البريطاني سوتيل.. «أعرج» واجه الألمان في فرنسا وتعرض للخيانة من الحلفاء «للحرب العالمية أسرارها»(9)

اشترك لتصلك أهم الأخبار

عانى من الشلل في صغره، ثم أصبح قائدًا في كبره لمنظمة تنفيذية استخباراتية كان عماد عملها الهبوط بالمظلات من دولة لدولة أخرى تحت أعين العدو المهيب، فرانسيس سوتيل بريطاني – فرنسي، كانت إحدى ساقيه أقصر من الأخرى كانت سبب في معاناته بالشلل منذ الطفولة، حتى كبر وتخلص من المشكلة وهي «العرج» وأصبح يستطيع المشي تدريجيا دون أن يعرج فيما بعد، استخدمته بريطانيا، لتأسيس منظمة seo التنفيذية للعمليات الخاصة السرية الخطيرة، لإجراء عمليات تجسس وتخريب واستطلاع في فرنسا، التي كانت تحت احتلال الألمان إبان الحرب العالمية الثانية.

«بروسبر» كان اسم الشبكة التجسسية المملوكة لبريطانيا وتعني «الطبيب» SEO، وكان يترأسها سوتيل الذي ولد في فرنسا، لأب بريطاني وأم فرنسية، وترعرع في بلدة والدته في شمال شرق فرنسا «ليل»، قبل أن يذهب إلى بلده الأصلية، وهو سرعان ما وقع الاختيار عليه لإتقانه اللغة الفرنسية، حتى يستطيع انشاء شبكه تجسس في الأراضي الفرنسية، لتسهيل مهمة دعم البريطانيين للفرنسيين لمواجهة الألمان تمهيدا لدخول أوروبا ودراسة الوضع بدقة.

شبكة SEO اثناء تدريبها في بريطانيا قبل ذهابها إلى فرنسا

تميزت الشبكة بنموها السريع والدوائر الواسعة من الاتصالات والمتعاونين خاصة الفرنسيين لبدء التوغل في فرنسا في ذروة الاحتلال الألماني لها، ولكن رغم ان الشبكة كانت كبيرة جدا ومتنوعة في عملياتها إلا أن أمنها كان ضعيف للغاية مما جعل الألمان يخترقونها بسهولة، بعد فشل موريس باكماستر قائد القسم الفرنسي لمقر الشركة في لندن من التعرف على الاشارات على أن الألمان قد تسللوا بسهولة إلى الشبكة في فرنسا.

نعود للبداية، كان سوتيل شجاعا، رائعا، قويا، شجاعا وحاسما، وكان رفاقه يشبهوه بـ«ايفانهو» – احدى القصص عن النبلاء في انجلترا قديما- ولكن وفق المؤرخ الأمريكي، روبروت مارشال كان يريد أن يكون بطل في سلاح الفرسان الانجليزي وليس جاسوسا أو رجل مخابرات، إلا أنه في مايو عام 1949 تم تكليفه بعد تجنيده وتدريبه على تأسيس شركة تخدم بريطانيا في صيف 1942 للقيام بمهمات مخابراتية في فرنسا ضد الألمان.

سوتيل وزوجته

ووفق المؤرخة الأمريكية، سارة هيلم، خلال حديثها لـ«المصري اليوم»، فإن سوتيل كان يتمتع بشخصية كاريزمية وقائد طبيعي وكان يتمتع بالذكاء، وبالتالي تم اختياره لإنشاء مكتب مخابراتي وسط باريس في عز الاحتلال النازي من أجل أن يغطي مساحة شاسعة من فرنسا، وتكون مهمة سوتيل أن يتم بناء الشبكة بالفرنسيين ولكن تحت السيطرة البريطانية.

