محمد نجم يكتب| لغز «البروتستو» بين عام كورونا والسابق عليه 

فى طريقى ذهابا وعودة من منزلي إلى العمل، استخدم كوبرى أكتوبر الشهير حيث الكثافة الإعلانية على الجانبين بدءًا من منطقة الدقى حتى ميدان عبد المنعم رياض من خلال ما يسمى بالشاشات المعلقة أو لوحات “اليونيبول” (الأعمدة الحديدية).

وقد لاحظت من عدة أشهر “فراغ” تلك اللوحات والشاشات من الإعلانات وسألت أحد المتخصصين فى ذلك، فأجابني أنها فترة التغيير بين مدة التعاقد والتى تبدأ من ثلاثة أشهر إلى عام!

ولكن فترة التغيير طالت وامتدت إلى أكثر من ستة أشهر، وهو مايكشف أن نشاط الإعلانات والتسويق “بعافية شوية”، وهو مايكشف أيضًا عن تراجع حركة التجارة الداخلية أو عمليات البيع والشراء فى السوق المحلى، إما بسبب الكورونا أو لأسباب أخرى!

ثم كانت المفاجأة فيما أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء – وهو جهاز له تاريخ – من تراجع حالات البروتستو والأقلاس فى عام 2020 عام كورونا مقارنة بعام 2019،  ما آثار التعجب لدى البعض.  زادنا الجهاز تفصيلا بأن المنايفة بحرصهم المعروف أحتلوا المرتبة الأولى في البروتستو المدفوع فى 2020، بقيمة 5 مليون جنيه، كما احتلت القاهرة المرتبة الثانية بقيمة دفع 8.5 مليون، والجيزة المرتبة الثالثة  بقيمة دفع 31 مليون!

ولكن عندما ندقق فى الأرقام نكتشف أن حالات بروتستو عدم الدفع فى المنوفية بلغت ألف و44 حالة، ولم يذكر القيمة، كما بلغت قيمة حالات عدم الدفع فى القاهرة 570 مليون جنية!

وما يثير الدهشة أن حالات إشهار الإفلاس فى 2020 – وهى النتيجة الطبيعية لعدم الدفع – كانت “صفر”! بينما كانت فى عام 2019 (2حالة) فقط، ولكن قيمة المديونية كانت 340 مليون جنيه.

وبالعودة إلى أرقام البروتستو المعلنة نجد فى 2020 ثلاثة آلاف و200 حالة دفعوا حوالى 66 مليون جنيه، وهناك 9آلاف و670حالة لم يدفعوا وبلغت مديونيتهم مليار جنيه وبالمقارنة مع عام 2019، نجد 5 آلاف و446 حالة بروتستو دفعوا حوالى 106 مليون جنيه، فيما رفض 11 ألف  الدفع للمديونيات التى بلغت ثلاثة مليارات و200 مليون جنيه!

ومقارنة ما تقدم مع أرقام 2017، سوف نجد 26 ألف و500 حالة بروتستو، 6 آلاف منهم دفعوا 57 مليون جنيه فقط، فيما 19 ألف و935 حالة لم يدفعوا مديونيتهم البالغة 757 مليون فقط أيضًا!

والمعنى في كل ما تقدم أن الأرقام المعلنة من جهاز الإحصاء  وحدها دون عرض الأسباب أو الظروف المحيطة، قد لاتكون معبرة عن حقيقة الأوضاع الجارية أو التي كانت!

فمن القراءة المتأنية للأرقام السابقة نلاحظ أن البروتستو غير المدفوع عام 2017 لم يتجاوز مديونيتهم 757 حالة بروتستو، مع أن إجمالى البروتستو بنوعيه بلغ 11ألف و 935 حالة!..

هذا فيما بلغت المديونيات التى لم تدفع عام 2019 أكثر من 3 مليارات مع أن عدد الحالات أقل من (11 ألف) وكذلك عام 2020 (عام الكورونا) بلغت المديونيات التى لم تدفع أكثر من مليار فيما بلغ العدد 9 آلاف و670حالة!

كل ذلك يدفعنا لمطالبة الجهاز والمتخصصين بضرورة شرح وتفسير أرقام الإحصاءات المعلنة، حتى يسهل فهمها، وكيما تكون أكثر تعبيرًا عن النشاط وفى التوقيت المعلن مع ذكر الظروف الطارئة أن وجدت. أن انخفاض حالات البروتستو سواء المدفوع أو غير المدفوع، بتقديري، كان بسبب عدم عمل المحاكم في أغلب شهور عام 2020، وهو ما كشف عنه “صفر” حالات إشهار الإفلاس!

ولكن ما هو البروتستو؟ ومتى يتحول إلى حالة إفلاس تجارى؟

لفظ البروتستو يعنى عدم دفع الدين المستحق، من قبل المدين فى الموعد المحدد وفى الواقع عدم سداد الكمبيالة أو السند الأذنى “الأوراق التجارية المعبرة عن الديون”.

فى تلك الحالة يتوجه صاحب الحق “الدين” إلى قلم البروتستو بالمحكمة الابتدائية المختصة ويطلب تحرير بروتستو ضد المسحوب عليه الدين “الكمبيالة” ويتسلم محضر المحكمة “الكمبيالة” ويذهب بها إلى المدين ويطالبه بدفعها، فإن دفع أنتهى الموضوع، وإن لم يدفع يمنح شهر كامل ليقوم صاحب الحق “المدين” بتحريك دعوى “بروتستو عدم الدفع”، وأن لم يدفع المدين أثناء الدعوى أو بعد صدور الحكم، يجوز للدائن بعد ذلك طلب الحكم بإشهار إفلاس المدين.

وعند صدور حكم الإفلاس تبلغ الغرف التجارية والمحاكم والبنوك بذلك، وكثيرًا ما تعلق كشوف الإفلاس في مدخل المحكمة ولكن الشرط الأساسي لكل ما تقدم ” البروتستو” ثم دعوى عدم الدفع وبعدها اشهار الإفلاس أن يكون المدين تاجرًا، وهو مالا ينطبق على مجال العقارات ومن ثم تقوم الشركات العقارية بإجراء ما يسمى بالحجز التحفظي على العقار ولكل ما للمدين لدى الغير.

ويذكر أن البنوك لتفادي أضرار ذلك أنشأت شركة خاصة للاستعلام الائتماني عن العملاء.

After Content Post
You might also like