تحولات في صناعة الذهب المصرية تقود لفرص واعدة للاستثمار

فقد سجلت صادرات الذهب والحلي والأحجار الكريمة زيادة قدرها 76% خلال الـ 9 أشهر الأولى من 2020 بعدما وصلت إلى 2.4 مليار دولار مقابل قابل 1.392 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، بحسب المجلس التصديري لمواد البناء.

ووفقًا للتقرير الرسمي، فقد تم تصدير خامات الذهب والحلي والأحجار الكريمة لنحو 32 دولة خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2020، من بينهم 5 دول جديدة هي: كرواتيا، التشيك، النمسا، مدغشقر، كوريا الجنوبية، لم يتم التصدير لها خلال الفترة من “يناير- سبتمبر” من العام الماضي.

استراتيجية طموحة

وتجني مصر ثمار إصلاحات واسعة أجريت في مجال التعدين، بعد أن أقرت الحكومة المصرية تعديلات على قانون الثروة المعدنية مطلع هذا العام، فتحت آفاقًا أكثر رحابة للاستثمار في مجال الثروة المعدنية، بحسب وصف حمدي عبد العزيز المتحدث الرسمي باسم وزارة البترول والثروة المعدنية.

ويقول عبد العزيز في تصريحات خاصة لموقع سكاي نيوز عربية، إن التعديلات الأخيرة في قانون الثروة المعدنية واللائحة التنفيذية للقانون أخذت في حسبانها آخر المستجدات في صناعة التعدين على مستوى العالم، وهو ما تم من خلاله تغيير النظم المالية، وأسلوب الطرح، كما تم فصل نشاط البحث عن الذهب عن نشاط الإستغلال.

 ويرى المتحدث باسم وزارة البترول والثروة المعدنية أن تعديلات القانون تمثل دفعة جيدة لمستقبل صناعة التعدين في مصر، لافتًا إلى أن هذه الخطوة جذبت كبرى الشركات العالمية والمصرية خلال أول مزايدة للتنقيب عن الذهب، مؤكدًا سعي الوزارة لاستغلال كل هذه الثروات لصالح الاقتصاد المصري، إذ تستهدف استراتيجية الوزارة حتى عام 2035 مساهمة الثروة المعدنية بنسبة 5% من الدخل القومي بمقارنة حاليًا بنصف في المائة. 

وبعد سنوات من عزوف الشركات الكبرى عن التنقيب، بسبب نظام اقتسام الإنتاج الذي كان معمولًا به في الماضي، تحول الأمر إلى نظام الضرائب التي تصل إلى 22.5%، والإتاوة التي لا تقل نسبتها عن 5%، إضافة إلى نسبة مشاركة مجانية لا يقل حدها الأدنى عن 15%، وفقًا لتعديلات الجديدة للقانون واللائحة التنفيذية.

 وفازت 11 شركة بأول مزايدة للتنقيب عن الذهب في مصر بعد التعديلات الأخيرة، منهم 7 شركات أجنبية و4 شركات مصرية، في حين قُدرت مساحة المناطق المطروحة بـ56 ألف كيلومتر مربع، تم تقسيمهم إلى 320 قطاعا في الصحراء الشرقية والبحر الأحمر، على أن تكون مساحة كل قطاع حوالي 170 كم2.

تطور ملحوظ وحاجة إلى تسهيلات

وفي ذات السياق، يرى وصفي أمين واصف رئيس الشعبة العامة للذهب والمصوغات بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن الزيادة في الصادرات في الخام وليس في المشغولات، وهو أمر جيد ينعكس على الاقتصاد المصري بشكل إيجابي؛ حيث يتم التصدير بالسعر العالمي، وترد حصيلة من العلملة الصعبة، تمثل مصدر جيد للدخل القومي.

ويوضح واصف في تصريحات خاصة لموقع سكاي نيوز عربية، أن صناعة مشغولات الذهب تطورت في مصر إلى درجة كبيرة جدا نتيجة أن المصنعين جلبوا ماكينات التصنيع من المعارض الدولية، وقاموا بتطويعها لتواكب المنتجات ذائقة المستهلك المصري.

 وإلى جانب النجاحات التي يحققها تصدير خام الذهب، يلفت واصف إلى مشكلة قائمة يطالب المسؤولين بالتدخل لحلها، ويطلب رئيس الشعبة العامة للذهب والمصوغات، تخفيف الأعباء المفروضة على تصدير المشغولات التي تمنع تصديرها بسعر منافس، وتتمثل في رسم تثمين الذهب بقيمة 1%، بالإضافة إلى ضرائب القيمة المضافة، ورسم الدمغة.