وأشارت إلى أن سوتيل ذهب إلى فرنسا كساعي، وذهب إلى فرنسا بمظلة تم اسقاطه منها شمال شرق باريس، في منطقة ضاحلة، من خلال الطائرة المدنية التي يقودها الفرنسي هنري ديكوريت، موضحة أن انخراط سوتيل في المجتمع الفرنسي دون أن يلاحظ الألمان كان شئ طبيعي خاصة وأنه يتحدث الفرسية بطلاقة وبلكنة الفرنسيين لأنه عاش وتربى في ليل منذ الصغر وأمه فرنسية، مؤكدة أنه هبط بالمظلة في في 1 اكتوبر 42 بعد هبوط أول فرنسية كانت لاجئة في بريطانيا وتدعى اندريه بوريل إلى فرنسا بالمظلة أيضًا في سبتمبر من نفس العام، موضحة أن بوريل وسوتيل تجولوا في فرنسا لمدة شهر كامل دون أن يلاحظ أحد لاستكشف مكان اقامة شبكة المقاومة SEO، وتظاهروا بأنهم ساعي لفترة وتظاهروا انهم مزارعين لفترة أخرى، ونجحوا في ذلك.

الشبكة في فرنسا أثناء احدى عملياتها

وخلال أواخر عام 1942 والنصف الأول من عام 1943، وفق هيلم ومارشال- نمت الشبكة بسرعة للغاية، حيث غطت جزءًا كبيرًا من شمال فرنسا، وضمت الكثير من العملاء وحوالي 60 شبكة فرعية في انحاء البلاد، الأمر الذي جعل حكومة لندن وقتها تندهش من هذه السرعة، رغم أن الشيوعيين الفرنسيين الذين كانوا يعارضون الحكم الانجليزي كانوا ضمن الشبكة إلى أن البريطانيين لم تسعهم البهجة والقلق في نفس الوقت من المهمات المكلفة.

وأكد مارشال أن المهمة الأساسية لم يكن يعلمها سوتيل وهي أن شبكته كانت تمهد إلى غزو الحلفاء وليس لإقامة شبكات تجسس فقط، ولكن بريطانيا ومن وراها أمريكا كانت تسعى إلى أبعد من ذلك بكثير، موضحا أن الحلفاء كانوا يسعون إلى غزو فرنسا في خريف 1943، وكان سوتيل يساعد في ذلك دون أن يعلم، مؤكدا أن الشبكة كانت تجهز لقوة مقاومة غير مسبوقة في تاريخ فرنسا من خلال تخزين الشبكة للأسلحة والذخيرة بالمظلات الآتية من انجلترا لهذا السبب، من أجل ان تشغل المقاومة الفرنسية الألمان من الداخل، ويصبح من السهل أن تغزو بريطانيا وأمريكا سواحل فرنسا من الشمال.

الطائرة التي كان تقلهم ذهابا وايابا من بريطانيا إلى فرنسا

إلا انه كان هناك أمر جلل لم يتوقعه سوتيل ورفاقه، تم كشفه من قبل المؤرخ النمساوي، ادوارد سبيرو، الذي أشار في كتابه «إضرام النار في أوروبا»، والذي شرح فيه «أسرار السر البريطاني»، في أول كتاب له عام 1967، أي بعد انتهاء الحرب بـ22، تم تدمير أن الشركة تم تدميهرا في أسرع وقت من قبل الألمان، موضحا أن الألمان كانوا يعلمون تماما عن وجود الشركة وظلوا يراقبون أعمالها، حتى تم تدميرها، وهو ما جعل مهمة الغزو الذي تحقق بعداه بعام ونصف، مستحيل بعض الشئ.

