أنسنة.. مشروع ضخم يحول “مكة” إلى مدينة رقمية عالمية
رؤية تتخطى حدود الزمن.. واستراتيجية تسابق التوقيت العالمي لتقفز إلى عصر رقمي تكون فيه التكنولوجيا هي أهم موارد الدخل القومي للدول؛ هكذا يخطو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي ببلاده إلى المستقبل وفق استراتيجية أطلق عليها “المملكة 2030″، والتي وصل قطارها، محطته الهامة والبارزة، في المدينة المقدسة “مكة المكرمة”، بمشروعات توسعة وبنية تحتية وتطور تكنولوجي؛ والآن: “مشروعات تحقق رفاهية الإنسان”.
“أنسنة المدن” مفهوم عصري يحقق متطلبات الأساليب الجديدة لجودة الحياة، من خلال طرح طرق مبتكرة في تصميم المدن ذات الطابع البيئي والذكي والمُستدام؛ هي محطة قطار التنمية وقاعدة البنية التحتية التي ترسيها المملكة حاليا في مكة المكرمة، أرض المشاعر المقدسة التي ستكون من بين الأذكى في المدن العالمية قريبا.
سياحة وترفيه
أمانة العاصمة المقدسة، تعمل حاليا على استحداث أنماط حديثة في التخطيط وتحسين المشهد الحضري العاصمة المقدسة بوجهها العام، بما يكفل من تعزيز المعايير الجمالية والطابع الهندسي والإرث الإسلامي لأطهر بقاع الأرض، وتوفير كل ما من شأنه العناية بالخدمات المتنوعة التي تعزز من رفاهية الإنسان؛ من خلال إنشاء وصيانة الحدائق والمتنزهات، والسعي الحثيث في العمل على توفير الأمكنة والأجواء والمساحات، وإرساء قيم جمالية تصب في أنسنه مكة المكرمة، مما يحقق غايات الراحة للمركبات وسالكي الطرقات وحركة السيارات والعمل على العناية بمواقفها، وكذلك العناية بالشوارع والأنفاق والجسور ومعالجة التقاطعات وصناعة أوجه سياحية جديدة للتنزه والترفيه، مع تعزيز جوانب الأمان وسبل الراحة، والاهتمام بالمسطحات الخضراء والتنوع البيئي، وتوفير الخدمات لمختلف فئات المجتمع.
وأوضح أسامة زيتوني، المتحدث الرسمي لأمانة مكة المكرمة، أنه في مجال أنسنة المدن، فإن الأمانة تسعى إلى تحقيق مفهوم جديد لتطوير مكة المكرمة لتنافس أفضل المدن العالمية، وذلك من خلال أبرز تفاصيل مشاريع “أنسنة المدن” التي يتم العمل عليها حالياً، التي تأتي ضمن رؤية المملكة 2030 لتطوير المدن، من خلال تحديد ميزات هذه المدينة المقدسة ومواءمتها مع أهداف الرؤية وتطبيقها بشكل فعلي.
وأشار إلى أن الأمانة تعمل على تطوير المنطقة لتصبح منطقةً نموذجيةً بمفهوم الأنسنة، نظراً لأهميتها المستمدة من موقعها الديني والجغرافي، ولكونها منطقةً مركزيةً جاذبةً للزوار والحجاج والمعتمرين، مضيفاً أن الأمانة تقوم بشكل مستمر بمشاريع التطوير والتحسين للمرافق البلدية المختلفة، مثل الطرق والجسور وشبكات الإنارة وصيانة شبكة الأنفاق والحدائق العامة، حيث يوجد في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة (381) شارعاً رئيسياً وأكثر من (18000) شارع فرعي يبلغ طولها الإجمالي أكثر من (5600) كيلو متراً طولياً، كما يوجد (58) نفقاً بطول إجمالي حوالي 35 كلم، وهي بذلك المدينة الأولى على مستوى العالم في عدد الأنفاق، وكذلك الجسور البالغ عددها حوالي (60) جسراً بأطوال وتصاميم مختلفة، ودورات المياه التي يبلغ عددها حوالي (100) دورة في مواقع متفرقة، وشبكات تصريف السيول التي يبلغ طولها الإجمالي (540) كيلو متراً وتمتد تحت الأرض وتتنوع بين قنوات صندوقية وقنوات أنبوبية، وقنوات تصريف سطحي، وغيرها.
