ناصر تركي يكتب: نداء وتحذير لحج يسير
بسم الله الرحمن الرحيم.. “وأذِّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامرٍ يأتينَ من كلِّ فجٍّ عميق” صدق الله العظيم.. يتبقى لنا أيام ونتوجه إلى جبل الرحمة بعرفات، لندعو الله عز وجل بالمغفرة والعفو، وأن يهيئ لنا من امرنا رجلا، ويوفقنا في خدمة العباد وان نكون عند حسن ظن الله بنا، فهو اكرمنا بأن نكون في هذا المشهد العظيم الذي يجتمع فيه أكثر من مليوني مسلم من مختلف دول العالم.
الحج وبخلاف أنه الركن الخامس من أركان الإسلام، فهو مسؤولية للعباد أمام رب العباد، بأن يطلبوا الرحمة والمغفرة والعفو والمعافاة وان يعودوا لاسرهم بصفات تختلف عما كانوا فيه، يعودون كما ولدتهم امهاتهم، وهذا هو المقصد الأساسي من الحج، وخير الخطائين التوابين.
الأخوة الأفاضل.. ونحن نتأمل الحج كيف كان وكيف أصبح، فقد كنا نحج بمبالغ بسيطة ثم تحول لأسعار يعجز عنها العامة من الشعوب، ما جعل البعض يبحث عن أبواب خلفية لأداء الفريضة، وبتأشيرات غير رسمية، ولا تسمح بالحج، وقد لجأ بعض الوسطاء من ضعاف النفوس في مصر، لترويج رحلات حج بتأشيرات تخالف الأنظمة السعودية، واهمين البسطاء باستغلال ارتفاع الأسعار، ببرامج حج ليس لها وجود على أرض الواقع،
ونظرا للظروف الاقتصادية، فقد اضطرت الدولة لتخفيض أعداد تأشيرات لأكثر من النصف، أي بواقع أكثر من 50 ألف تأشيرة تم التنازل عنها، رغم أن خبراء القطاع عرضوا بعض الأمور التي من شأنها الإبقاء على حصة التأشيرات كاملة، وتنفيذ برامج لا تؤثر على حجم العملة المطلوبة، ومنها حج العاملين بالخارج وأسرهم، بدلا مما حدث من لجوء الراغبين في الحج إلى الحصول على تأشيرات من خارج الحصة الأساسية المُعلنة، وهي ما كانت في الماضي “مجاملات” بدون برنامج، وبالتالي وضعت المملكة رؤية لها بوجود متعهدين يقدمون الخدمات لهؤلاء من سكن ونقل وطوافة بالمشاعر.
وبالفعل تخطت الأسعار 130 ألف جنيه مصري للبرنامج الاقتصادي، بخلاف تذاكر الطيران والخدمات الأخرى، وبطبيعة الحال بإن أغلب من حصلوا على هذا البرنامج لن يرضيهم مستوى السكن المتاح البعيد عن الحرم وذات الخدمة المتوسطة، فمن استطاع دفع هذا المبلغ لم يكن من الشريحة التي تسافر ببرامج اقتصادية ميسرة.. وهذا أدى لأن تُسدد تلك المبالغ بدون الحصول على أي خدمة فيها، وتلك مسألة تحتاج لنظرة من مسؤولي المملكة، بحيث تكون التأشيرة مرتبطة بمتعهد خدمات في الدولة يأتي منها الحاج حتى يكون هناك سياسة ثواب وعقاب، خاصة وأن الدولة المصرية وضعت قواعد ببوابة الحج الموحدة، تشترط تنفيذ تأشيرات المجاملات من خلال شركة سياحة، ولكن هذا العام لم يفعل هذا الشرط بشكل كامل، وبالتالي سيكون هناك اعدادا كبيرة حصلت على تلك التأشيرات وسوف تؤدي المناسك مع المتعهد المُكلف بالمملكة.
وهنا على الدولة أن تراعي عدم تكرار المشكلات التي حدثت قبل كورونا من حاملي تأشيرات الفرادي، عند التصعيد للمشاعر، من تكدس وزحام، لذا يجب من الآن سرعة التنسيق مع الجانب السعودي لتصعيد هؤلاء، بحيث لا تحدث مشكلات أخرى بحسب ما نتوقع؛ خاصة وأن أغلب هؤلاء قد اتموا حجوزاتهم بمعرفتهم دون العودة للبوابة المصرية الموحدة للحج، بجانب من سافروا بتأشيرات تخالف الأنظمة السعودية، برغم تحذيرات المملكة من توقيع غرامات ومنع من الدخول لنحو 5 سنوات.
وأرى في الأعوام المقبلة، ضرورة تكليف وزارة السياحة والآثار من خلال البعثة الرسمية المصرية للحج، وبالتنسيق مع الجانب السعودي، ومؤسسات الطوافة، بإضافة كافة أنواع التأشيرات التي ستنفذها شركات السياحة للمسار الإلكتروني بشكل رسمي؛ وفيما يخص التأشيرات السياحية أو الزيارة، والتي كان يتم ايقاف العمل يها في السابق بنهاية شهر رمضان، فيجب النظر فيها ومعالجتها لاستيعاب كافة الراغبين في الحج دون تسريب أو استغلال للأبواب الخلفية.
الأخوة الأعزاء.. نحن لا نملك سوى النُصح وليس بأيدينا المنع، ونتمنى نجاح موسم الحج والتوفيق لكل الحجاج والمنفذين والمسؤولين عنه.