تفاؤل في أسواق النفط .. فرص كبيرة لتحقيق مكاسب مع تعافي الطلب ونجاح اللقاحات
توقع مختصون ومحللون نفطيون، أن تحقق أسعار النفط الخام في بداية تعاملات العام الجديد مكاسب بفعل التفاؤل بتجاوز تداعيات جائحة كورونا في ظل الانتشار السريع للقاحات الفيروس الجديدة وتوقعات تسارع وتيرة تعافي الطلب في ضوء خطة التحفيز الأمريكية وتولي إدارة جديدة برئاسة جو بايدن في 20 كانون الثاني (يناير) الجاري.
وقال لـ«الاقتصادية» مختصون، إن الأسعار ستتلقى دعما أيضا من عقد الاجتماع الوزاري الأول لدول “أوبك +”، الذي ينطلق اليوم افتراضيا ويبحث تطورات وضع السوق النفطية ومستجدات العرض والطلب والمخزونات ووضع الإنتاج الأمريكي وإنتاج خارج “أوبك +” بشكل عام ويخلص إلى تحديد مستوى الإمدادات الملائم لشباط (فبراير) المقبل وسط توقعات بإجراء زيادة طفيفة جديدة مثل ما حدث بشأن إمدادات كانون الثاني (يناير) وتبلغ 500 ألف برميل يوميا.
وذكر المختصون أن روسيا أعلنت تأييدها مسبقا لإجراء زيادة جديدة في الإنتاج مماثلة لزيادة كانون الثاني (يناير)، بينما كشفت اجتماعات اللجنة الفنية يوم الأحد عن ارتفاع امتثال المنتجين لحصص خفض الإنتاج 101 في المائة مع استمرار نجاح التعويضات الإنتاجية لبعض المنتجين، التى تمتد حتى آذار (مارس) المقبل.
من جانبها، ذكرت وكالة “بلاتس” في أحدث بياناتها، أنه منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، يجب على خمسة أعضاء في “أوبك” وست دول منتجة من خارج “أوبك” إجراء تخفيضات متأخرة قدرها 2.56 مليون برميل يوميا من أجل اللحاق بركب اتفاق “أوبك +” وفي مقدمتها العراق وعليها ديون متأخرة قدرها 589 ألف برميل يوميا وجنوب السودان 363 ألف برميل يوميا، مشيرة إلى أن المهمة أصبحت أقل صعوبة مع الزيادات التدريجية في إنتاج “أوبك +”، لكن بقية المنتجين في التحالف يريدون – في الاجتماع الجديد – تأكيدات من منتهكي الحصص بأن التجاوزات قد انتهت.
وفي هذا الإطار، يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة “كيو إتش آي” لخدمات الطاقة إن فرص تحقيق مكاسب سعرية تعد كبيرة في العام الجديد في ضوء توقعات قرب السيطرة على الجائحة، رغم أن الإصابات ما زالت مرتفعة، لكن خلال شهرين – بحسب بعض التقديرات الدولية – يمكن إحراز تقدم جيد بفضل اللقاحات وخطط التحفيز المالي والاقتصادي وفي ظل توقعات بقرب إنهاء فترات الإغلاق العام في أوروبا.
وأشار إلى أن اجتماع وزراء “أوبك +” في أول لقاء شهري في بداية العام سيحمل على الأرجح كثيرا من رسائل الطمأنة للأسواق وسيؤكد على تماسك الشراكة بين المنتجين وعلى رغبة الجميع في تحقيق أعلى مستوى من الامتثال لمصلحة استقرار السوق وتوازن العرض والطلب وهو ما جعل روسيا تعلن عن انخفاض مستوى إنتاجها على أساس سنوي 8 في المائة، في نهاية 2020.
ويرى، دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة “تكنيك جروب” الدولية، أن عام 2020 كان عاما صعبا ومضطربا على السوق النفطية وهو ما فرض تحديدات هائلة على المنتجين في “أوبك +”، مشيرا إلى أن تحديد سياسات الإنتاج في عام 2021 ليس بالمهمة السهلة أمام المنتجين في ضوء استمرار حالة عدم اليقين وتلاحق المستجدات والمتغيرات المؤثرة في السوق ولذا حسنا فعل المنتجون بتحولهم إلى عقد اجتماعات شهرية لملاحقة تطورات وضع السوق.
وأشار إلى أن المنتجين في “أوبك +” يحتاجون إلى مستوى أسعار مرتفع من أجل تخفيف أعباء الموازنات العامة ولذا يركزون على تفادي سيناريو العودة إلى حالة تخمة المعروض في الأسواق، كما يسعون إلى تعزيز حصصهم في السوق، مع توقع تعافي وعودة الطلب على النفط، معتبرا أن عقد الاجتماعات بشكل شهري سيجعل المنتجين على أهبة الاستعداد لمواجهة تطورات جائحة كورونا.
