التحول الرقمي في صناعة طب الأسنان
عندما سطع نجم التحول الرقمي خلال الأعوام الماضية، غمرت أشعته جميع الصناعات بكل أصنافها وأشكالها، ومنها على سبيل المثال الصناعات الطبية أو صناعة طب الأسنان Dentistry تحديدا. يعد التحول الرقمي في طب الأسنان أحد العوامل الرئيسة التي غيرت قواعد اللعبة في القرن الـ 21 لمواجهة التحديات الحالية والمقبلة في مجال طب الأسنان والرعاية الصحية. ويتطلب طب الأسنان الرقمي إدارة التوقعات بطريقة عملية وضمان الشفافية لجميع أصحاب المصلحة مثل المرضى ومقدمي الرعاية الصحية والمؤسسات الجامعية والبحثية والتأمين الصحي ووسائل الإعلام وغيرها. ويؤدي عديد من الاتجاهات الأساسية إلى تغييرات هيكلية عميقة في مجال رعاية الأسنان وتبني الحلول الرقمية المتقدمة أمرا ضروريا للبقاء في صدارة المنافسة. لقد شهدت صناعة الرعاية الصحية، بحكم التطور في التقنيات الرقمية، تغييرات مذهلة مثل رقمنة السجلات الصحية وزيارات المرضى الافتراضية والتصوير الرقمي عالي الدقة وما إلى ذلك. إن الحلول الرقمية سرعت من اعتماد دمجها في سلاسل طب الأسنان المختلفة، ويرجع السبب في ذلك إلى تطور التقنية وانخفاض تكلفة البدائل، وقد يعزى السبب إلى نقص المؤهلين – أطباء الأسنان والفنيين والممارسين -، وتغير تفضيل المرضى ومناهج مدارس طب الأسنان، فضلا عن معايير العلاج الجديدة. لكن هذه الحلول المتقدمة ستغطي سير عمل الأسنان بالكامل وتقدم فوائد قابلة للقياس لأطباء الأسنان والفنيين والمرضى.
ترتكز الاتجاهات والابتكارات في صناعة طب الأسنان في العصر الرقمي على تقنية الواقع المعزز Augmented Reality والواقع الافتراضي Virtual Reality وتقنية الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence وتعلم الآلة Machine Learning والطباعة ثلاثية الأبعاد 3D Printing وتصنيع النماذج الأولية والتجريب المتداول والرعاية الشخصية والرعاية الصحية عن بعد، وتتميز الأخيرة بعدم زيارة المريض عيادة الأسنان ويكون الفحص والتشخيص عن بعد وقد يكون لها باع في جائحة كورونا لو فعلت بالشكل السليم. لو نظرنا مليا إلى تقنية الواقع المعزز في صناعة طب الأسنان الرقمي، لوجدنا أنها تقوم على مزيج من التطبيقات الرقمية المقترنة بالصفات والقدرات البشرية من أجل تحقيق رعاية صحية أفضل للأسنان. وبإمكان تطبيق الذكاء الاصطناعي الكشف عن تسوس الأسنان باستخدام الصور الشعاعية Dental Radiography، حيث يمثل الكشف عن التسوس تحديا ومنها تباين التشخيص الصحيح، حيث يؤدي معالجة التسوس بين الممارسين إلى زيادة المشكلة إما بسبب قلة الخبرة أو التدريب أو الأخطاء المعرفية أو الإجهاد عموما. ويمكن التغلب على هذه التحديات من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي وتسليط الضوء على مجالات المشكلات المحتملة على الصور الشعاعية وبالتالي تقليل التسوس ومساعدة أطباء الأسنان في تشخيصه. بل يتميز الذكاء الاصطناعي بالقدرة على التنبؤ، إذا وجدت البيانات، وعليه نستطيع معرفة مكامن الخطر في الأسنان وتنبيه المريض. وإلى جانب ذلك، يمكن استخدامه كأداة لتثقيف المريض وزيادة الوعي بالمرض وقبول العلاج. لكننا لا نرى أن التقنيات الرقمية ستحل محل العنصر البشري الذي يقدم الخبرة في طب الأسنان والقدرة على التعاطف مع المريض، من خلال إنسان آلي “روبوت”، وسيظل فريق طب الأسنان هو المتحكم في التطبيقات الرقمية والمفتاح الرئيس في لعب الدور المركزي لعلاج المرضى. ختاما، ستحصل العيادات التي تتفوق في الرقمنة على مزايا جمة من حيث جودة النتائج، فضلا عن توفير التكلفة والوقت والجهد. ومع هذا نتساءل: هل يحتاج طبيب الأسنان إلى أن يكون رقميا ليكون طبيب أسنان متميزا في هذا العصر الرقمي؟.