وزيرة التخطيط: الزيادة السكانية تلتهم كل جهود التنمية

قالت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إن جميع البرامج المنفذة لتنمية الأسرة المصرية أو المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” تؤكد أهمية خفض زيادة السكان والعمل على تحسين جودة الخصائص السكانية كأساس لتنمية الأسرة، محذرة من أن أي اختلال في تحقيق التوازن بين الزيادة السكانية والموارد المتاحة قد يؤدي لالتهام كل جهود التنمية.

جاء ذلك خلال الندوة التي نظمها صالون “جريدة الجمهورية الثقافي” اليوم الثلاثاء، تحت عنوان “الزيادة السكانية.. ومستقبل مصر”، بمشاركة وحضور عدد من الوزراء ورؤساء تحرير الصحف القومية، ومفتي الجمهورية، ورئيس الهيئة الوطنية للصحافة ورئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

واستعرضت السعيد، جهود الدولة في التخطيط التنموي المرتكز على رؤية شاملة وطموحة للمستقبل تمثلت في رؤية مصر 2030، مشيرة إلى الأبعاد الثلاثة – الاجتماعي والاقتصادي والبيئي – الرئيسية للرؤية وأهمية تحقيق التوازن بينهم.

وأضافت أنه بعد حدوث جائحة كورونا كانت مصر الدولة الوحيدة التي حققت معدل نمو اقتصادي موجب 3.6%، حيث إن العام الحالي من المستهدف تسجيل معدل نمو قريب من 3% وسيتم إعلانه خلال أيام، مع تحقيق معدلات تشغيل معتدلة خلال الجائحة في ظل توقف عدد كبير من الأنشطة.

وأوضحت أن الحيز المالي الذي أتيح من خلال إصلاح السياسة المالية ومن خلال الاحتياطي، ساهم في إمكانية توفير السلع والخدمات في السوق وبأسعار معقولة، مشيرة إلى أن التنمية تتحقق بأن يستشعر المواطن ثمار تلك التنمية.

وتابعت أن “المورد البشري هو أهم مورد وثروة أساسية يتم الاعتماد عليها في إتمام عملية التنمية، وأنه لتحقيق الاستدامة في التنمية لابد أن يكون هناك مواطن قادر على الإنتاجية حاصل على تعليم وغذاء وصحة جيدة ليساهم في زيادة الناتج القومي”.

وأشارت إلى أن عدد السكان في مصر بلغ 102 مليون نسمة، وأن متوسط معدل الخصوبة بلغ 3.4 طفل لكل سيدة، مؤكدة الحاجة إلى خفض معدل الإنجاب لكل سيدة، وأن هناك قاعدة بيانات محددة ودقيقة على مستوى المحافظات.

وأوضحت أنه منذ عام 1950 كان معدل الزيادة السكانية 20 مليون كل 28 عاما، لتصبح بعدها كل 21 عاما ثم كل 14 عاما ثم 8 سنوات، متابعة أن هناك 14 مولودا كل ثانية مما يعكس الزيادة السكانية المتتالية.

ولفتت إلى أن هناك الكثير من الدول من بينها دول إسلامية استطاعت بالفعل خفض معدلات الإنجاب خلال عدة سنوات، مشيرة إلى دولة إندونيسيا والتي خفضت المعدلات من 5.6 إلى 2.3 مولود، وبنجلاديش والتي انخفضت من 6.9 إلى 2.1 مولود، وتايلاند من 6.1 إلى 1.5 مولود، وماليزيا من 6.4 إلى 2 مولود وإيران من 6.5 إلى 2.1 مولود لكل سيدة.

وأضافت أن مصر وكل الدول بدأت منذ الستينات في وضع خطط سكانية استطاعت كل الدول تحقيق الاستدامة بهذا الشأن إلا أن مصر تبذل الكثير من الجهد لتنخفض معدلات السكان ثم ترتفع مره أخرى، وأن ذلك يعود لعدم تكامل بين السياسيات وغياب سياسة سكانية متكاملة يتم العمل وفقًا لها.

