نقل شركات الاتصالات من صنعاء إلى عدن… ما تأثيره على جماعة “أنصار الله”
كشف وزير الاتصالات وتقنية المعلومات في الحكومة اليمنية الجديدة نجيب العوج عن ملامح خطته، والتي تشمل نقل شركات الاتصالات من صنعاء إلى عدن، وهو ما يعني حرمان المحافظات الشمالية، التي يسيطر عليها “أنصارالله” من موارد هذا القطاع الحيوي.
ما هى أهداف نقل هذا القطاع إلى عدن ومدى تأثيره على حكومة صنعاء وهل سيؤثر على مسار الحرب.. تساؤلات نحاول الإجابة عليها في السطور التالية.
قال الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني العميد عزيز راشد، إن “نقل شركات الاتصالات من صنعاء إلى عدن لن يكون له أي تأثير على مسار العمليات العسكرية، حيث أن الاتصالات العسكرية مستقلة تماما ولها خصوصيتها، ولدينا شبكات اتصالات سرية نستطيع تشغيلها وقت الحاجة إليها وفق المنظومات، التي استطعنا تفعيلها في كل الجبهات بشكل كبير وعلى نطاق واسع”.
تضييق مالي
وأضاف لـ”سبوتنيك”، أن الهدف من عملية النقل هو مزيد من التضييق المالي والاقتصادي على الشعب اليمني وحرمانه من كل مصادر الدخل، التي يقوم بصرف بعض المرتبات وتسيير الحياة اليومية للمواطنين، وقد تم نقل البنك المركزي اليمني في السابق، الأمر الذي أدى إلى فشل ذريع في السياسة النقدية بعد أن قاموا بطباعة مليارات الدولارات بدون غطاء، ما أدى إلى انهيار الريال اليمني في المناطق التي يسيطرون عليها، وكانت كل الجهات والمنظمات الدولية الاقتصادية شاهدة على هذا الفشل نتيجة النقل غير القانوني.
البدائل المتاحة
وأوضح الخبير العسكري، أن صنعاء لديها كابل الاتصالات المدنية، ونظرا لأن أغلبية الشعب اليمني في مناطق الجيش واللجان الشعبية بنسبة أكثر من 80 بالمئة علاوة على نزوح نصف سكان الجنوب إليها باعتبارها آمنة وأكثر استقرارا وحيوية.
وأكد أن تأثير تلك الخطوة سيكون في البداية على المواطن اليمني حتى تشغيل البدائل، وهو ما سوف يشكل خيبة أمل لمن يريدون تدمير البنية التحتية اليمنية.
التسوية السياسية
من جانبه قال المحلل السياسي اليمني أكرم الحاج، إن “نقل حديث وزير الاتصالات في حكومة هادي عن نقل قطاع الاتصالات من صنعاء إلى عدن هو قرار اقتصادي في المقام الأول، يهدف إلى حرمان حكومة الإنقاذ من الموارد المالية والتضييق عليها قبل أي تسوية سياسية قادمة”.
وأضاف لـ”سبوتنيك”، “من الواضح أن حكومة هادي أصبحت على يقين أن الحسم العسكري في الحرب اليمنية أصبح مستحيلا، لذا فهم يحاولون الآن نقل القطاعات إلى عدن، حتى إذا تم التوصل إلى حلول فيدرالية في الفترة القادمة، تكون لديهم كل قطاعات الموارد المالية”.
وتابع الحاج، “في اعتقادي أن تأثير هذا الأمر لن يكون كبيرا نظرا لأن هناك شركات خاصة تقوم بتقديم خدمات الاتصالات، وهى شركات استثمارية هادفة للربح، وربما يتم التعاقد مع شركات جديدة للتزويد بالخدمة، فالأمر ليس عسكريا بقدر ما هو اقتصاديا”.
تدمير القطاع
أكد وكيل وزارة الإعلام في حكومة الإنقاذ بالعاصمة اليمنية صنعاء، نصر الدين عامر، أن قرار حكومة هادي بنقل قطاع الاتصالات هو محاولة لتدمير القطاع كما حدث في القطاع المصرفي بعد نقل البنك المركزي إلى عدن.
وقال عامر، في تصريح سابق لوكالة “سبوتنيك”، “بعد نقل البنك المركزي وتدمير القطاع المصرفي، الجميع يعرف الآن الفرق الكبير جدا في صرف العملة بين صنعاء وعدن، حيث ارتفع بشكل كبير في المحافظات الجنوبية مقارنة بالمحافظات الشمالية، وإذا ماتم نقل أي شركة من شركات الاتصالات فهذا يعني خطة لتدمير هذا القطاع وصنع خلل فني في قطاع الاتصالات، وقد وصلتنا شكاوى من المحافظات الجنوبية بشأن خلل في الاتصالات التابعة لشركة “سبأفون” نتيجة قيامهم ببعض الأعمال الفنية التي ستضر بالشركة وتضرب الخدمة وهناك استياء كبير جدا داخل الجنوب نتيجة هذا الإجراء”.
وأضاف “الخلل الذي سيحدث نتيجة هذا الإجراء في قطاع الاتصالات لا يتعلق بالشمال فقط، بل بجميع أبناء الشعب اليمني، لأننا ننظر للاتصالات كخدمة وليس كمورد اقتصادي، وفي المحافظات الشمالية، التي تتبع المجلس السياسي الأعلى هناك شركات أخرى بخلاف سبأ، سواء كانت للهاتف الأرضي أو للنقال، تلك الشركات تغطي وتقوم بالغرض وليس لدينا أي مشكلة في هذا الجانب، لكن ما يحدث أنهم يدمرون أحد القطاعات الخدمية، كما فعلوا بغيره من القطاعات، وهو نوع من اقحام الحرب في القطاعات الخدمية، والتي يفترض تحييدها وعدم إدخالها في أي صراعات سياسية أو عسكرية”.
وحول توقيت القرار قال عامر، قال “هذا الأمر هو محاولة اقحام قطاعات جديدة في الحرب الدائر منذ أكثر من ست سنوات والدخول في مشكلة جديدة، وهذا يدل على أنهم ليسوا جادين في الحل، ومحاولة إيجاد صراع في قطاع الاتصالات هو هروب إلى الأمام بدلا من إيجاد حلول للملفات الإنسانية، أما التصعيد وإيجاد بؤر جديدة من الصراع والتوتر لا يخدم الحل السياسي ويتنافى كليا مع ما يصرحون به بأنهم حريصين على السلام”.
وتقود السعودية، منذ مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها الجماعة أواخر 2014.
وبالمقابل تنفذ جماعة “أنصار الله” هجمات بطائرات بدون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة؛ تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.
وقد اجتمعت أطراف النزاع في اليمن في ديسمبر/كانون الأول 2018، لأول مرة منذ عدة سنوات، على طاولة المفاوضات، التي نظمت تحت رعاية الأمم المتحدة في ستوكهولم. وتمكنوا من التوصل إلى عدد من الاتفاقيات المهمة، لا سيما بشأن تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الاستراتيجية ووضعها تحت سيطرة الأمم المتحدة.