مستقبل العلاج بالإنسولين عن طريق الحقن والاستنشاق والأقراص.. بين الوهم والحقيقة!

أشار دكتور أسامة حمدي، مدير برنامج السمنة والسكر بمركز جوزلين للسكر، والأستاذ المشارك بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية، أن سفير إحدى الدول الإفريقية حضر إلى مستشفى إحدى الجامعات الإقليمية في ثمانينيات القرن الماضي ليعالج بالإنسولين عبر التنقيط في الأنف، الذي أعلن عنه أحد الباحثين آنذاك! بالطبع كانت فضيحة، فلا الإنسولين يمكن امتصاصه من تجويف الأنف، ولا هذا الباحث نجحت أبحاثه أصلًا في ذلك، ولكنه أراد أن يعلِّق المرضى بوهم خادع! وكذلك نشرت جريدة اليوم السابع منذ أيام خبرًا عن توصل باحثين بريطانيين إلى نوع من الإنسولين يعطى في صورة حبوب، وواقع الأمر أن الأبحاث ما زالت تجرى على هذا الإنسولين في حيوانات التجارب في جامعة كولومبيا البريطانية في كندا (وليسوا باحثين بريطانيين). والإنسولين الذي اختبروه يمتص عن طريق تجويف الفم بين اللثة والخد، وليس للبلع. وبالطبع، ما زال أمام هذا الإنسولين عقبات كثيرة، أولاها إجراء الأبحاث على الإنسان في مراحله الثلاث ونجاحها، ثانيها، وهو الأهم، كيف يمكننا ضبط جرعات الإنسولين بدقة؟ لذا وجب التنبيه حتى لا نُغرق مرضانا في بحر الوهم فللأسف لايوجد مُدقق طبي لمعظم الجرائد المصرية التي تجري وراء العناوين البراقة دون البحث في دقة المحتوى. الحقيقة العلمية أن الانسولين هرمون بروتيني تهضمه فورًا إنزيمات المعدة إذا تم تناوله عن طريق الفم في صورة حبوب؛ لذا يجب إعطاؤه عن طريق الحقن لمرضى النوع الأول من السكر الذين لا يستطيعون الحياة بدونه، كما بستخدم في علاج بعض حالات النوع الثاني من السكر، وخاصة المتقدمة منه. إذن، ما التوقعات الحقيقية لكيفية تعاطي الإنسولين؟ في الوقت الحالي يوجد إنسولين قصير المفعول يعطى عن طريق الاستنشاق، وهو متوافر في الولايات المتحدة تحت اسم أفريزا Afrezza، ويستلزم إجراء اختبار للتنفس قبل استخدامه، كما أن جرعاته ليست بالدقة التى يحققها الحقن؛ لذا فإنه يناسب فقط بعض المرضى الذين لا يصلح لهم الحقن، كالذين يعانون الخوف الشديد من الحقن، أو عدم امتصاص الإنسولين من تحت الجلد. كما تجري شركة نوفو نورديسك الدنماركية Novo-Nordesk وشركة ليلي الأمريكية Lilly أبحاثًا على إنسولين طويل المفعول يحقن مرة واحدة أسبوعيًّا بدلًا من كل يوم. ولقد تمت أبحاث المرحلتين الأولى والثانية بنجاح، وبدأت أبحاث المرحلة الثالثة والأخيرة، التي إذا نجحت سيتوافر هذا الإنسولين في غضون سنتين من الآن. وهناك الآن وسائل مختلفة لحقن الإنسولين القصير المفعول بدون أقلام وسرنجات الحقن المعتادة؛ فمثلًا توجد أجهزة تعبأ بالإنسولين وتلصق على الجلد، ومن خلال إبرة دقيقة مثبتة تحت الجلد يمكن إعطاء الإنسولين بواقع وحدتين منه مع كل ضغطة. وهذه الأجهزة مختلفة عن مضخة الإنسولين التقليدية والإلكترونية، فهى لا تستخدم بطارية أو دوائر إلكترونية لكي يتم الحقن. حاولت هنا أن أشرح- بإيجاز شديد- الوضع الحالي والمستقبلي لتناول الإنسولين، وكلنا أمل في المستقبل أن يصبح العلاج بالإنسولين أسهل وأسرع مما هو عليه الآن.

 

 

 

After Content Post
You might also like