تحقيق استقصائي.. “مصانع الوحدة العربية.. هواء ملوث وحرائق لا تتوقف”
“النيران اشتعلت وفشلت كل محاولاتنا في إطفائها، وباب المصنع كان مقفلا من الخارج، وبدأ الدخان يكتم على أنفاسنا» هذا آخر ما يتذكره على جمال (16 عامًا) الطالب بالمرحلة الثانوية، قبل أن يتمكن السعال من أنفاسه ويشعر بسببه بالاختناق ويفقد الوعى. على، وأحد عشر عاملًا آخر واجهوا الموت عندما حاصرتهم النيران داخل أحد مصانع بلاستيك الأحذية الخفيفة -غير المرخصة- بمنطقة الوحدة العربية في شبرا الخيمة، التابعة لمحافظة القليوبية شمال القاهرة”.
الحريق يعود تاريخه إلى سبتمبر/ أيلول 2018، ووقع في مصنع بشارع مسجد الرحمن، كان يحتوى على كميات كبيرة من عبوات المواد اللاصقة، والمذيبات العضوية المساعدة على الاشتعال. طفايات الحريق كانت فارغة، والمياه مقطوعة، أما الباب الرئيس فأغلقه صاحب المصنع قبل ذهابه إلى منزله من دون الاكتراث بأرواح العمال، وذلك وفقًا لتقرير إدارة الأمن الصناعى التابعة لقسم شبرا الخيمة ثان – حى شرق، الذى أعد بناء على طلب النيابة العامة خلال التحقيق في القضية رقم 1072 لسنة 2019، وتقرير المعمل الجنائى وشهادة المصابين.. أصيب على بحروق بالغة، وتوفى في الحريق أربعة من زملائه في العمل، وأصيب خمسة آخرين.
المئات من مصانع وورش البلاستيك لصناعة الأحذية الخفيفة تعمل من دون ترخيص، ولا يتوفر إحصاء رسمى بعددها. هذه المصانع لا تراعِى اشتراطات الأمن الصناعي، وتنفث غازات خانقة ومضرة عبر نوافذها أسفل المبانى التى تمارس نشاطها فيها، ويطبق دخانها على أنفاس أكثر من نصف مليون مواطن يقطنون منطقة «الوحدة» بشبرا الخيمة، حيث أظهرت نتائج «قياس جودة الهواء» في المنطقة تخطى الحدود الآمنة التى حددها قانون البيئة.
في هذا التحقيق وثقنا ٢٢ حالة متضررة نتيجة غياب شروط السلامة في هذه المصانع، بين مصابين بأمراض صدرية، وبين عمال تعرضوا لحوادث فيها، ويعانى بعضهم تشوهات جسدية، وبعضهم الآخر فقد حياته. كما رصدنا غياب تطبيق المصانع لشروط السلامة والأمان المهني، وأجرينا قياسًا علميًا لجودة الهواء لكشف تأثيراته على صحة سكان المنطقة المحيطة بالمصانع والورش.
ترعة ياسين.. لم يبقِ سوى الاسم فقط
لغاية عام ١٩٦٠ كانت «ترعة ياسين» تروى الأراضى الزراعية بمنطقة شبرا الخيمة، مع مرور السنوات والزحف العمراني، اختفت الزراعات ورُدمت الترعة المائية، ولم يبقِ منها سوى الاسم بعدما تحولت إلى شارع «ترعة ياسين»، أكبر شوارع منطقة «الوحدة»، المكتظ بورش صناعة البلاستيك.
وبالإضافة إلى هذا الشارع تزدحم عشرات الشوارع الأخرى في منطقة «الوحدة العربية» بمئات الورش والمصانع، لم يسجل منها سوى ٩٤ مصنعًا فقط في شعبة الصناعات الكيماوية التابعة لاتحاد الصناعات، وسبعة منها فقط، تمتلك سجلًا صناعيًا.
ثريا الشيخ، عضو البرلمان المصرى عن منطقة «الوحدة العربية»، تقول إن عدد مصانع البلاستيك في المنطقة زاد زيادة مطردة بعد عام ٢٠١٠، وتقدر عددها بـ ٤٠٠ مصنع تقريبًا، بخلاف ٦٠٠ أخرى في منطقة شبرا الخيمة، ويعمل بها أكثر من ٢٠ ألف شخص.