ومن ناحيته، يقول بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة، إن السوق بشكل عام يتجه إلى التعافي في ضوء خطط التحفيز الاقتصادي ونجاح واعتماد عدد جيد من اللقاحات الجديدة، موضحا أن عام 2020 كان عاما شديد التوتر وغير مسبوق في تاريخ الصناعة، خاصة عندما تدخل منتجو “أوبك +” لانتشال السوق في نيسان (أبريل) الماضي من خلال إجراء تخفيضات كبيرة وقياسية في الإنتاج لإنقاذ السوق من الانهيار وهو ما أثر بالفعل في اقتصادات الدول المنتجة خاصة كبار المنتجين.
ولفت إلى أن خطة التعافي ستحتاج إلى بعض الوقت، خاصة أن الانهيار كان كبيرا وذلك بعدما انخفضت أسعار خام برنت بأكثر من 20 في المائة، عن مستويات العام الماضي ما أدى إلى استنزاف خزائن الدول المنتجة، مشيرا إلى أن تعافي الطلب سيكون تدريجيا، لأنه لا يزال استهلاك النفط والوقود ضعيفا ولا سيما في قطاع الطيران بعد انكماش حركة السفر إلى مستويات غير مسبوقة.
وتؤكد أرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة “إفريكان ليدرشيب” الدولية، أن “أوبك +” تدرك في أول اجتماعاتها في بداية 2021، أن طريق التعافي ليس ممهدا وأن نجاح لقاحات فيروس كورونا في احتواء الوباء سيستغرق شهورا وهو ما يتطلب استمرار حالة الحذر في زيادة الإمدادات النفطية بشكل شهري متدرج وبعد دراسة وقراءة متأنية لوضع السوق النفطية.
وأوضحت أن زيادة الإنتاج بنحو 500 ألف برميل شهريا هي خطة تدريجية ستحقق النجاح وجاءت بعد دراسة متأنية وبعد التوصل إلى حلول وسطية وتوافقية بين رغبات المنتجين، الذين يرغب بعضهم في العودة إلى زيادة سريعة في الإنتاج وبين آخرين يفضلون الإبقاء على التخفيضات الواسعة بسبب المسار غير المؤكد للتعافي من الوباء، مشيرة إلى أن زيادة الإنتاج من قبل “أوبك +” ستحد من تطلعات شركات النفط الصخري الأمريكية إلى زيادة الإنتاج استجابة إلى تنامي الأسعار.
من ناحية أخرى، وفيما يخص أسعار النفط الخام في ختام الأسبوع الماضي ونهاية العام الماضي 2020، تراجعت أسعار النفط خلال تعاملات يوم الخميس (آخر جلسات عام 2020) وسجل النفط الخام خسائر سنوية حادة نتيجة تعرضه لعدة أحداث سلبية أبرزها جائحة كورونا، التي أثرت سلبا في الطلب العالمي.
وتزامنا مع تفشي الجائحة، اضطرت عديد من الدول لفرض قيود الإغلاق والعزل العام لعدة أسابيع وأحيانا لأشهر من أجل احتواء الفيروس، الذي أصاب أكثر من 83 مليونا حتى الآن، بينما توفي ما يقرب من 1.8 مليون شخص جراء إصاباتهم بالمرض.
وعلى أثر ذلك، توقفت المصانع وشل النشاط الاقتصادي على مستوى العالم وأغلقت المدارس والمطاعم والمقاهي والمتنزهات، كما توقفت السيارات، ومن ثم، لم تعد هناك حاجة للطاقة، وبالتبعية، تعرض النفط لصدمة شديدة.
وعلى صعيد التعاملات، انخفضت العقود الآجلة لخام “نايمكس” الأمريكي تسليم شباط (فبراير) بحلول الساعة 16:06 بتوقيت جرينتش 0.4 في المائة، إلى 48.1 دولار للبرميل، وسجلت أعلى سعر اليوم عند 48.4 دولار وأقل سعر عند 47.7 دولار. وتراجعت العقود الآجلة لخام “برنت” تسليم شباط (فبراير) 0.4 في المائة، إلى 51.4 دولار للبرميل، وسجلت أعلى سعر عند 51.6 دولار وأقل سعر عند 50.9 دولار.
وعلى مدار العام الماضي سجل الخام الأمريكي خسائر سنوية 22 في المائة، هي الأكبر منذ عام 2018، بينما سجل خام “برنت” خسائر سنوية 23 في المائة، هي الأكبر منذ عام 2015.
وفي نهاية آخر جلسة في العام، ارتفعت العقود الآجلة لخام “نايمكس” تسليم شباط (فبراير) 0.3 في المائة، أو ما يعادل 12 سنتا وأغلقت جلسة نيويورك عند 48.52 دولار للبرميل، لكن الخام الأمريكي سجل خسائر سنوية عام 2020 20.5 في المائة،
وصعدت العقود الآجلة لخام “برنت” تسليم شباط (فبراير) 0.3 في المائة، أو ما يعادل 17 سنتا وأغلقت جلسة لندن عند 51.80 دولار للبرميل، وسجل الخام العالمي خسائر سنوية 16 في المائة،
من جانبه، اشار تقرير شركة بيكر هيوز الدولية إلى انخفاض عدد منصات النفط والغاز في الولايات المتحدة بستة إلى 407 في الأسبوع الماضي.