وأكدت أهمية تحقيق التوازن بين الزيادة السكانية والموارد المتاحة، حيث إن أي اختلال قد يؤدي لالتهام كل جهود التنمية وانخفاض نصيب الفرد من النمو الاقتصادي، وعدم شعور المواطن بثمار التنمية، فضلًا عن ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض متوسط الدخل، وزيادة الطلب كانعكاس الزيادة السكانية على البعد الاقتصادي.

واستعرضت آثار الزيادة السكانية على البعد الاجتماعي والتي تتمثل في انخفاض نصيب الفرد من خدمات التعليم والصحة، حيث إنه خلال الـ7 أعوام الماضية ما تم تخصيصه من استثمارات فقط على الصحة والتعليم ارتفع بنسبة 506% مما يعكس اهتمام الدولة ببناء الإنسان والاستثمار في العنصر البشري، كما يعكس قدرة الدولة على ضخ استثمارات مع الزيادة السكانية المتتالية.

وتابعت أنه إذا استمر معدل الإنجاب عند 3.4 طفل لكل سيده في 2050 سيحتاج إلى 4 أضعاف الإمكانيات الحالية فيما يخص التعليم، 9 أضعاف الإمكانيات الحالية فيما يخص الخدمات الصحية.

وتناولت السعيد الحديث حول مبادرة حياة كريمة، مؤكدة أنها تمثل تجربة تنموية غير مسبوقة على المجتمع المصري لابد وأن يتواجد معها تنمية للمواطن المصري لضمان استدامة الجهود، موضحة أن الدولة تضخ لأول مرة بالمجتمع المصري خلال 3 سنوات ما يقرب من 800 إلى 900 مليار جنيه لخدمات الصرف الصحي والخدمات التعليمية والصحية والسكن، وفرص العمل.

ولفتت إلى أنه لاستدامة تلك الجهود لابد وأن يتواجد معها خطط لتنمية الأسرة المصرية على مستوى الريف المصري، مؤكدة أنه ولأول مرة يتم دمج المكون السكاني في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأن الهدف ليس فقط ضبط النمو السكاني بل الارتقاء بالخصائص السكانية من خلال استثمار أفضل في التعليم، والصحة والتغذية والتدريب وغيره.

وأوضحت أن هناك مجموعة من المحاور التي يتم العمل عليها مع وزراء التضامن والصحة وعدد من الوزارات والمجلس القومي للمرأة، للعمل على خطة متكاملة بالتعاون مع الجامعات والمدراس والأزهر الشريف وفضيلة المفتي والكنيسة، والمؤسسات الثقافية.

وأشارت إلى التمكين الاقتصادي للمرأة باعتباره أحد أهم الأمور التي حققت قدرًا عاليًا من النجاح، وتوفير فرص عمل للمرأة، وعدم مصادرة المرأة من التعليم ووقف وتغليظ عقوبة المشاركين بجريمة الزواج المبكر، موضحة أنه وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإن هناك نسبة مواليد عند سن أقل من سن الزواج الرسمي.

ولفتت إلى أن المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية يمثل خطة قومية توازي خطة “حياة كريمة” من حيث تنمية الأسرة المصرية، حيث إن تلك الخطة ستشمل محور التمكين الاقتصادي، ومحور التدخل الخدمي بإتاحة خدمات تنظيم الأسرة حيث يتم تدريب جميع المدربات والريفيات.

وقالت إن الخطة تشمل أيضًا محور التدخل الثقافي والإعلامي والتعليمي، وتدريب وتوفير فرص عمل لمليون سيدة، مشيرة كذلك إلى محور التحول الرقمي ومحور التدخل التشريعي وتغليظ عقوبات الزواج المبكر.

After Content Post
You might also like