الأسواق .. هل يوسع 2021 مسيرة 2020 الصاعدة؟

هذا عام سبب الدوار للمستثمرين. جائحة كوفيد – 19 العالمية أدت إلى انهيار مذهل في أسواق الأسهم، ثم جاء انتعاش حاد مدفوع بالاستجابة السريعة من الحكومات والبنوك المركزية. فما المنتظر حدوثه في 2021؟
كان العامل الأساسي في انتعاش الأسهم وسندات الشركات هذا العام من أدنى مستوياتها هو النطاق الهائل للدعم من البنوك المركزية. أدى تدفق مشتريات السندات الحكومية إلى تثبيت أسعار الفائدة طويلة الأجل عند مستويات منخفضة للغاية وستستمر كذلك خلال 2021، وإن كان ذلك بوتيرة منخفضة. يتوقع فريق الاستراتيجية في بنك جيه بي مورجان زيادة قدرها خمسة تريليونات دولار في الميزانيات العمومية للبنوك المركزية العالمية في 2021. يقول: “قد يكون التوسع في الميزانيات العمومية للبنوك المركزية في 2021 نصف (حجم) 2020 فقط، لكن هذه الوتيرة ستظل مرتبطة بتضخم أسعار الأصول”.
أسهم التكنولوجيا والأسهم عالية الجودة قادت طريق الخروج من أعماق آذار (مارس)، لكن خلال النصف الثاني من العام، بدأ المستثمرون بالتناوب بين الأسهم الأكثر حساسية للدورة الاقتصادية، وأسهم “القيمة” الأرخص والسندات ذات العائد المرتفع. وقد حفز ذلك التوقعات بانتعاش اقتصادي أوسع نطاقا في العام المقبل، مع طرح لقاحات كوفيد – 19. أدت موافقات تنظيمية على اللقاحات إلى تسريع وتيرة دوران السوق على نطاق واسع، وشهدت الشركات الأصغر مكاسب قوية.
من المؤكد أن الانتعاش من انهيار آذار (مارس) مثير للإعجاب، لكنه يثير مخاوف من أن الأسواق اقترضت بكثافة من عائدات 2021. من المتوقع أن تسجل أسواق الأسهم العالمية عامين متتاليين من المكاسب المكونة من أرقام عشرية، ويشير التاريخ إلى أن سلسلة من ثلاثة أعوام متتالية من المكاسب المكونة من أرقام من خانتين نادرة لكنها يمكن أن تحدث.
فهل يوسع 2021 المسيرة الصاعدة؟ أم أن التقييمات المرتفعة منذ الآن تؤثر في العائدات؟
تكمن الإجابة في نطاق التعافي المتوقع لأرباح الشركات في العام المقبل. تقدير الإجماع الحالي لأرباح السهم التصاعدية لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 للعام التقويمي 2021 هو 169.20 دولار، ويمثل هذا زيادة بنسبة 21.7 في المائة عن 2020. ويعد هذا رقما قياسيا عاليا للأرباح عن كل سهم بالنسبة لمقياس الشركات الكبيرة، وهو يأتي بعد توقعات بانخفاض الأرباح 13.8 في المائة في 2020.
تتمثل إحدى النصائح العملية المفيدة في أن تقديرات وول ستريت للأرباح خلال العام المقبل عادة ما تكون مرتفعة أكثر من اللازم بنسبة 7 في المائة وفقا لجون باترز، كبير المحللين في فاكت سيت. إذا طبقنا هذا العامل فإن الأرباح عن كل سهم في 2021 ستحقق رقما فعليا 157.32 دولار، وهو أقل من أرقام الأرباح الفعلية في 2018 و2019 البالغة 161.45 دولار و163.02 دولار على التوالي.
مع ذلك، هناك حجة لمصلحة فكرة أن الأرباح قد تكون أحد المجالات التي تفاجئ بشكل إيجابي. أثار الوباء جهودا كبيرة من قبل الشركات لتكديس النقود عن طريق خفض التكاليف وخفض عمليات إعادة الشراء وتوزيعات الأرباح.
