محمود سالم يكتب : مكافحة الفساد بين الدكتور أحمد درويش واللجنة الوطنية

تلك الحكاية ــ أو المأساة على وجه الدقة ــ لا يمكن نسيانها ، وبالطبع لا يمكن أن ينساها بطلها وهو الدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية السابق خلال فترة حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك .


والحقيقة أن الدكتور درويش كان ــ وما زال ــ مؤمنا بأهمية مكافحة كل أوجه الفساد ولذا أنشأ وحدة خاصة بالوزارة تتولى تلك المهمة سواء إعداد الدراسات أو متابعة كل ما يرتبط بتلك الآفة القاتلة فى مختلف الوحدات الإدارية . وبالفعل مارست الوحدة مهمتها على أكمل وجه وأعدت تقريرا مهما حدد أوجه القصور والفساد فى بعض الوحدات الحكومية وتم تحديدها بالاسم وكان أبرزها مصالح حكومية تابعة لإحدى الوزارات المهمة.

والمثير أن إحدى الصحف القومية وهى أخبار اليوم نشرت أجزاء من ذلك التقرير ، ووقتها جن جنون الوزير الذى كان مقربا من مبارك وعلى الفور أجرى اتصالا تليفونيا به متسائلا : هل يسمح بنشر ” الغسيل الوسخ ” للوزارة على الرأي العام ؟! .. وبالقطع هذا لم يعجب الرئيس الأسبق فاتصل بالدكتور أحمد درويش وسألة : لماذا فعلت ذلك يا دكتور درويش ــ كما كان يناديه ــ ليرد الوزير ــ حسن النية ــ : أنا لم أرسله سوى لصحيفة قومية وكان طبعا يقصد أخبار اليوم ! .. ليرد مبارك مستنكرا : بس !، ومن يومها كتبت نهاية د. درويش فى الوزارة وبعدها بفترة قصيرة خرج منها وزير من الطراز الفريد والنظيف.


لقد تذكرت تلك الواقعة عندما تصفحت مؤخرا تقرير الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد عن عام 2019 ــ 2020 الصادر عن اللجنة الوطنية الفرعية التنسيقية للوقاية من الفساد ومكافحته والذى يستهل صفحاته بآية قرآنية تترجم المطلوب من اللجنة تقول ” ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة ويشهد الله على ما فى قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى فى الأرض لفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ” .

استعرض بعدها التقرير أبرز الممارسات الناجحة وفى مقدمتها تدريس مقرر حقوق الإنسان ومكافحة الفساد بكافة الجامعات الحكومية بجانب عقد 22 مؤتمر للتوعية بمخاطر الفساد ودور المجتمع المدني فى الوقاية منه ومكافحته بالإضافة إلى تقديم 45 خدمة إليكترونية على بوابة مصر الرقمية و42 خدمة إليكترونية على بوابة خدمات المحليات، هذا بجانب إعداد دليل عمل المراجعة الداخلية .


ومع ذلك مازالت هناك عدة تحديات أبرزها عدم صدور قوانين لحماية المبلغين والشهود والضحايا والخبراء، والتعاون الدولي فى المسائل الجنائية، وحرية تداول المعلومات، إلى جانب عدم صدور قانون بتعديل قانون الكسب غير المشروع ليسمح بتقديم إقرارات الذمة المالية إلكترونيا، بالإضافة إلى عدم تفعيل قانون حظر تعارض المصالح !


وتتفرع من تلك العناوين الشاملة تفاصيل دقيقة تستهدف الحد من الفساد ومكافحته فى مختلف المصالح والوحدات الحكومية وغير الحكومية. هناك جهود حقيقية فى مواقع وتستيف ورق فى آخري دون أي إنجاز جاد، لكن لعل اللجنة تنجح فى مهمتها الوطنية ولا يحدث معها ما حدث مع الدكتور أحمد درويش !

After Content Post
You might also like