منعطف جديد.. يجعل بريطانيا تتخلى عن بعض سياساتها الخضراء
قبل عام من الانتخابات التشريعية، أقرت الحكومة البريطانية المحافظة بشكل غير مباشر، بالتراجع عن بعض الاجراءات الرائدة الهادفة لبلوغ حيادية الكربون بحلول 2050، ما أثار انتقادات شديدة حتى في صفوف الحزب الحاكم.
وكان رد فعل الدوائر الاقتصادية قويا حيال ذلك.
ويبدو أن السياسات الخضراء في المملكة المتحدة عرضة للانتقاد أو التساؤل حول فعاليتها أو جدواها، فيما يشحذ كل من حزب المحافظين الذي تراجعت شعبيته بشدة في استطلاعات الرأي، بعد اثني عشر عاماً في السلطة وحزب العمال، أسلحتهما استعدادًا للانتخابات التشريعية المرتقبة في العام المقبل.
في نهاية يوليو، أثار ريشي سوناك جدلًا عندما وعد بإصدار مئات تراخيص التنقيب عن النفط والغاز واستغلالهما في بحر الشمال.
ومساء الثلاثاء، وبعد تسريبات لوسائل الإعلام، ألمح إلى أن المملكة المتحدة تستعد لمراجعة سياستها فيما يتعلق بهدف تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وأشار إلى أنه سيحاول تحقيق الحياد الكربوني، ولكن “على نحو أفضل وأكثر تناسبا”.
وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية، إن سوناك يريد على وجه الخصوص تأجيل الحظر المفروض على بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل خمس سنوات بعد المهلة المحددة في عام 2030، وبالمثل تعديل خطة التخلص تدريجيا من أجهزة التدفئة العاملة بالغاز اعتبارا من عام 2035.
كما أنه سيتخلى عن فرض ضريبة من شأنها تخفيف حركة الطيران.
وقالت وزيرة الداخلية سويلا برافرمان الأربعاء، “لن ننقذ الكوكب على حساب إفلاس الشعب البريطاني”.
وأضافت “نحن ملتزمون تمامًا بتحقيق صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2050 بما يتسق مع اتفاقياتنا الدولية”، ولكن من خلال نهج “عملي وتناسبي”.
ومن دون انتظار كلمة رئيس الوزراء، تضاعفت الانتقادات الاربعاء، بما في ذلك تلك الصادرة من معسكره.
وقال كريس سكيدمور، وزير الدولة السابق للطاقة لوكالة الأنباء البريطانية، “ما زال لدى ريشي سوناك الوقت للتفكير وعدم ارتكاب الخطأ الأكبر في ولايته”.
وأضاف أن في حال تأكد هذا القرار “فسيكلف المملكة المتحدة وظائف واستثمارات أجنبية”.
من جانبها، طلبت جمعية مصنعي وبائعي السيارات من الحكومة “رسالة واضحة ومتسقة”، مستنكرة حالة “عدم اليقين” التي قالت إنها تثبط همة مقتني السيارات في التحول إلى السيارات الكهربائية، في حين أن القطاع “استثمر ويستمر في استثمار المليارات في السيارات الكهربائية الجديدة”.
ويتعارض أي تراجع عن هدف الحياد الكربوني، مع الجهود التي بذلتها الحكومة على مدى عدة سنوات لجذب الاستثمارات في بطاريات السيارات وإنشاء مراكز في بريطانيا لإنتاج السيارات الكهربائية التي تعتبر حاسمة في تحول الطاقة.
من ناحية ثانية، سخر النائب عن حزب العمال المعارض المسؤول عن قضايا الطاقة، إد ميليباند، من “المهزلة التي تقوم بها حكومة محافظة لا تعرف حرفيًا ما تفعله من يوم لآخر”.
وانتقدت منظمة جرينبيس كذلك الحكومة، بقولها إنه “في ظل حكومة المحافظين، تحولت بريطانيا من كونها رائدة إلى كونها متخلفة بشأن تغير المناخ. إن التحولات الجديدة التي تم الإعلان عنها الليلة الماضية لن تؤدي إلا إلى تسريع تراجع تأثيرنا على الساحة الدولية”.
ويشير المراقبون إلى أن حكومة سوناك بدأت في التراجع عن سياسة المناخ في يوليو، بعد هزيمة حزب العمال المفاجئة أمام المحافظين في الانتخابات المحلية في غرب لندن.
وتُرجع هذه النتيجة إلى عدم ثقة الناخبين في توسيع نطاق الضريبة على المركبات الملوثة لتشمل لندن الكبرى بأكملها، أو تسعة ملايين نسمة، وهو ما يقف وراءه رئيس بلدية العاصمة العمالي صادق خان.
وأفاد استطلاع أجرته مؤسسة يوغوف في الربيع الماضي أن 65 بالمئة من البريطانيين، يقولون إنهم يشعرون بالقلق إزاء العواقب المترتبة على تغير المناخ، ولكن غالبيتهم يعارضون القسم الأكبر من التدابير التي تتطلب منهم جهداً شخصياً.