قال جيمس بولسن، كبير الإداريين الاستثماريين في لوثولد جروب: “لم تنظر الشركات إلى هذا على أنه ركود عادي وخفضت تكاليفها حتى النخاع من أجل البقاء على قيد الحياة. الحد الأدنى من التكاليف على أساس التشغيل يعني أن الطلب المتزايد يعزز الأرباح”.
انتعاش الأرباح في العام المقبل أمر بالغ الأهمية لأن التقييمات أعلى بكثير من متوسط مستوياتها. ستعمل الأرباح المرتفعة على تقليل مضاعفات التقييم المتوسعة بمرور الوقت. لكن استنادا إلى معدل السعر إلى الأرباح على أساس الـ12 شهرا السابقة من شركة نورثرن ترست أسيت مانيجمنت، فإن جميع الأسواق الإقليمية الرئيسة تقع أعلى من متوسطها طويل الأجل.
تبرز وول ستريت بالتأكيد كونها أغلى من منافسيها. قد يكون هذا في مصلحة أسواق الأسهم الناشئة في 2021 والمزيد من الشركات الدورية. الحجة هي أنها ستشهد ارتدادا أكبر في نمو الأرباح من انتعاش اقتصادي أقوى ودولار أمريكي ضعيف.
أداء الدولار مهم لأنه يساعد على تعزيز النمو العالمي وأرباح الشركات. يمكن أن تتخلف وول ستريت عن الارتفاع في بقية العالم عندما تدخل العملة الاحتياطية في اتجاه هبوطي مستمر. يساعد ارتفاع العملات المحلية على تعزيز عوائد المستثمرين العالميين الذين يمتلكون أسهما غير أمريكية.
يشير ارتفاع الأسهم العالمية على نطاق أوسع إلى أوقات أفضل لمناصري شراء أسهم القيمة، والشركات الرخيصة التي تخلفت بشدة خلال العقد الماضي عن أداء الشركات المنافسة الأسرع نموا. ويلاحظ أن نسبة القيمة مقابل شركات النمو تحولت أخيرا إلى الارتفاع، لكنها ترسم صورة مؤسفة منذ 2007.
توقعات الانتعاش القوي الذي يتسارع خلال 2021 تتوقف على العودة إلى طبيعتها بعد التطعيم الجماعي ضد كوفيد – 19. لكن “الطبيعي” في سياق السوق المالية يعني ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأمد.
مؤشر بلومبيرج ـ باركليز العالمي يتضمن سندات حكومية وشركات ذات جودة استثمارية. كان هبوط العائدات اتجاها منتشرا وراسخا فيه. المؤشر العالمي الذي يبلغ متوسط فترة استحقاقه تسع سنوات، هو حاليا عند 0.84 في المائة، انخفاضا من 2.79 في المائة خلال العقد الماضي.
الانخفاض المستمر في عائدات السندات على خلفية انخفاض التضخم والحضور المتضخم لميزانيات البنوك المركزية على مدى العقد الماضي يترك المستثمرين في درجة من الترقب. لا أحد يستطيع أن يكون على يقين من أن عقدا من الركود طويل الأمد سيتحول إلى دورة من النمو التضخمي الأسرع، التي هي أكثر تضخما، ما يعمل بالتالي على مكافأة أصحاب الأسهم وتهديد العائدات لمستثمري السندات.
تقول كاتي نيكسون، كبيرة الإداريين الاستثماريين لدى نورثرن ترست ويلث مانيجمنت: “في حين يرحب مستثمرو الأسهم بدورة النمو في 2021، يواصل مستثمرو السندات التركيز على المدى الطويل حيث من المحتمل أن يستأنف النمو في مسار بطيء وسيظل التضخم مشكلة ليوم آخر”.

After Content Post
You might also like