وفي ابريل 1943، لاحظ الوكيل الفرنسي، بينيامين كابورن، وجود العديد من الأشخاص الذين يخرجون ويدخلون الشبكة ومقرها في باريس، وعند قلقه من توغل البوليس السري الألماني، «الجستابو» قام بتسليم كل الأجهزة إلى سوتيل ال1ي بدوره أوضح له أنهم أشخاص جندتهم بريطانيا لمساعدتهم فقط، إلا أن في الأخير كان الجستابو بالفعل لديه المعلومات بوجود الشبكة واعتقل الألمان الكثيرين منهم، فضلا عن اعتقال شقيقتين من المقاومة الفرنسية كانوا يعملون لصالح الشبكة وهم جريمن ومادلين تامبور، واستئصل الجستابو أغلب عملاء الشبكة من الفرنسيين والبريطانيين، وحاول سوتيل اطلاق سراح الشقيقتين برشوة بقيمة مليون فرنك فرسي، لألماني ليرسلها للجستابو إلا أن هذا الألماني، خدعه وأفرج عن عاهرتين بدلا من الشقيقتين تامبور، وهو ما مهد بعد ذلك لإلقاء القبض على سوتيل و10 من رفقاءه بعد ذلك، وفق ادورد سبيرو.

وشكك المؤرخ البريطاني، ناجيل بيرين، في وجود خائن في الشبكة، موضحا أنه الشبكة سقطت أسرع من انشاءها داخل فرنسا، مشيرا إلى أن الشكوك كانت تحوم حول، رئيس الحركة الجوية وقتها، الفرنسي، هنري ديكوريت، الذي كان يطير كثير بين فرنسا وانجلترا، لافتا إلى أن الألمان كانوا يسمحون له بالطيران دائما.

سوتيل خلال احدى اجتماعاته بالمقاومة الفرنسية في باريس

وكان ديكرويت هو الطيار الذي عولت عليه الشبكة استخدام طائرته لتوهيم الألمان بأنه ينقل مؤن ذهابا وايابا، مشيرا إلى أن ديكرويت كان يحط في 3 مناطق من أدورين في بلجيكا إلى نانت وباريس في فرنسا، موضحا أن في مارس 1943 قبل سقوط الشبكة بشهر واحد فقط، نقل ديكوريت أسلحة وذخيرة كثير من الجانب البريطاني إلى فرنسا، ولكنها مرت بأعجوبة، متسائلا:«هل يمكن للألمان أن جعلوه طعما للشبكة حتى تسقط من خلال السماح بالذخيرة والأسلحة بالمرور»، خاصة وأنه لم ينزل في مناطق زراعية مثلما كان متفق عليه دائما، موضحا أن ديكرويت كان دائم ارسال الرسائل من البريد ذهابا وايابا دون حبر سري، وكان ناجح بشكل فعال إلا أنه بعدما انزل الأسلحة والذخيرة في أماكن غير متفق عليها ربما كان الألمان قد كشفوا كل شئ.

والحقيقة هي أن سقوط سوتيل المأساوي للفرنسيين والبريطانيين جاءت على الرغم من شجاعتهم إلى أن كفاءة العملاء الذي عملوا معه كانت هي السبب، ووفق سارة هيلم، فإن سوتيل عاد إلى لندن بطريقة غريبة وشكك الجميع فيه كيف عاد في مايو 1943 رغم تدمير الشبكة من قبل الألمان، موضحة أن لم يكن أحد يعرف السبب، مشيرة إلى أنه عاد إلى فرنسا مرة أخرى بالمظلة بعد أن بدت ثقته محطمة للغاية وألقى اللوم على بريطانيا بعد اختراق شبكته تماما، وقام بإلغاء كل كلمات السر وصناديق البريد بين فرنسا وانجلترا بعد أن ارسل الهندية- البريطانية المسلمة التي كانت تعمل معه في الشركة وهي نور عناية خان بأخر رسائله إلى المخابرات البريطانية.

وبعدها بشهر نصب الألمان الكمائن اللازمة للقبض على الكنديان جون كينيث ماكاليستر وفرانك بيكرسجيل والفرنسيان بيير كوليلي وايفون روديلات، واعتقلهم الألمان، ومن ثم اعتقلوا مشغل الاتصالات اللاسلكية بين فرنسا وبريطانيا، جييلبيرت نورمان، حتى جاء ضابط ألماني في 23 يونيو من نفس الشهر الذي اعتقل فيه كل هؤلاء ليتم القبض مرة أخرى على سوتيل والمقاومة الفرنسية أندريه بوريل، ليكونوا القبض عليهم ضربة قاسمة للشبكة تماما لأنهم أول من وصلا ليبنوا الشبكة، في أحد الفنادق الرخيصة في باريس، وفق ما صرح به نجله فرنسيس جي سوتيل في كتابه «ظل الضباب».