السعودية الخضراء
وبيّن أن أمانة العاصمة المقدسة تبذل جهوداً كبيرة في مجال صيانة ونظافة المسطحات الخضراء والحدائق وتشجير الشوارع، وزيادة الرقعة الخضراء وإنشاء ممرات المشاة وإيجاد وتوفير المزيد من الأماكن المناسبة والمهيأة للمواطنين والمقيمين، مع توفير الخدمات الضرورية بها، وإعداد الجلسات وتهيئة دورات المياه وألعاب الأطفال والملاعب المتنوعة، وذلك لتوفير مساحات ومواقع خضراء للمواطنين والمقيمين والزوار الذين يرغبون في قضاء ساعات ممتعة مع التسلية والترفيه البري، وذلك وسط تكامل الخدمات، مع إجراء الصيانة اللازمة لها على مدار العام، وذلك في إطار رؤية شاملة لتلبية احتياجات النمو العمراني الذي تشهده العاصمة المقدسة من المشروعات البيئية والترفيهية، وتعزيز المحافظة على المرافق العامة، حيث تعمل على تطوير هذه الأماكن بشكل دوري ومستمر على مدار العام، وبما يسهم بشكلٍ كبير في إعطاء صورة حضارية جميلة لهذه المدينة المقدسة، وتحسين جودة الحياة، وذلك ضمن خطتها لأنسنة المدن وبرنامج جودة الحياة، وكذلك للإسهام في مبادرة “السعودية الخضراء” واستجابةً لرؤية 2030.
وأشار إلى وجود حوالي (284) حديقة عامة بمساحات مختلفة منتشرة في مختلف الأحياء بمكة المكرمة، مجهزة ومهيأة لاستقبال زوارها وتضم عدداً كبيراً من ألعاب الأطفال المختلفة، حيث تبلغ مساحة المسطحات الخضراء في مكة المكرمة (843،223) متر مربع، كما يبلغ عدد الملاعب (118) ملعب بمساحات مختلفة تتنوع بين ملاعب كرة القدم وطائرة وتنس، كما يوجد عدد من ممرات المشاة التي تم إنشاؤها وفق أحدث الطرز الهندسية والجمالية التي تلبي احتياجات السكان، وهي منتشرة في نواحي مكة المكرمة وأحيائها ومخططاتها السكنية.
ولفت زيتوني، إلى أن الزراعة التجميلية تحظى بعناية بالغة في مكة المكرمة، حيث يبلغ عدد الأشجار أكثر من (46،798) شجرة وأكثر من (7069) نخلة، إضافةً إلى شبكة كبيرة من السياجات المزروعة ومصادر المياه والمضخات مختلفة الأنواع والأحجام، مبيناً أن الأمانة تقوم في مجال أنسنة المدينة بالعديد من المبادرات والحملات، مثل: مبادرة القضاء على مخالفات البناء وتسوير الأراضي البيضاء، وحملة إزالة مسببات التلوث البصري بمدينة مكة المكرمة والمحافظات التابعة لها، والتي تهدف إلى القضاء على العشوائيات ومسببات التلوث وتعزيز الوعي والسلوك الحضاري والمشاركة المجتمعية بأهمية المحافظة على البيئة وحماية المرافق العامة، ومعالجة التلوث البصري وتحسين المشهد الحضري.
وأضاف: “في مجال الإنارة، ثمة شبكة ضخمة تغطى جميع الأحياء والمخططات السكنية والشوارع والميادين العامة، حيث يوجد في مكة المكرمة (000ر175) برجاً وعاموداً مختلف الأطوال والأحجام، منها (122,000) في مكة المكرمة وأكثر من (4000) في المشاعر المقدسة، وهي تُغذى بواسطة شبكات متطورة من الكابلات ولوحات التوزيع، وجميع هذه الشبكات تحظى بعناية بالغة، حيث تقوم الأمانة بتشكيل فرق الصيانة الخاصة بشبكة الإنارة في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة لمتابعة أعمال المقاول وتفقد عناصر الشبكة والمحافظة على كفاءتها، ويقوم بالإشراف على تشغيل وصيانة شبكات الإنارة جهاز فني متكامل مكون من مهندسين ومشرفين يقومون بالمتابعة الإدارية والميدانية لجميع ما يتعلق بالشبكة ومكوناتها والتأكد من سلامتها وكفاءتها لضمان أدائها بالشكل المطلوب.