لم تفلح كل محاولات محمود عبدالقادر لإقناع نجله «إيهاب» (١٤ عاما) بترك وظيفته في مصنع البلاستيك بشارع مسجد الرحمن، الذى عمل فيه على جمال أيضًا. كان يراه صغيرا على الالتحاق بتلك المهنة الخطرة. لكن الفتى الصغير ظل متمسكا بالعمل، حتى التهمته النيران، مع ثلاثة آخرين، في حريق المصنع عام ٢٠١٨.
«إيهاب» كان طالبا في الصف الثالث الإعدادي. انتظر العطلة الصيفية ليغادر مدينته الصغيرة «العوامر» في محافظة أسيوط، متجها نحو القاهرة للبحث عن عمل يساعد به والده المتقاعد، ويجمع منه ما يغطى مصاريف دراسته الثانوية. يقول والده: «آخر مرة سافر فيها حاولت إقناعه بعدم الذهاب وبأن أعطيه كل المصاريف التى يحتاجها للدراسة. وعدنى أنه سيعود بعد انتهاء الإجازة المدرسية ويكمل دراسته، ومن وقتها مستنيه ومرجعش».
النيابة وجهت إلى صاحب المصنع تهمًا بعدم اتخاذ التدابير والاحتياطات اللازمة لتوفير وسائل السلامة الصحية والمهنية وتأمين بيئة العمل، وعدم الالتزام بالاشتراطات اللازمة للوقاية من مخاطر الحريق، وإدارة منشأة صناعية بدون ترخيص، وعدم تحرير عقود عمل للعمال، أو إبلاغ الهيئة التأمينية، وعدم حفظ ملفات تحتوى على بيانات العمال. ورغم صدور حكم ابتدائى على صاحب المصنع بالحبس ثلاث سنوات اكتفت محكمة الاستئناف بقرار حبسه سنة واحدة فقط.
محضر حريق المصنع وتحقيقات النيابة كشفت عن أن الحريق استمر نحو ثلاث ساعات، لأن طفايات الحريق كانت فارغة ومصدر المياه الوحيد في الحمّام كان مقطوعا. كما كشفت معاينة النيابة أن المصنع مقام على مساحة ٧٠ مترا مربعا، وله بابان من الحديد أحدهما كان محكم الغلق من الخارج بقفل ومزلاج معدنى وقت نشوب الحريق، والثانى كان مغلقا أيضًا وبجانبه عبوات معدنية تحتوى على مواد لاصقة تستخدم في صناعة الأحذية البلاستيكية مثل «الكولة» (هى مادة كيميائية سامة تنتمى لفئة المذيبات العضوية الطيارة)، بالإضافة إلى مادة «التنر» (مذيب عضوى مضاف إليها كحول أحمر وتستخدم في أغراض صناعية في الصباغة والوقود).
وتبين أن هذه المواد المخزنة أسفل درج المصنع تسببت بزيادة اشتعال النيران، التى اجتاحت غرفة العمال.
تنص المادة «٢٣٧» من قانون العمل المعدل سنة ٢٠١٧ على إلزام المنشأة الصناعية باستخدام وسائل الوقاية من الحريق مع توفير أدوات الوقاية الشخصية المناسبة وتدريب العمال على استخدامها، من دون تحميلهم أية أعباء مادية. مع ذلك تؤكد شهادات عدة جمعناها من سكان المنطقة، أن شهرًا لا يكاد يمر من دون نشوب حرائق متعددة داخل مصانع البلاستيك والورش، بعضها يسهل السيطرة عليه والبعض الآخر ينتج عنه أضرارا بالغة للعاملين وسكان المنطقة. حاولنا الحصول على إحصائية بعدد الحرائق داخل تلك الورش سنويا، ولكن إدارة الحماية المدنية التابعة لوزارة الداخلية رفضت إعطاءنا أى بيانات.
