فى النخيل و الشركات الجريئة.. تنافس مصرى إماراتي سعودى ساخن
تقرير يكتبه: مصباح قطب
يتزايد يوما بعد آخر اسهام الشركات الناشئة ، وفى القلب منها الشركات المغامرة ، فى مجمل النشاط الاقتصادي وخلق الوظائف والقيمة المضافة ، ويسهل على المتتبع لتطور هذه الشركات ، ان يرى صعود المنافسة بين الدول وبعضها البعض فى شان ما حققه او ابتكره مغامروها او رواد أعمالها ، بل وسعى كل بلد لاستقطاب المواهب من الدول الأخرى . انتقل التنافس مبكرا الى دول منطقة الشرق الأوسط، واصبحت أخبار الجولات التمويلية والصفقات والتخارجات والاستحواذات لهذه الشركات محط أنظار الميديا ذات الجمهور المتنوع ، وليس المتخصصة فقط، والراى العام.، وزاد من سخونة المنافسة المباراة التى تجرى بين رواد اعمال الدول الكبيرة فى الإقليم العربى، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية ،والإمارات، ومصر ،حيث تتنافس الدول الثلاث على المراكز الأولى فيما يخص مؤشرات شركات رأس المال المخاطر، واعمال مسرعات الأعمال، وحجم الصفقات، وعدد الموظفين، وطبيعة الرعاة، وفرص التواجد على الساحات الخارجيه.
تنافس حميد كما هو مشاهد، يتم بلا مفخخات او مسيرات، ويعكس حيوية وتنوعا، يرسخان لوجود عربى مختلف على ساحات السجال الاقتصادى العالمى الضارى .
بين النخيل والتكنولوجى
الطريف ان بيانات منظمة الاغذية والزراعة ،كانت قد أظهرت منذ اقل من أسبوعين وجود تنافس إماراتي مصرى سعودى ، آخر، فى مجال إنتاج وتصدير التمور، فيما يعكس نزعة واعية بطبيعة بلداننا وتراثها ، وكيفية تعظيم مواردها ،ومنذ خمسة أيام فقط أعلنت مجلة فوربس المتخصصة ،كالمعتاد ، قائمة أكبر خمسين شركة ناشئة فى المنطقة من حيث حجم التمويل الذى استقطبته خلال ٢٠٢١. حازت الإمارات نحو نصف شركات القائمة بواقع 22 شركة ناشئة، منها 4 شركات في الصدارة. تلتها المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية بـ12 ، ثم مصر ب 7 شركات، والكويت بشركتين.
شملت القائمة 115 مؤسسًا من 31 جنسية مختلفة ، في مقدمتهم المصريون والسعوديون بواقع 21 و 20 مؤسسًا على التوالي .
وانضمت 30 شركة جديدة لقائمة العام الحالي ، وهو ما يمثل قدرة عالية جدا على الاز احة ، مثل شركة (Yassir) لخدمات النقل حسب الطلب والتوصيل، وشركة التكنولوجيا المالية (PostPay). فيما احتلت شركتان جديدتان مكانة بين الـ5 الأكثر تمويلًا هما : منصة (Tamara) السعودية لخدمات الشراء الآن والدفع لاحقًا، ومنصة خدمات البث الإماراتية (STARZPLAY) التي جمعت إجمالي تمويل بلغ قيمته 150 مليون دولار. وتتصدر (Tamara) من جهتها الشركات الناشئة الأكثر تمويلًا في السعودية بجمعها 116 مليون دولار .
ما وراء الأرقام
هناك تصنيفات متعددة للشركات المبادرة، ومنهجيات لترتيب مواقعها إقليميا، وعالميا، بل وداخل كل دولة ، لكن تظل للدول الثلاث مكانتها، وعمق رؤيتها لهذا القطاع، مع تباين فى الخلفيات التى مهدت لصعود رواد الأعمال فى كل من مصر والسعودية والإمارات . فبيئة العمل المحفزة على الابتكار فى الإمارات، وسهولة أداء الأعمال وبشكل يتم رصده فى مؤشرات دوينج بزنس كل عام، لكن يلحظ المراقب تطوره كل يوم ، يقابل ذلك مبادرات سعودية مالية ومؤسسيه، قوية ،لمساندة شركات المخاطرة، مع طموح شباب الجيل الجديد هناك ، بالإضافة لعامل فتح المجال لطرح تلك الشركات فى البورصة بما يتطلبه ذلك من جهد خاص ، ونجد على الجبهة المصرية رهان على سبق مصرى فى العلوم الهندسية ،وانتشار علماء الكمبيوتر والميكروتشيبس والانترنت المصريين عالميا ، ورهان على قانون الاعداد الكبيره، الذى يقود إلى افراز عدد ليس بالقليل من المبتكرين ،حتى لو كان المستوى العام للتعليم ليس جيدا. تتنافس الدول الثلاث بشكل سليم فى هذا المجال ، ويحاول كل منها تعميق مميزاته التنافسية ،وايضا تبادل الخبرات، والقيام باعمال مشتركة، تزيد من عائد الجميع .