واستمرت الاعتقالات، حتى تم القبض على أكثر من 400 شخصا منهم 167 تم ترحيلهم إلى ألمانيا، حيث تم اعدامهم وقتلهم في المعسكرات بشكل وحشي، وانتهوا في اكتوبر من نفس العام من القبض على نور عنايات خان التي استمر تعذيبها لمدة 10 شهور حتى قتلت من قبل النازيين.

إلا أن المؤرخة الأمريكية، سارة هيلم، أكدت في كتابها الذي نشر عام 2005 «خفايا الحياة»، موضحا ان هناك خطأ فادح هو من أوقع بالشبكة، وهو أن في 25 يونيو عام 1943، أن أحد الوكلاء في الشبكة برسالة اذاعية للندن من باريس، وقال فيها أن سوتيل وبوريل ونورمان، اختفوا وتم القبض عليهم، وساد صمت اذاعي وقتها بين الجانبين حتى يوم 7 يوليو، حتى وصلت رسالة أخرى من راديو جيلبيرت نرومان، واكدت الرسالة أن سوتيل قبض عليه بالفعل، ولكن يبدو أن نورمان مازال طليقا، ومع ذلك شكك البريطانيين أن هناك شئ غريب في الرسالة، خاصة وأن طريقة الرسالة كانت على غير المعتاد، موضحة أن نورمان يتمتع بسمعة عالية وكفاءة شخصية، إلا أن رئيس القسم الفرنسي في لندن التابع للشركة، موريس باكماستر، رفض تصديق الرسالة وأرسل رسالة وقتها يقول فيها لنورمان، احتفظ بفحصك الأمني بعد ذلك في المرة القادمة عند ارسالك الرسائل«، والقاء كلمة سر تسمى»القبضة«، إلا ان هذه الرسالة كانت خطأ فادح من باكماستر الذي شكك بأن نورمان كان تحت تهديد الألمان والبث كان تحت الاكراه، وبالتالي كان باكماستر كان أخبر بغير قصد الألمان بأن هناك جانب فرنسي في بريطانيا يتابع بث الاذاعة وان كل هذا مملوك للدولة البريطانية وليست اذاعة باريس العادية.

وأوضحت هيلم أن خبير اللاسلكيات الألماني، الدكتور جوزيف جويتز، الذي كان يخدم في مقر خدمات الأمن الألماني، قام بفك كل الشفرات اللاسلكية، وكان مخترق الشبكة من قبل وكانت ألمانيا تتظاهر بأن الشبكة كانت تعمل دون كشفها، وهو من كشف الطيار الفرنسي، هنري ديكوريت، من خلال لعبة راديو اسمها «فانك شبيل»، وظل البريطانيين والألمان يلعبون مع بعض عبر الراديو حتى انزال النورماندي عام 1944.

فيما المؤرخ البريطاني تيري كراودي، لـ«المصري اليوم»، إنه من المستبعد للغاية أن يكون هناك أي تواطؤ بين الوكالات البريطانية والنازيين، مشيرا إلى أنه يتفهم أن بعض المؤرخين قد يرغبون في خلق إحساس بذلك، لكن الحقيقة عادة ما تكون أكثر دنيوية، لافتا إلى أنه يرى الكثير من الناس يحاولون الادعاء بأن شبكة «بروسبر» قد تعرضت للخيانة كجزء من عملية خداع، مؤكدا أنه درس الخداع حول غزو فرنسا عام 1943، لكنه لم أر دليلاً على بيع عملاء بريطانيين لدعم ذلك.

