الخبير الاقتصادي منجي بدر يكتب: طريق مصر ودروس مستفادة من إندونيسيا

تتمتع مصر بإمكاناتها الكبيرة والكامنة التي يعرفها ويدركها الكثيرون، وعندما أرادت الدولة تسريع وتعميق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتصدي للتحديات لجأت في العديد من المواقف للمؤسسة العسكرية المنضبطة قولًا وعملًا وهو نهج جديد له أكثر ما عليه، وأيضا التصميم علي تحديث البنية التحتية والاهتمام بالطبقات المهمشة واتباع الأساليب الحديثة في الاقتصاد بما فيها الرقمنة والشمول المالي ومكافحة الفساد والقضاء علي الإرهاب ووضع البلد علي مدرج التنمية المستدامة أدي لوضع مصر إقليميا ودوليا في مكانه قريبه مما تستحقها ومازال الطريق طويلًا.

 

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل يمكن لنا الاستفادة من تجارب بعض الدول في التنمية ، ونؤكد دروس مستفادة وليس نقل التجربة لان كل تجربه بنت بيئتها..

سنتعرف علي التجربة الأندونيسية دوله ال ٣٠٠٠ جزيرة ( الأرخبيل الإندونيسي) وأكبر دولة مسلمة في العالم ويعيش معهم مواطنين من أصل صيني وهندي وغيرهم في سلام وفي بيئة مناسبة للإنتاج والتقدم بجانب عوامل خارجية اقتصاديه وسياسية ساعدت في التنمية مثل رغبة الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية منذ الستينات في تدشين حزام حول الصين والإتحاد السوفيتي السابق يحمي استراليا من المد الشيوعي وأيضًا تقديم برهان واقعي لشعوب دول جنوب شرق آسيا علي صحه ومناسبة النموذج الرأسمالي للتنمية وتفوقه علي النموذج الشيوعي.

 

وفي عجالة ، فان إندونيسيا البلد الاستوائي تأمل أن يأخذ النمو خلال هذه المرحلة شكل حرف V في اللغة الإنجليزية، حيث يصل الاقتصاد إلى القاع ويندفع سريعا للنمو، بدلا من حرف U حيث يبقى الأداء الاقتصادي ثابتا عند مستويات منخفضة قبل أن يواصل النمو، وتشير بعض الدراسات الدولية إلى أنه بين 2020 و2030 سينمو الاستثمار في البنية التحتية بمتوسط 9 في المائة سنويا، وسيصل الإجمالي الاستثماري إلى 330 مليار دولار، ويرجع ذلك إلى الطلب المتنامي نتيجة التوسع الحضري المستمر.

 

وعلى الرغم من أن الاحتياجات تتركز في العاصمة جاكرتا وجزيرة جاوة، فإن إجمالي مشاريع البنية التحتية في المناطق الأخرى من البلاد بلغت 200 مليار دولار ، وهذا الاهتمام بمشاريع البنية التحتية قد يدفع الاقتصاد الإندونيسي للأمام، وذلك علي الرغم من انخفاض إنتاج النفط والغاز الطبيعي إلى درجة أن إندونيسيا خرجت من عضوية منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” وأصبح الاقتصاد الإندونيسي مستوردا صافيا للنفط، وقد يصبح قريبا مستوردا صافيا للغاز الطبيعي، وعلى إندونيسيا أن تتحول إلى موارد جديدة مثل الطاقة الجديدة والمتجددة .
وعززت الحكومة الأندونيسية مسيرتها في ذلك الاتجاه عبر دعم السيارات الكهربائية، التي يتوقع أن تبلغ عام 2030 نحو 5.6 مليون سيارة كهربائية.

وتراهن جاكرتا أن تحقيق ذلك يعني رسالة للمجتمع الدولي بالتزامها تجاه مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، مما سيشجع على تدفق الاستثمارات الأجنبية. والأهم سيسهم بفاعلية في خفض فاتورتها من استهلاك الطاقة، بما يساعدها على معالجة الخلل في الموازنة العامة، وضخ ما يتم توفيره من أموال في قطاعات اقتصادية أخرى للمساعدة على تسريع وتيرة النمو الاقتصادي وتحقيق طموحها باحتلال المرتبة السابعة في الاقتصاد العالمي.

 

وقد أكد الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، أن بلاده يمكن أن تصبح سابع أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2030 في حال النمو السريع والمناسب في الرقمنة في القطاعين الاقتصادي والمالي وأن اندونيسيا لديها إمكانات كبيرة لتصبح عملاقا رقميا بعد الصين والهند ، وسابع أكبر اقتصاد في العالم في عام 2030.

 

تجربة مصر لها نجاحات في ظل ظروف بالغة الصعوبة وفلسفة استمرار سياسات الإصلاح لها نتائجها الإيجابية وتقليص نسب الفقر وانتهاء مقولات الماضي في إمكانية هجوم قاطني العشوائيات علي الاحياء الغنية المجاورة وجيش قوي أدي الي حفظ حقوقنا في غاز المتوسط بل وساعد في استقرار البلاد مما عزز فرص نمو السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج التي زادت عن ٣١ مليار دولار ( ولنا حديث آخر في تحويلات المصريين ومدي ربحيته وكم تكلف الدولة والغنم والغرم في هذا الموضوع الهام ).

 

وأما الدروس التي يمكن أن نستفيد من تجربة اندونيسيا فهي دولة كبيرة العدد حوالي ٢٨٠ مليون نسمة ولديها ارادة الوصول للمرتبة السابعة عالميًا في الاقتصاد بحلول عام ٢٠٣٠ وقد استغلت التنوع العرقي والديني والمذهبي في التقدم ولديها بيئة مناسبة للعمل والإنتاج وتملك جيش قوي وتنمي بنيتها التحتية بمبالغ كبيرة علي الرغم من تحديات فيروس كورونا ، وتتصالح مع العالم الخارجي باعتبارات تنفيذ توصيات الأمم المتحدة في الحفاظ علي المناخ والبيئة لجذب مزيد من الاستثمارات والسياحة .
( وزير مفوض تجارى )

After Content Post
You might also like