الرقابة على المصانع المرخصة فقط
في جولتنا داخل منطقة «الوحدة العربية» تبين لنا أن ما يطلق عليه مصنعا أو ورشة هو عبارة عن منشأة مقامة على مساحة ٧٠ إلى ١٠٠ متر بحد أقصى، وقد يصل ارتفاع بعضها إلى ١٢ طابقًا. وتتركز الآلات والمعدات الثقيلة والعمال في الدور الأول والثانى والثالث، بينما تخصص المساحات المتبقية لتخزين الإنتاج والمواد الخام. ولا تتوفر داخل تلك الأماكن الضيقة أى منافذ للتهوية الجيدة، أو وسائل لحماية العمال من الأضرار التى قد تنجم عن حوادث الحريق، كما لا تتوفر فيها مخارج آمنة للنجاة.
نصت المواد ٤٢، ٤٣، ٤٤، ٤٥ من اللائحة التنفيذية لقانون البيئة رقم ٤ لسنة ١٩٩٤ على إلزام صاحب المنشأة باتخاذ الاحتياطات لعدم تسرب أو انبعاث أية مواد ملوثة للهواء داخل مكان العمل، إلا وفقا للحدود المسموح بها بالملحق رقم ٨ وكذلك اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على درجة الحرارة وشدة الصوت داخل مكان العمل والالتزام بمدة التعرض بما لا يجاوز الحدود المسموح بها أيضا.
محاضر إدارة البيئة بحى شرق شبرا الخيمة وثقت عدم التزام المصانع بشروط السلامة والأمان.
على سبيل المثال وبحسب أحد هذه المحاضر، التى حصلنا على صور ضوئية لثلاثة منها، ويحمل الرقم ٣٣٨٨٨ والمُحرر في أكتوبر/ تشرين ٢٠١٨، ظهرت مخالفات في عدم تأمين المصنع ضد مخاطر الحريق، ووجود مخاطر كيميائية متمثلة في انتشار الروائح النفاذة داخل وخارج المصنع، وهى ناتجة عن حقن (تشكيل) البلاستيك السائل، وهى عملية تجرى عبر تسخين المادة الخام ثم تضخ عبر أنابيب وتصب في قوالب حديدية لتتخذ الشكل النهائى للأحذية الخفيفة البلاستيكية.
ورصدت معاينة «إدارة البيئة» أيضًا ارتفاع «الوطأة الحرارية» داخل المنشأة، وعدم الاحتفاظ بسجل بيئى لبيان تأثير نشاط المنشأة على البيئة.
وبحسب مسئول «التفتيش البيئي» التابع لوزارة البيئة في المنطقة، عبدالرحيم موسى، فقد بلغ عدد المحاضر التى حررها للمصانع المخالفة بشبرا الخيمة آخر ثلاثة أعوام ٦٠٠ محضر، منها ٣٠٠ محضر لمصانع بلاستيك الأحذية الخفيفة.
أحمد الباجورى، رئيس الإدارة المركزية للتفتيش والالتزام البيئى، التابعة لوزارة البيئة، يشير إلى أن نحو ٩٥ ٪ من هذه المصانع غير مرخصة ويقول: «لا يمكننا بالأصل أن نطلق عليه مصانع هى عبارة عن ورش صغيرة، وأنشئت عشوائيًا. وإجراءات التعامل معها تبدأ بتحرير المحضر والإحالة إلى النيابة، وتنتهى بإغلاقها وختمها بالشمع الأحمر».
لكن يبدو أن تلك المصانع والورش لا تطالها يد الرقابة من الأساس، بحسب إبراهيم المناسترلى، رئيس «مصلحة الرقابة الصناعية» الأسبق – وهى هيئة تابعة لوزارة التجارة والصناعة معنية بالرقابة على المصانع- الذى أوضح أن عمليات التفتيش تقتصر على المصانع المرخصة فقط والمسجلة لدى هيئة التنمية الصناعية، وأن الهيئة لا تراقب المصانع غير المرخصة إلا في حال تقديم المواطنين شكاوى ضدها.
لكن «إدارة التفتيش والالتزام البيئي» قامت بتنفيذ ٢٠ حملة تفتيشية خلال عام ٢٠١٩، أغلقت خلالها ٤٠ منشأة، بحسب رئيس الإدارة المركزية للتفتيش، حسبما ذكر أحمد الباجور في مقابلة معه.
هواء ملوث
«آلاء أحمد» (٢٤ عاما) لا تغادر منزلها من دون كمامة، بعدما أصيبت قبل سبع سنوات بحساسية صدر مزمنة. وفى مارس الماضى داهمتها أزمة صدرية حادة أخبرها الطبيب بعدها أن حالتها تسوء يومًا بعد آخر.