وعن تخلي البريطانيين عنه، أشار إلى أنه علم العملاء استخدام أمور للتغطية على عملهم، ولكن بمجرد أسرهم يصبح مثيرهم غير معلوم خاصة مع النازيين، لافتا إلى أن سوتيل كان يهبط بالمظلات من بريطانيا إلى فرنسا بسهولة تامة خاصة وأن فرنسا بلد ريفي وقوات الاحتلال الألمانية تتمركز في نقاط استراتيجية، كان هناك الكثير من الثغرات.

وأوضح خلال حديثه مع «المصري اليوم»، ان سوتيل لم يكن عميلا للتجسس، ولكنه كان رئيس لشبكة مقاومة، وظل العديد من عملاء الشكة على قيد الحياة بعد ذلك، وما كان هذا يتعلق بالفرصة المحتملة لاكتساب المعلومات منهم من قبل الألمان، لاستخدامها كورقة مساومة محتملة، وعند نهاية الرايخ النازي، كانوا متوحشين في قتل عملاء بريطانيا وفرنسا بطريقة وحشية لأنهم أعداء بالنسبة لهم.

وأفاد بعض المؤلفين أن سوتيل أو نورمان أو كليهما بعد إلقاء القبض عليهما قد عقدا اتفاقًا مع رئيس خدمات الأمن الألماني، في باريس، جوزيف كيففر، وهي أنه إذا أخبر سوتيل أو نورمان الألمان عن مكان وجود مخابئ أسلحتهم، فإن معتقلين الشبكة سيعاملون معاملة أسرى الحرب وليس جواسيس لعدم اعدامهم، ولكن تم اعدام الجميع بما فيهم سوتيل، الذي تم نقله من باريس إلى معتقل في برلين حيث تم شنقه في مارس 1945 قبل انتهاء الحرب بشهرين فقط وبعد الحرب عام 1947، أجرت بريطانية تدعى فيرا اوتكينز مقابلة مع كيففر، اثناء محاكمته، وأوضح أنه لم يكن هناك اتفاقا من الأساس، مشيرا إلى أن نورمان كان مرن ولم يعترف على أحد، لافتا إلى أن الفرنسيين كانوا يتهمون أن سوتيل باع اتباعه الفرنسيين، وهنا شعرت عائلة سوتيل بالمرارة لأنهم لم يجدوا الدعم من الشبكة في بريطانيا بعد الحرب.

وفي عام 2014، تم تكريم سوتيل في لجنة الكومنولث ببريطانيا، وفي جروسبيك في هولندا، وتم وضعه في قائمة الشرف في النصب التذكاري للشبكة في فرنسا، وفقا لابنه فرنسيس جيه سوتيل.

أما الصحف البريطانية والفرنسية لم تصمت طويلا حول غموض ما حدث، فصحيفة «الجارديان» البريطانية، وصفت الأمر بالتضحية السرية، لعملاء خاطروا بكل شئ وراء الخطوط النازية، موضحة ان الرائد فرنسيس سوتيل كان أهم عميل بريطاني في فرنسا المحتلة، وكان يحلم اسم رمزي «بروسبر»

ويقول ابنه، المسمى أيضًا فرانسيس،: «لقد أنشأ والدي هذه الشبكة الهائلة في غضون بضعة أشهر فقط، أكثر مما توقعه أي شخص آخر». «كان مذهلاً في ظل هذه الظروف.. ولكن بعد ذلك انهارت بسبب سوء الحظ وسوء الأمن من قبل أحد مساعديه».

وأوضحت الصحيفة أن عام 2020 كانت احداثه صامتة بشكل غير متوقع بسبب فيرو «كورونا»، خاصة في الاحتفال بالذكرى الـ75 لنهاية الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى أن كان هناك نصب تذكاري لعملاء الشبكة الذين اعدمتهم ألمانيا رغم أنهم يجب أن يعاملوا معاملة أسرى الحرب المقاومين وليسوا جواسيس خونة لأنهم بريطانيين وفرنسيين وليسوا ألمان.

