طقس بارد وأسعار ساخنة.. ماذا يحمل شتاء 2021 لمنتجي الطاقة؟
سجلت أسعار النفط ارتفاعا كبيرا على مدار اليومين الماضيين ليصل البرميل من خام برنت إلى 55.38 دولار، فهل تلك نعمة الشتوية لمنتجي لنفط هذا العام؟
بلا شك يوفر الطقس المتجمد الذي سيطر على أجزاء كبيرة من نصف الكرة الشمالي نعمة شتوية لأسعار النفط، والغاز، والفحم، إذ يلبي الموردون ارتفاعا في الطلب على التدفئة.
كما أنه في ظل انخفاض درجات الحرارة في معظم أنحاء أوروبا وآسيا أكثر من المعتاد بكثير، يتوقَع متنبئون أن يستمر هذا الانخفاض مدة شهر يناير.
عمليا دعمت حالة البرد أسعار النفط، التي ودعت الـ50 دولارا للبرميل لتلامس 55 دولارا الجمعة، وإذ يستمر المستهلكون بالعمل من منازلهم بسبب تفشي الفيروس، يعني المزيد من حرق وقود التدفئة وبالتالي ارتفاع الطلب أكثر.
ولأن الطقس بشكل خاص قاس في شمال شرق آسيا. ففي اليابان، توقعت شركة تكرير رئيسية أن يكون الطلب أعلى بنسبة 7% بالمقارنةً مع العام الماضي، كما درست كوريا الجنوبية خطة للاستفادة من احتياطيات الدولة لتلبية الاستهلاك المتزايد.
أما في الصين، أدى الطلب على التدفئة إلى استنفاد إمدادات الطاقة، واشترت المصانع مولدات تعمل بالديزل للإبقاء على الأضواء.
وبحسب بعض التقديرات، تقلص 800 ألف برميل يوميا، أو ما يقرب من 1% من الطلب العالمي على النفط خلال يناير الماضي، وهو الشهر الذي تراجعت فيه أسعار الغاز الطبيعي المسال في آسيا.
الاستهلاك في الصين
شهدت موجة البرد في الصين انخفاض متوسط درجة الحرارة في ديسمبر إلى أدنى مستوى لها منذ 2013، وحذرت إدارة الأرصاد الجوية في البلاد من حدوث انخفاض حاد آخر في المناطق الشرقية في الأيام المقبلة.
كما شهدت العواصم الأوروبية ارتجافا، إذ تقل درجات الحرارة في لندن 5 درجات مئوية دون المتوسط، وفي مدريد 6 درجات أقل من المعدل الطبيعي خلال 30 عاما.
وزاد استهلاك الطاقة في الصين فقد عاد الاقتصاد للعمل بعد جائحة كورونا- بنسبة 11% في ديسمبر، أي أكثر من ضعف النمو في الشهر نفسه من العام السابق، وفقا للجنة الوطنية للتنمية والإصلاح.
ويباع الغاز الطبيعي المسال بحدود المستويات القياسية في شمال آسيا؛ إذ يفوق الطلب المتزايد الإمدادات المتاحة، في حين قفزت شحنات الوقود إلى آسيا بنحو 9% في ديسمبر مقارنةً بالعام الماضي، وفقا لبيانات تتبع السفن التي جمعتها بلومبرج.
وفي الشهر الماضي، أرسل كبار مستوردي الوقود في الصين إخطارات للعملاء يحذرون فيها من تشديد الإمدادات وسط عمليات سحب قياسية من مواقع تخزين الغاز.
يقول “بيتر لي”، كبير محللي النفط والغاز في شركة “فيتش سوليوشنز”: “تثبت درجات الحرارة الباردة أنها داعمة لأسعار الغاز الطبيعي المسال في آسيا، في وقت اتجهت الأسعار بالفعل نحو الارتفاع، بجانب انتعاش أسعار النفط العالمية، وشح الإمدادات”.
أضاف أنه في حين أن الأسعار ستتراجع مع انخفاض الطلب الموسمي، إلا أن هناك نظرة مستقبلية متفائلة طوال العام 2021 بشأن التعافي بعد الوباء، ومع تحسين سياسات الطاقة الخضراء لاعتماد الوقود في مختلف الصناعات.
وفي وقت سابق قفزت أسعار الغاز الأوروبية إلى أعلى مستوى منذ يناير 2019. ويتم أخذ الوقود من مرافق التخزين بوتيرة أسرع.
ووفقا لبيانات من “غاز انفراستراكتشر يوروب” (Gas Infrastructure Europe) تراجعت مستويات التخزين في ألمانيا، أكبر مستهلك للغاز في أوروبا، إلى أدنى مستوى لها منذ شتاء 2016-2017، ومن المرجح أن يعني ذلك ارتفاع الطلب في شمال أوروبا وشرقها لتجديد المخزونات.
وشهد ارتفاع الطلب على الطاقة في الصين، إلى جانب مشاكل السلامة في مناطق التعدين، وقيود الاستيراد ارتفاعا أيضا في أسعار الفحم الحراري إلى مستويات قياسية، في حين تحول بعض أصحاب المصانع إلى مولدات الديزل بعد أن قام مُشغِّلو الشبكة بترشيد الكهرباء للمستخدمين الصناعيين والتجاريين لضمان إمدادات كافية للمنازل.
وارتفعت أسعار الديزل بالجملة في الصين أواخر الشهر الماضي إلى أعلى مستوى منذ أبريل، وفقا لبيانات من المكتب الوطني للإحصاء في البلاد.
الإمدادات الفورية
وفي اليابان، سجلت أسعار الكهرباء الفورية يوم الأربعاء ارتفاعا تاريخيا لليوم الخامس على التوالي وسط طلب قوي. واضطرت المرافق إلى الحدِّ من التوليد في محطات الطاقة التي تعمل بالغاز بسبب المخزونات التي تقل عن المعتاد.
وأجبر الطلب الذي يفوق المتوقع على الغاز أكبر المُشترين في آسيا، بما في ذلك شركة “كوريا غاز” وشركة “جيرا” اليابانية، على السعي للحصول على إمدادات فورية.
وفي الشهر الماضي قالت “إينيوس” (ENEOS) وهي أكبر شركة تكرير يابانية، إن الطلب على الكيروسين وهو وقود رئيسي للتدفئة المنزلية في بعض أجزاء من آسيا- سيرتفع كنتيجة مباشرة للطقس الذي تفوق برودته المعتاد.
كما أن الكيروسين مشابه جدا لوقود الطائرات، إذ يوفر علاجا لقسم من سوق النفط الأكثر تضررا من الفيروس؛ وهو الطيران التجاري.
الأوضاع في أمريكا
من المؤكد أن هناك نظرة مختلفة في الولايات المتحدة، إذ يؤدي الطقس المعتدل الحالي عبر الشمال الشرقي، الذي يمثل الغالبية العظمى من استهلاك زيت التدفئة في البلاد، إلى الحد من الطلب.
وكما تضخم العرض مع قيام المصافي بوضع وقود الطائرات في صف نواتج التقطير.
وتراجعت أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة بنحو 20% منذ أن بلغت ذروتها في 30 أكتوبر، مما يجعل الوقود الأسوأ أداء بين السلع الرئيسية في ظل تلاشي الآمال في شتاء بارد.
وتراجع الطلب على التدفئة عن المتوسطات طويلة الأجل في ثمانية من الأسابيع العشرة الماضية، وفقاً للبيانات التي نشرتها خدمة الطقس الوطنية التابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، مما دفع المتداولين إلى خفض رهاناتهم الصعودية على الغاز في بورصة نيويورك التجارية.