أدخنة وغازات المصانع تحيط بمنزل «آلاء» من كل جانب. تتحدث إلينا وهى تحاول سد أى فتحات عند أطراف الأبواب والشبابيك تتسلل منها أدخنة المصانع، ولكن من دون فائدة.
تشعر «آلاء» أن الأدوية لا تجدى نفعا معها، كما أنها لم تعد قادرة على تحمل تكلفتها التى تصل إلى ١٢٠٠ جنيه شهريا. وفوق ذلك فإن رضيعتها تتأثر سلبا من هذه الأدوية، ما دفعها لتخفيف الجرعات، لكن هذا زاد من سوء حالة «آلاء» الصحية. تقول: «جالى اكتئاب ما بخرجش من غرفتى إلا للضرورة، حالتى الصحية دمرت حياتي».
في الشوارع الضيقة المزدحمة بالمصانع تتصاعد روائح نفاذة تخنق الأنفاس. تنفث المصانع عوادمها عبر «مراوح شافطة» داخل نوافذ حديدية صغيرة في جدران الأدوار الأرضية، بينما تغيب المداخن والفلاتر أو الشفاطات الكربونية بالأدوار العليا.
المادة «٤٢» من اللائحة التنفيذية لقانون البيئة لسنة ١٩٩٤، وتعديلاته تحدد ضرورة ارتفاع المدخنة أكثر من مرتين ونصف على الأقل من ارتفاع المبانى المحيطة بها بما فيها المبنى المصنع نفسه.
مصطفى مراد، رئيس «الإدارة المركزية لنوعية الهواء» التابعة لوزارة البيئة، يقول إن إنشاء المصانع في حيز الكتل السكنية وعدم توفير أعمدة لتصاعد العوادم «المداخن»، والاعتماد على «شفاطات» تدفع الانبعاثات بالشوارع، وتصاعد الأبخرة بشكل غير منتظم في مستوى سير المارة، يعد مخالفة صريحة للمادة رقم ٤٢ من اللائحة التنفيذية لقانون البيئة. حيث ينظم قانون البيئة عملية التخلص من الأبخرة والغازات داخل الأنشطة الصناعية من خلال «مداخن» لها ارتفاعات معينة ومحددة؛ طبقًا لحجم العادم، حتى يجب أن يصل ارتفاع المدخنة إلى أعلى من أعلى مبنى في المنطقة بثلاثة أمتار.
ويوضح مراد أن تصاعد الغازات الهيدروكربونية الضارة، الناتجة عن مخلفات المواد البلاستيكية التى تخضع للتشكيل والتسخين، يسبب أمراضا صدرية مزمنة سيما مع وجود أعداد كبيرة من السكان في محيطها. علما أن خطورة هذه الغازات تزداد وقت سكون الرياح أو في المناطق المغلقة كما في منطقة «الوحدة العربية بحسب مراد.
تجربة
أجرينا قياسًا لنسبة الغازات الضارة في هواء منطقة الوحدة العربية، بمساعدة معمل «IES للخدمات البيئية» المعتمد من جهاز شئون البيئة. اخترنا بمساعدة الدكتور رجب عبدالخالق أبوبكر الاستشارى المتخصص في قياسات البيئة، بؤرتين وسط المنازل المحيطة بمصانع البلاستيك. البؤرة الأولى تقع في تقاطع شارع الهجان مع شارع مصطفى الشاذلي، وأظهرت أن نسبة أول أكسيد الكربون وصلت إلى ١١٥ ميلجرام/ متر، متعدية الحدود القصوى المسموح بها وفقا لقانون البيئة وهى ٣٠ ميلجرام/ متر.
ووصلت نسبة ثانى أكسيد الكبرىت إلى ٣٩٥ ميكروجرام/ متر مكعب، متعدية النسبة المسموح بها وهى ٣٠٠/ متر مكعب، أما ثانىِ أكسيد النيتروجين فوصلت نسبته إلى ٣٦٠ ميكروجراما/ متر مكعب، متعدية النسبة المسموح بها وهى ٣٠٠ ميكروجرام. وبلغت نسبة الجسيمات الصلبة الأقل من ٢.٥ ميكرومتر ا ١٦٠ ميكروجراما/ متر مكعب، متعدية المسموح به بنسبة ٢٠٠ ٪، أما الجسيمات الصلبة الأقل من ١٠ ميكرومتر، فتعدت النسبة المسموح بها ب ١٩١ ٪.