وأوضح نجل سوتيل أنه كان في الثانية من عمره فقط عندما هبط والده بالمظلة إلى فرنسا في أكتوبر 1942، وليس لديه أي ذكريات معه، ولا يعرفه إلا من خلال الصور والتقارير التي قدمها «بروسبر» أثناء إقامته سراً في باريس.. يقول: «إلى حد ما، لا أشعر بخسارته لأنه شيء لم أحصل عليه من قبل».. وتابع:«لكني أرى ندوب خسارة والدي عندما يسألني الناس عن ما حد له في معتقلات ألمانيا»،

العلبة المعدنية التي القطها انجلترا للفرنسيين ابان الحرب ورفض نجل سوتيل استلامها بعد ذلك

وأوضحت الصحيفة ان دور سوتيل كان الأهم في أوروبا رغم انه لم يكن يعلم ذلك، وأنه تم تسليم علبة الإمدادات المعروضة في متجر الإصلاح إلى فرانسيس الابن من قبل ابن مزارع فرنسي كان عمره 19 عامًا عندما أسقطها سلاح الجو الملكي البريطاني لصالح الشبكة. فيما أوضحت قناة «بي بي سي»، البريطانية أن العلبة المعدنية كانت تحمل رشاشين و600 طلقة و12 قنبلة يدوية رغم صغرها، وتم استخدامهم في انزال النورماندي عند تحرير فرنسا، إلا أن فرانسيس الإبن قال:«دائما ما كانت بريطانيا لا تحتفل بهم كونهم كاناو في شبكة سرية كيف ذلك والحرب انتهت..لقد دعيت للاحتفال ولكنني فكرت بالاعتذار لذلك أسف شكرا لا أريدها لقد فات الأوان بالنسبة لوالدي الذي كان يحلم بالتأكيد أن يرى تحرير فرنسا من الألمان فقط».

وقال الروائي البريطاني هاورد لينسكي: «لم يحدث عمل شجاع في ذروة قوة الألمان في ساحة المعركة، لذلك من الضروري أن يتذكر العالم قصة وشجاعة هؤلاء العملاء لأنه كانوا سلاحا سريا وقاتلا ضد آلة الحرب الألمانية القوية».

مؤتمر الدار البيضاء الذي جمع رئيس وزراء بريطانيا انذاك ونستون تشرشل والرئيس الأمريكي بروكلين روزفلت

أما صحيفة «لوموند» الفرنسية، فقد أكدت أن 400 من مقاتلي المقاومة الفرنسية دفعوا حياتهم مقابل خدعة من الحلفاء، موضحة ان بريطانيا باعت الشبكة للألمان لخداع هتلر في موعد الانزال، حتى وان تم التضحية بمقاتلي الشبكة جميعهم وهذا ما حدث، مؤكدة ان رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل نفسه لعب دورا في هذا الأمر بعدما أراد اشعال النار في أوروبا من خلال تسليح المواطنين الفرنسيين بطريقة كبيرة، من خلال العقيد موريس باكمساتر.

وأشارت الصحيفة أن بدايات الشبكة كانت مخيبة للآمال وليس كما يعتقد البعض، موضحة أن الحماس والكراهية ضد النازية كان بديلا ضعيفا للتدريب على الجياة السرية، مؤكدة ان بريطانيا كانت تريد فقط السيطرة على المقاومة الفرنسية دون النظر إلى خطورة حياتهم.

وأكدت أن في يناير 1943، في مؤتمر الدار البيضاء، ناقش تشرشل وروزفلت اللوم الشديد الذي وجهه إليهما ستالين، تحمل الاتحاد السوفياتي تقريبا وطأة الحرب، ووعد البريطاني تشرشل بإطلاق عملية في أوروبا لتخفيف حدة الجيش الأحمر الروسي، لكن القادة العسكريين أوضحوا لهم أنه باستثناء عمليات الإنزال المخطط لها في صقلية وإيطاليا، كان الأمر مستحيلًا ماديًا، ولكن بريطانيا أصرت وكانت النتيجة مخيبة للآمال دون أي انجاز يذكر.

  • الوضع في مصر

  • اصابات

    136,644

  • تعافي

    111,451

  • وفيات

    7,576

After Content Post
You might also like