطاقة وهي شركة ائتلافية ما بين ثلاثة شركات من الصين وماليزيا واستونيا، وبدأت بإنشاء البنية التحتية في منتصف 2017.
ويعتبر الأردن البلد الرابع في العالم من حيث احتياطي الصخر الزيتي.
وتنبع أهمية المشروع من فكرة تنويع مصادر الطاقة الأولية، وزيادة الاعتماد على المصادر المحلية للطاقة والتخفيف من أعباء استيراد الوقود ومناولته، فضلا عن تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال، وتوفير التمويل المطلوب لهذه المشروعات.
وقدمت هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن المشروع لشركة العطارات للطاقة في منطقة أم الغدران/ القطرانة رخصة ممارسة نشاط توليد الطاقة الكهربائية بواسطة الحرق المباشر للصخر الزيتي، وبكلفة كلية بنحو 2.1 مليار دولار، لتكون مربوطة على نظام النقل الكهربائي باستطاعة 470 ميغاواط، أي ما يعادل 15%، من الحاجة الكلية الحالية للنظام الكهربائي في الأردن، وبكلفة نحو 7.5 قروش للكيلو واط الواحد بحسب شركة العطارات.
ويحتاج إنتاج هذه الكمية إلى حرق نحو عشرة ملايين طن سنويا من الصخر الزيتي.
خسائر أردنية فادحة
لما جمال العبسة، الخبيرة الاقتصادية الأردنية، قالت:
إن مشروع العطارات لم يكن أول مشروع تصاغ اتفاقيته بشيء من الغبن للجانب الأردني، لمصلحة الطرف الآخر، والحكومة الحالية حسمت الأمر في عدم السير بتنفيذ الاتفاقية نتيجة الأسعار المرتفعة والتكلفة الزائدة التي تقع على عاتق شركة الكهرباء الوطنية، وقامت باللجوء إلى التحكيم الدولي.
وأضافت في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن “قرار الحكومة باللجوء إلى التحكيم الدولي للتخلص من الاتفاقية أمر جيد، وخطوة موفقة، خاصة أن هناك العديد من الاتفاقيات المماثلة مثل اتفاقية الغاز، والتي لا تتناسب جميعها مع أسعار الطاقة المتداولة في الأسواق العالمية”.
تكبيد خسائر فادحة
وأكدت أن “الحكومة وجدت في هذه الاتفاقية أنها تكبد خزينة الدولة خسائر فادحة تقدر بـ 200 مليون دينار أردني، وهو ما تتحمله الموازنة العامة للدولة التي تعاني من عجز كبير”.
وأشارت إلى أن “الاتفاقية سيتم وقفها حتى تبت المحكمة الدولية في قرارها، حيث سيكون في صالح الأردن إذا تأكدت وقوع خسائر كبيرة وغبن واضح على الجانب الأردني”.
وطالبت الخبيرة الاقتصادية بضرورة “معاقبة المسؤول عن صياغة بنود هذه الاتفاقية والذي تسبب في هذا الوضع الصعب، سواء على المستوى القانوني، أو الاقتصادي”، مشيرة إلى أن “القضية قانونية ولا أحد يمكنه التدخل في قرار المحكمة الدولية”.
مشروعات مجحفة
من جانبه، قال الدكتور نضال الطعاني، عضو مجلس النواب الأردني السابق:
إن ملف الطاقة في الدولة الأردنية يمثل تحديًا كبيرًا للحكومة، حيث أن إنتاج الدولة من الطاقة لا يتجاوز 12% من حجم الطاقة الكلي، لذلك اتجهت الدولة إلى تنويع مصادر الطاقة من الطاقة البديلة إلى الغاز، ثم الغاز الصخري، إضافة إلى البترول.
وأضاف في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن “الأردن تستورد أغلب الطاقة من الخارج خاصة من مصر، وبعد انقطاع هذا المورد لعدة مرات، اتجهت الأردن إلى استغلال الصخر الزيتي، الذي يتوفر بكميات كبيرة في الأردن، إلا أن تكلفة إنتاجه مرتفعة جدا”.
الصخر الزيتي
وتابع: “عملت الأردن في الفترة الأخيرة على تشجيع الاستثمار بالصخر الزيتي والطاقة البديلة لسد حاجة الأردن من الطاقة بشكل استراتيجي وآمن، فكانت هناك مشاريع كثيرة للطاقة البديلة حيث تقوم الأردن بشراء ما تحتاجه من الطاقة عن طريق شركة الكهرباء الوطنية”.
وأضاف: تولدت مطالبات عديدة بضرورة مراجعة هذه الاتفاقيات التي يوجد بها إجحاف بتسعيرة الكهرباء المولدة من شركات الطاقة البديلة ومنها شركة العطارات، والتي تعد من المشاريع الكبرى والوطنية، والتي تشكل شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، خاصة أن هناك شركاء أجانب من دول أخرى.
وأكد أن “الأسعار مرتفعة جدا لهذا المشروع ومجحفة، ورأت الحكومة أن استمرار المشروع بهذه الأسعار المرتفعة جدا والتي تزيد بمعدل 17% عن السعر الحالي يضر بالدولة، فقررت التوجه إلى المؤسسات الدولية”.
غرفة التجارة الدولية
وأشار إلى أن “التحكيم الدولي في غرفة التجارة الدولية بباريس سينظر ما إذا كان هناك إجحاف وغبن من الاتفاقية على الأردن أم لا، وفي حال لم تجد ستكون الدولة مضطرة إلى فسخ العقد”.
ووقعت اتفاقية العطارات في عهد حكومة عبدالله النسور، بتوقيع وزير الطاقة الأردني محمد حامد، وبتاريخ 22 أكتوبر/تشرين أول من العام 2014 وذلك مع شركة العطارات للطاقة، وهي في حينه كانت ائتلاف شركات من الأردن وماليزيا وإستونيا، وذلك لإنشاء محطة لتوليد 470 ميغا واط من الكهرباء من خلال الحرق المباشر للصخر الزيتي المتوفر بكثرة في منطقة عطارات أم الغدران.