البؤرة الثانية كانت في شارع جمال عبد الناصر في منطقة الوحدة العربية، وأظهرت النتائج، أن نسبة أول أكسيد الكربون وصلت إلى ٤٣ ميلجرام/ متر. ونسبة ثانِ أكسيد الكبرىت ٣٩٠ ميكروجرام/ متر مكعب، أما ثانِ أكسيد النيتروجين فوصلت نسبته ٣٥٠ ميكروجرام/ متر مكعب، والجسيمات الصلبة الأقل من ٢.٥ ميكرومتر، وصلت نسبتها ٩٥ ميكروجرام/ متر مكعب، متعدية المسموح به بنسبة ١٩٪، والجسيمات الصلبة الأقل من ١٠ ميكرومتر، تعدت المسموح به بنسبة ١٢ ٪.
تقنين على ورق
صدر قانون «تيسير الإجراءات الصناعية» رقم ١٥ لسنة ٢٠١٧، بدلًا من القانون رقم ٤٥٣ لسنة ١٩٥٤، الخاص بالمحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة العامة والخطرة. وكان الهدف من القانون الجديد كما أعلنت الحكومة هو توفير الوقت والجهد وتسهيل الإجراءات على المستثمرين.
سابقا كان على المستثمر الحصول على موافقة ١١ جهة مختلفة ليستوفِ الشروط، الأمر يستغرق في بعض الأحيان نحو عامين. أما القانون الجديد، فقسم الأنشطة الصناعية لنوعين؛ أنشطة صناعية قليلة المخاطر ويستغرق إصدار رخصتها سبعة أيام فقط، وأنشطة صناعية عالية المخاطر يستغرق إصدار رخصتها شهرًا واحدا.
يعارض عبدالرحيم موسى، مسئول التفتيش البيئى، القانون الجديد ويجد ما فيه من نظام «الرخصة بالإخطار»، بوابة لتقنين وضع المصانع المخالفة من دون تنفيذها الاشتراطات بشكل حقيقى على أرض الواقع.
ويقول موسى إن القانون الجديد ألغى صلاحيات مفتش البيئة في الإغلاق الفورى لأى منشأة من دون ترخيص، وقطع مرافق المياه والكهرباء عنها، طبقا للمادة الأولى والثانية من القانون القديم. وانحصر دور مفتش البيئة في تحرير المحاضر فقط، التى تحال إلى المحكمة وتظل شهورا فيها لتنتهى بتوقيع غرامة مالية على المخالف تبدأ من ٢٠٠٠ جنيه وتصل في أقصاها إلى ٢٠ ألف جنيه فقط. وبحسب موسى وضع القانون الجديد قرار الغلق بيد هيئة التنمية الصناعية التابعة لوزارة التجارة والصناعة التى تحرر محاضرها حتى تلزم المصانع توفيق أوضاعها.
ويلفت «موسى» إلى أن هيئة التنمية الصناعية تتجاهل التقارير المرسلة إليها من الإدارات البيئة وتحذيراتها من مغبة تقنين أوضاع المصانع المخالفة، وهو أمر جعل من السهل على أى مصنع تحضير ملف بيئى على الورق فقط، من دون تنفيذ أى خطوات حقيقية لتحقيق الأمن الصناعى والبيئى في المنشأة.
هل هناك حل؟
بكر عبدالمنعم، رئيس حى شرق شبرا الخيمة، قال إنه يجرى التفتيش الدورى على هذه المصانع من خلال حملات بيئية دورية، كما تتخذ الإجراءات اللازمة لتوفيق أوضاعها. وأكد أن هناك توجها حكوميا لنقل المصانع بعيدا عن المناطق السكانية، إما إلى منطقة بدر التابعة لمحافظة القاهرة وإما إلى الخانكة التابعة لمحافظة القليوبية، لإيقاف الأضرار الناتجة عنها، وأن القرار الآن لدى محافظ القليوبية. ولكن لم ينفذ أى من تلك الحلول حتى الآن.
هذا التحقيق أُنجز بدعم من شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية “أريج”.