محمد نجم يكتب: الجامعات الجديدة وتنمية الأطراف

يعتقد المصريون كثيرا في المثل الشعبي الذى يقول أن البعيد عن العين بعيد عن القلب، وهو ما يعنى ان البعيد ( مكان أو شخص) لا يحظى غالبا بالاهتمام المطلوب والعناية الكافية.

وعند الحديث عن تطوير المناطق الجغرافية الفقيرة؛ يستبدل ( التنمويون ) المثل السابق بتعبير ( القلب والأطراف ) حيث غالبا ما يحظى القلب بالاهتمام لأنه مقر الحكم ، بينما تظل الأطراف تنتظر من يتذكرها.

وتاريخيا كان الإقليم الجغرافي المسمى بالقاهرة الكبرى حاليا ( القاهرة والجيزة والقليوبية ) يحظى بالتطوير والتحديث الدائم لبنيته التحتية والخدمات الأساسية مع توفير السلع الضرورية وذلك لأنه مقر الحكم والبرلمان وكافة المؤسسات المعاونة، فضلا عن يضم أصحاب الصوت العالي !

وكان هذا التمييز يتسبب في هجرة داخلية من الأطراف إلى القلب ،وخاصة من المحافظات البعيدة والمدن النائبة إلى العاصمة حيث التعليم وفرص العمل والترفيه، الخ، وما تقدم أدى إلى ما سمى بالعشوائيات التي لم تكتفى بتحزيم العاصمة ، بالانتشار حولها فى دائرة مقلقة سياسيا واجتماعيا، بل امتدت تلك العشوائيات لعواصم المحافظات والمدن الكبرى لذلك بدأت الدولة تهتم بالأطراف من خلال ما سمى (الاستهداف الجغرافي ) حيث تم تحديد الف قرية، هي الافقر على الجمهورية.

ولكن هذه الخطوة توقفت بعد احداث ٢٠١١ ، كما لم تكن لها خطة واضحة بتوقيتات زمنية محددة، من جهة أخرى كانت الدولة قد توسعت في إنشاء الجامعات الحكومية فى المحافظات ، في محاولة لتنميتها، فضلا عن تخفيف الضغط على العاصمة وجامعتها الأربعة ، وهو ما حدث إلى حد ما، حيث ضمت بعضها كليات متخصصة منها البترول ،والنقل البحري والعلوم والتكنولوجيا،  ومؤخرا سمحت الدولة بالجامعات الخاصة، التي ينشئها الافراد أو الجمعيات، أو بالشراكة مع بعض الجامعات الأجنبية وقد بلغ عددها حاليا ٢٨ جامعة، وقد لوحظ خروج أغلب هذه الجامعات إلى المدن الجديدة مثل الشروق وبدر والشيخ زايد و٦ أكتوبر وبنى سويف والعريش ، حيث انخفاض أسعار الأراضي المطروحة للاستثمار، خاصة للخدمات التعليمية.

فهل ستساهم هذه الجامعات الخاصة في تنمية المناطق المحيطة بها كما فعلت الجامعات الحكومية فى المحافظات ؟
والاجابة المباشرة بشكل عام – للأسف – بالنفي ! لأن أغلب تلك الجامعات قامت منذ البداية كمشروع استثماري يستهدف الربح، فقد تشابهت اغلب كلياتها ، كما بالغت معظمها فى رسوم الالتحاق بها، وبعد سنوات طويلة تنبهت الدولة لما حدث ومازال مستمرا ، ودخلت المجال بقوة ومن خلال أربعة جامعات ( أهلية ) مرة وأحده في كل من العلمين والعريش والجلالة والمنصورة الجديدة، لتوفير تعليم جامعي جيد، وتنمية المجتمعات المحيطة بهذه الجامعات والتي أقيمت في مناطق جديدة لم تصلها يد التطوير من قبل ، فضلا عن الحصول على جزء من ( كعكة ) الأرباح.

وفي هذا الاطار أنشأت الجامعة اليابانية للعلوم والتكنولوجيا واختارت مدينة برج العرب الصناعية مقرا لها بمساحة ٢٠٠ فدان، وهى جامعة حكومية ذات طبيعة خاصة ،لأنها أنشئت بمشاركة مع اليابان ، وبدأت عملها في البداية للدراسات العليا لمرحلتي الماجستير والدكتورة، وكان أعضاء هيئات التدريس الجدد في الجامعات المصرية يلتحقون بها كمبعوثين بدوام كامل وكأنهم في اليابان ، ونظرا للجدية وجودة المناهج تمكن هؤلاء المبعوثين من إنجاز حوالى ٥٧ براءة اختراع جيدة في مجالات الهندسة والكمبيوتر من خلا أكثر من ٣٦٠ رسالة ماجستير ودكتوراه من عام ٢٠١٨ وحتى الان وقد قال د٠ سامح ندا نائب رئيس الجامعة، انه توجد أربعة كليات في مرحلة البكالوريوس وهى الهندسة ،والعلوم والتكنولوجيا ، والصيدلة ، والإدارة الدولية.

وحسب د٠ عصام حمزة عميد مركز الآداب والثقافة فالجامعة تطبق أسلوب التعليم النشط و المتواصل وربط أعضاء هيئة التدريس بالمجتمع ، ولديها أيضا مركز الاستشارات التكنولوجية ( سنتك) الذى يقدم خدماته لمصانع وشركات المدينة ،إلى جانب تدريب العاملين في المصانع في دورات متخصصة ٠ التعليم والبحث العلمى ونشر الشغف بالمعرفة ، مفاتيح التقدم فى كل موضع ببلادنا ولا حل اخر.

After Content Post
You might also like