يستهدف الأسباب وليس الأعراض.. كل ما تريد معرفته عن الدواء الأمريكي لعلاج «الزهايمر»

«أدوكانوماب».. علاج وافقت عليه الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة، ليكون الأول من نوعه لعلاج مرض الزهايمر، حيث يستهدف السبب الأساسي لمرض الزهايمر، وهو الشكل الأكثر شيوعا للخرف، بدلاً من استهداف أعراضه فقط.
ووفقا لـ”بي بي سي”، رحبت الجمعيات الخيرية الخاصة بالزهايمر بنبأ الموافقة على علاج جديد لهذه الحالة، لكن العلماء منقسمون حول تأثيره المحتمل بسبب عدم اليقين بشأن نتائج التجربة.
وإذا تمت الموافقة على العقار في بريطانيا، يمكن أن يستفيد منه ما لا يقل عن مئة ألف شخص يعانون من شكل خفيف من المرض.
وقالت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) إن هناك “أدلة قوية على أن عقار “أدوكانوماب” يقلل من لويحات الأميلويد بيتا في الدماغ” وأن هذا “من المرجح بشكل معقول أن يكون مؤشرا على فوائد مهمة للمرضى”.
وفي مارس 2019، توقفت التجارب الدولية المتأخرة عن عقار أدوكانوماب، والتي شملت حوالي 3000 مريض، عندما أظهرت التحاليل أن الدواء، الذي يُعطى على شكل محلول يحصل عليه المريض شهريا، لم يكن أفضل في إبطاء تدهور مشاكل الذاكرة والتفكير من الدواء الوهمي.
ولكن في وقت لاحق من ذلك العام، قامت الشركة المصنعة الأمريكية بيوجين Biogen بتحليل المزيد من البيانات، وخلصت إلى أن العقار ناجح، طالما تم إعطاؤه بجرعات أعلى. وقالت الشركة أيضا إنه نجح بشكل كبير في إبطاء التدهور المعرفي.
وذهب البروفيسور روبرت هوارد، أستاذ الطب النفسي للشيخوخة في يونيفرستي كوليدج لندن، إلى أبعد من ذلك واصفا الموافقة على العقار بأنها “خطأ فادح” ويمكن أن يعرقل البحث المستمر عن علاجات فعالة للخرف “لعقد من الزمن”.
وقالت جمعية الزهايمر إن العقار “واعد” لكنها أضافت أنه “مجرد بداية الطريق إلى علاجات جديدة لمرض الزهايمر”.
وقالت مؤسسة خيرية أخرى، وهي مؤسسة “أبحاث الزهايمر في بريطانيا”، إنها كتبت إلى وزير الصحة، مات هانكوك، تطلب من الحكومة إعطاء الأولوية لعملية الموافقة السريعة على الدواء في المملكة المتحدة.
وقالت الرئيسة التنفيذية هيلاري إيفانز “الأشخاص المصابون بالخرف وأسرهم ينتظرون وقتًا طويلاً جدًا للحصول على علاجات جديدة تغير حياتهم”.
وأضافت أنه من الضروري الآن أن تقوم السلطات التنظيمية بتقييم الأدلة لتقرير ما إذا كانت تعتقد أن العقار آمن وفعال للاستخدام في المملكة المتحدة.
على الرغم من أن العديد من الأطباء يشككون في فوائد “أدوكانوماب”، إلا أن الموافقة الأمريكية عليه يمكن أن تكون بمثابة دفعة كبيرة لأبحاث الخرف، والتي تعاني تقليديا من نقص التمويل مقارنة بالسرطان أو أمراض القلب.
ووفقا لفرانس 24، قالت تارا سبيرس جونس، نائبة مديرة معهد استكشاف العلوم الدماغية بجامعة إيدانبورج ومديرة مجموعة البحوث في معهد ديمانسيا للأبحاث “إنه شيء مهم بالنسبة للأسرة العلمية كونه المحلول العلاجي الأول الذي يمنع ظهور الأسباب المؤدية إلى ظهور مرض “التنكس العصبي”.
وجدير بالذكر أن جميع الأدوية المتوفرة حاليا في هذا المجال تساعد فقط على مكافحة الأعراض الناتجة عن الزهايمر، مثل الفقدان التدريجي للذاكرة وصعوبة التكلم أو التفكير. فظهور دواء جديد يشفي المرض بشكل جذري ويقلل من سرعة “التنكس العصبي” يمثل آمالا كبيرة بالنسبة لأكثر من30 مليون من المصابين بالزهايمر عبر العالم.
ومن ناحيته، أشار فانسون بلانش، متخصص في مرض الزهايمر بجامعة بوردو لفرانس24، أن “النتائج التي تحصلنا عليها بفضل استخدام هذا الدواء مذهلة من الناحية البيولوجية، فهذا المضاد الحيوي يقوم بتدمير لويحات الأميلويد التي تهاجم الدماغ”.
وأوضحت تارا سبيرس جونس “من الناحية النظرية، تؤثر لويحات الأميلويد على مادة تقع في الدماغ تسمى بـ”البروتينات تو” والتي بدورها تقوم بتدمير الخلايا العصبية”.
وتابع جيل بونفيتو، المختص في الأمراض العصبية التنكيسية في معهد البيولوجيا فرانسوا جاكوب التابع لمفوضية الطاقة الذرية والطاقات المتجددة ” نعمل منذ 15 عاما من أجل القضاء على المضادات الحيوية التي تشجع على ظهور مرض الزهايمر، لكن دون جدوى”، مضيفا “كان يتوجب إيجاد المضاد المناسب والجرعة المناسبة والمرضى المناسبين لذلك، لأن العلاج يمكن أن يخلف آثارا متباينة وفق تطور المرض”.
كما يمكن أيضا للمضادات أن تنتج آثارا جانبية قد تكون خطيرة، كالنزيف الدموي والصدمات الدماغية أو التهاب الدماغ، وكل هذه الآثار وغيرها أدت إلى وقف العديد من التجارب السريرية للأدوية.
وقد أظهرت التجارب التي خضع إليها دواء “أدوكانوماب” بأنه دواء “آمن”، ما جعل السلطات الصحية الأمريكية تسمح ببيعه في الأسواق، موضحة أن “المزايا المنتظرة منه قد تكون أكبر من المخاطر التي قد يمثلها”.
ورغم الضمانات التي قدمتها السلطات الصحية الأمريكية، إلا أن لجنة المختصين العلميين التي تقدم لها الاستشارة الطبية رفضت منح رخصة التسويق لهذا الدواء، بحجة أن الفوائد التي يجنيها المريض منه لم تثبت لغاية الآن.