ثروة هائلة

تزخر مصر بعدد من المناجم التي تمثل درة إنتاجها من الذهب الخام، حيث برع المصريون منذ عهد أجدادهم الفراعنة في استخراج الذهب من المناجم، فلم يثبت من خلال دراسات علماء المصريات أنهم قاموا باستيراد الذهب المستخدم في مشغولات الزينة أو المنحوتات الجنائزية.

وقبل عشرة سنوات لم تكن مصر موجود على خريطة إنتاج الذهب، إلا بعد تشغيل منجم السكري عام 2010 الذي توقف الإنتاج به عام 1954، ويحوي نحو 15.5 مليون أوقية ذهب.

 إلى جانب منجم السكري، يوجد عدد من المناجم الأخرى، أبرزها: منجم حمش، ويقع على بعد 100 كم غرب مدينة مرسى علم بالصحراء الشرقية قرب محمية وادي “الجمال حماطة”، منجم وادي العلاقي، الذي يقع على بعد 250 كيلو مترا جنوب شرق مدينة أسوان، جنوبي مصر.

وعند الكيلو 105 شرق مدينة إدفو، يوجد منجم البرامية، ويعتبر من أغنى مناجم مصر، أما منجم أم عود يقع عند الكيلو 55 جنوب غرب مدينة مرسى علم، ويوجد منجم المثلث الذهبي بمنطقة المثلث الذهبي التي تقع بمحافظة البحر الأحمر بين سفاجا والقصير، ويضم 94 موقعا للذهب.
وفي يوليو الماضي أعلن طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية تحقيق كشف تجاري للذهب في منطقة (إيقات) بصحراء مصر الشرقية باحتياطي يُقدر بأكثر من مليون أوقية، بحد أدنى بنسبة استخلاص 95 في المئة.

أول مدرسة للذهب

لم تعرف صناعة الذهب من قبل منهجية علمية تقدم في إطار رسمي يخضع لنظم الدولة التعليمية في مصر، ومن هنا جاءت فكرة أول مدرسة تكنولوجيا تطبيقية متخصصة في صناعة الحلي والمجوهرات بنظام الـ 3 سنوات، بدأت باستقبال الدفعة الأولى في العام الدراسي 2019 – 2020).

ويقول، الدكتور وائل نصار، خبير الإدارة الحديثة إن مدرسة صناعة الحلي والمجوهرات تتبع التعليم الفني التكنولوجي التي تقره الدولة وتدعمه في السنوات الأخيرة، وهي واحدة من بين 4 نماذج من التعليم التكنولوجي، مثل مدرسة صناعة الأثاث في مدينة دمياط (شمالي مصر).

ويضيف نصار لموقع سكاي نيوز عربية، أن المدرسة جاءت لحماية مهنة صناعة الذهب من الإنقراض، حيث تقوم بتعليم الطلاب أصول المهنة، موضحًا أن القبول في المدرسة يبدأ بعد نهاية المرحلة الإعدادية، وتعطي شهادة دبلوم متوسط.

ويتابع: تسع المدرسة حاليا حوالي 400 طالب بين إناث وذكور، لكن الإقبال أكثر من الذكور، ويعتمد القبول بالمدرسة على مجموع الشهادة الإعدادية، وما يفسر التهافت على الدراسة بها، هو ما توفره المدرسة من فرص عمل مجزية للطلاب، ويختم: هناك مساعي حاليا لتطوير نظام الدراسة حتى تمنح شهادة البكالوريوس.

وتعمل المدرسة بنظام يومين نظري و4 أيام دراسة عملية بالورش، وتضم ورش التدريب أحدث اﻷجهزة والمعدات في صناعة الذهب والمجوهرات، ووفقًا لوزارة التربية والتعليم فإن الطلاب يحصلون على مكافأة تتراوح بين 300 و600 جنيه شهريًا.

مدينة صناعة الذهب

مخطط جديد، يدعم منظومة صناعة الذهب في مصر، كشف عنه مؤخرا علي المصيلحي، وزير التموين، إذ أعلن في تصريحات صحفية عن سعي الدولة لإنشاء مدينة خاصة بصناعة الذهب، بمنطقة العبور، وستتضمن المدينة حسب المخطط المعلن إنشاء 400 ورشة فنية لإنتاج الذهب، و150 ورشة أخرى تعليمية، ومدرسة تعليمية كبيرة.

وأضاف: ستضم المدينة معرضا دائما طوال العام، مختص بصناعة الذهب، إلى جانب وجود عرض مساحات خاصة لتجار الذهب بمصر، مؤكدًا الانتهاء من الدراسة، التي تضمن تكلفة المشروع ومصادر تمويله، على أن تبدأ الخطوات التنفيذية للمشروع عقب توفير وزارة الإسكان لقطعة  الأرض المناسبة.

 

After Content Post
You might also like