محمد نجم يكتب : حكاية الفصول الذكية !

لا خلاف على ان التعليم مازال الأداة والوسيلة المشروعة لنهضة الأمم وانتقال الافراد للطبقات الاجتماعية الأعلى، واعتقد أن حكومتنا الرشيدة تعلم ذلك وتهتم بحصول أبنائنا علي افضل تعليم ممكن٠


ولكن يبدو أن بداية العام الدراسي الجديد كانت مفاجئة للجميع ، حيث ساده الارتباك وعدم الانضباط في أغلب مدارس المرحلة الابتدائية، وشاهدنا مشاجرات وحالات إغماء بين أولياء الأمور بسبب التسابق في الدخول الي الفصول بصحبة أبنائهم وحجز الدكة الأولى لهم٠


هذا فضلا عن صور التكدس ، حيث جلس ثلاث تلاميذ على دكة واحدة ،وبلغت كثافة بعض الفصول ٧٠ تلميذ فى الفصل، مع أن تعليمات الوزارة حاسمة بضرورة مراعاة كافة التدابير الاحترازية في المدارس !


ولست أعلم لماذا تفاجئنا الأحداث والبدايات ، وكأننا لم نعلم موعدها مسبقا ؟


لقد أصدر وزير التعليم كتبا دورية وتعليمات عديدة لكافة مديريات التعليم في المحافظات وكذلك للمدارس المختلفة والتي يبلغ عددها حوالى ٦٠ الف مدرسة عامة وخاصة، تضم حوالي ٢٤ مليون تلميذ ،منهم حوالي ٢مليون جدد !


ومع ذلك يفاجئنا الوزير بتصريح صحفي مفاده أن حل التكدس في الفصول بسيط وممكن ، ويتلخص في إنشاء فصول ذكية ، وهي عبارة عن مبان سابقة التجهيز ( هناجر ) ، مزودة بشاشات وانترنيت !ولماذا لم يحدث ذلك من قبل يا سيادة الوزير وانت تعلم ان لدينا عجزا يصل الي ٢٥٠ فصل تبلغ تكلفتهم حوالي ١٢٠ مليار جنيه ، وتلك تكلفة يتعذر تدبيرها، وان حل ذلك عندك في الفصول الذكية ؟


ولو أخذ المجتمع باقتراحك يا سيادة الوزير وبادر رجال الأعمال والشركات في تقديم التمويل المالي المطلوب ، فمن يقوم بالتدريس في هذه الفصول، فمهما كان “ذكاؤها”، هي بحاجة إلى بشر مؤهلين، ولديك عجز مزمن في هيئات التدريس يصل لأكثر من ٢٠٠ ألف مدرس ؟ واضطررت لفتح باب التطوع او التعاقد لسد هذا العجز ؟ ،والذى لو لم يكن موجودا لتمكن مديري المدارس لتطبيق نظام الفترتين الدراسيتين في مدارسهم المجهزة والمناسبة للتدريس لجميع المراحل ؟


أعلم أن الوزير الحالي لا يمكن أن يتحمل مسئولية هذا الخلل وحده ، فهي تراكمات قديمة تمتد لعشرات السنين ولم تجد مواجهة حاسمة وشاملة للحل والتطوير ٠

وقد أن الاون لوقفة مجتمعية جادة وحاسمة لإصلاح حال التعليم في مصر ، وهل هناك أغلى من الأبناء والاحفاد لنتركهم للبعض ليجرب فيهم ما يستجد له من أفكار ؟ أليس هؤلاء هم رجال الغد ؟ وهم من سيتولى زمام الأمور في البلاد مستقبلا ؟
لقد نصحنا السابقون بأهمية الاستثمار في البشر قبل الحجر ، وأن الأوان للعمل بتلك النصيحة ٠

After Content Post
You might also like