إلى أين؟
منذ يومين علق ثلاثة من أصحاب الباع فى هذا المجال فى مصر، عبر موقع انتربرايز ، عما ينتظر شركات رأس المال المخاطر فى ٢٠٢٢ . أجمع الثلاثة وهم طارق اسعد وهانى السنباطى وباسل مفتاح ،على ان العام الجارى سيشهد مزيدا من التنافس الإقليمي الذى بضم مجموعات من خليط اصحاب الأفكار وأصحاب الأموال ، مع تصدر مصر والإمارات والسعودية المشهد، وتوقعوا تمويلات وصفقات أكثر، ومزاحمات دولية داخل الدول العربية ، و دخول واضح للديون المغامرة ،لتمويل شركات ناشئة واعدة ، خلافا لنمط جولات التمويل التقليدية، او تكميلا له ، وتوقعوا ان تظل التكنولوجيا المالية فى مقدمة حقول الاستثمار، وإن أشار أحدهم إلى أنها ليست قطاعا راسيا ولكنها بمثابة بنية تحتية لازمة للنهوض بقطاعات أخرى كالصحة والتعليم . تم التنويه الى ان العام الراهن قد يشهد دخول انشطة تداول العملات المشفرة وخدمات الذكاء الاصطناعي ،الميدان ،والى ان السعودية والإمارات تعملان بقوة لفتح شاشات تطبيقات شركات التأمين والنشاط المالى غير المصرفى أمام شركات التكنولوجيا المالية، بضوابط طبعا، امام شركات رواد التكنولوجيا، لحفزهم على تقديم مزيد من الابتكارات لمصلحة الطرفين.
من سيفوز فى المضمار الجديد سننتظر فوربس العام المقبل
تحت المجهر
اتسع عالم ريادة الأعمال فى الخمسة عشر عاما الماضية عربيا، وعالميا وأصبح له منتديات ومجلات ومؤسسات غير ربحية اتبحث شؤونه وتنظم صلات ومصالح الأعضاء، وأصبح المجال محل اهتمام بالغ من الدول الكبرى ومنتدى دافوس والجامعات الكبيرة فى كل دولة وفى العالم، لكن تظل هناك حاجة للانصات إلى النقد الموجه اليه وهو حسبما نقله ، مقال سابق ، على موقع سايب ، ان هذا النشاط لا يخلق الكثير من فرص العمل ويقدم خدمات لنخبة معينة فقط فى الغالب ، كما أن مكاسب المشروع لا تتحول بالضرورة إلى مكتسبات اجتماعية اقتصادية لاغلبية الناس، لكن كاتب المقال ،وهو رائد الأعمال ناثان فيلد الذى عمل من قبل مستشارا للحكومة السعوديه لتطوير الموارد البشرية ، يؤكد خلافا لما تقدم ان الشركات الناشئة ، مدت نشاطها لأبعد كثيرا من الفينتيك ، وقدمت لملايين من الموردين لسلع وخدمات بسيطه يحتاجها ويتاجر فيها ويصنعها جمهور غفير ،فرصا هائلة.
قد يكون من المناسب كما يقول خبير ، ان يقام منتدى سنوى لرواد أعمال الدول الثلاث ، السعودية والإمارات ومصر، ليبحث سبل التعاون بينهم ،وكيفية إزالة العقبات البيروقراطية و التشريعية التى تحد من انطلاقهم ، وتعظيم القيمة للمجتمع كله وتحقيق اعلى توافق فى الغايات بين الشباب وشركاتهم ،وبين الرؤى الوطنية ٢٠٣٠ لكل بلد.