السينما العُمانية تستضيف عروضًا تونسية بالتعاون مع سفارة تونس

اانطلقت مساء امس الاثنين فعاليات الأيام السينمائية التونسية، التي تنظمها الجمعية العُمانية للسينما بالتعاون مع سفارة الجمهورية التونسية في سلطنة عُمان، وتستمر حتى 18 يونيو، تحت شعار “الإبداع الإنساني في السينما التونسية”.
وتتضمّن الفعالية عروضًا مختارة من أهم الأفلام الروائية والوثائقية التونسية، إلى جانب ندوات حوارية وجلسات نقاش مع صُنّاع السينما، بهدف تسليط الضوء على التجربة السينمائية التونسية، وتعزيز التبادل الثقافي والفني بين البلدين.

وأكدت الجمعية أن هذه المبادرة تندرج ضمن برامجها الرامية إلى التعريف بالسينما العربية والعالمية، وفتح مساحات للتلاقي بين الجمهور العُماني والإبداعات البصرية المختلفة، خاصة تلك التي تطرح قضايا إنسانية واجتماعية بطرح فني راقٍ.

أُقيم حفل الافتتاح في مقر وزارة العمل – القاعة الكبرى، بحضور نخبة من الشخصيات الدبلوماسية والثقافية، وعدد من صنّاع السينما من سلطنة عُمان والجمهورية التونسية، إلى جانب جمهور من المهتمين بالفن السابع.

استُهلّت الفعالية بعرض مرئي بصري بانورامي من الجمهورية التونسية، سلّط الضوء على جماليات المدن التونسية، وتنوّع ملامحها المعمارية والثقافية، أعقبه عرض مرئي آخر من سلطنة عُمان، أبرز الإمكانات المتوفرة في البيئة العُمانية، من مواقع تصوير متنوعة، وطبيعة جغرافية جذابة، إضافة إلى الكفاءات الفنية العُمانية، بما يؤكّد أن السلطنة تمتلك مقومات حقيقية لتكون وجهة رائدة في صناعة الأفلام.

تلا ذلك تقديم ورقة عمل فكرية بعنوان: “ضوء على السينما التونسية/ عشق تونس للسينما” ، قدّمتها الدكتورة منية حجيج، استعرضت خلالها أبرز محطات تطور السينما التونسية، وتحولاتها الجمالية والفكرية، ودورها في التعبير عن قضايا الإنسان والمجتمع، من خلال سرد بصري يعكس الوعي الثقافي والإبداعي الذي ميّز التجربة التونسية على مدى قرن من الزمن.
واختُتمت فعاليات اليوم الأول بعرض الفيلم الروائي “ولدي” للمخرج مهدي البرصاوي ( 96 دقيقة)، وهو عمل درامي إنساني يتناول العلاقة بين الأب وابنه في ظل تحديات اجتماعية معاصرة، عُرض بأسلوب بصري حسّاس، وحظي بتفاعل كبير من الحضور، لما يحمله من صدق سردي ومعالجة فنية رفيعة.

وحول المناسبة قال سعادة السفير عز الدين التيس سفير الجمهورية التونسية المعتمد لدى سلطنة عمان:
ما كان لهذه الأيام أن تكون لولا العلاقات المتميزة بين سيادة رئيس الجمهورية قيس سعيّد وجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظهما الله ورعاهما، والعلاقات التاريخية والأخوية بين شعبينا الشقيقين، والتعاون الكبير والثمين والدعم الغالي الذي تلقيناه من قبل الجمعية العمانية للسينما، الرائدة في مجالها بجهودها الكبيرة في خدمة السينما والثقافة العمانية والعربية، فكلّ الشكر لكافة أعضائها.
وأضاف سعادته :تمثّل هذه المناسبة جسرا فنيا بين بلدينا الشقيقين، يضاف لبقية الجسور الثقافية والاقتصادية والاجتماعية الأصيلة بين تونس وعمان عبر التاريخ الطويل المشترك وفي الحاضر وفي المستقبل ، منذ بداياتها عام 1922 من خلال فيلم زُهْرَة، أول فيلم قصير في البلاد، تبعه سنة 1937 أول فيلم طويل بعنوان “مجنون القيروان”، تجرأت السينما التونسية على طرح الأسئلة الصعبة، وسرد القصص العميقة، والتعرّض للقضايا الشائكة، بما يعكس الإرث الثقافي المتنوّع للبلاد التونسية، فبجمال الأفلام الروائية تحدثت عن الماضي، وبعمق الافلام الوثائقية وثّقت الحاضر، وتجاوزتهما بأن تخيّلت المستقبل. ونفتخر اليوم بحضور الأفلام التونسية بانتظام في أشهر المهرجانات العالمية وتلامس الجمهور العالمي، باعتبارها قصصها الإنسانية، المفعمة بالمشاعر العميقة الصادقة.

وقال أيضا : عُمان وريثة الامجاد، تمتلك الإمكانات اللازمة للتحول إلى وجهة رائدة لصناعة الأفلام. حيث تتمتع بمزايا فريدة، منها مناخ جيد ومواقع خلابة رائعة، مع ما تشهده الساحة السينمائية العمانية من تطوير لقدراتها من حيث الإنتاج، والمونتاج، والفنيين، مع التأكيد على أهمية العناية بالتوزيع، الذي يعتبر الوسيلة الأهمّ للتعريف بالمنتج السينمائي، كما أنّ مسالة الدعم لم تعد تمثّل عائقا كبيرا في صناعة الأفلام، في ظلّ ما يوفّره الذكاء الصناعي من وسائل في مختلف مراحل الإنتاج السينمائي.

وقال محمد بن عبدالله العجمي رئيس مجلس إدارة الجمعية العمانية للسينما في كلمته: هذا التعاون الثقافي الذي نفتخر به، يأتي ليؤكّد إيماننا المشترك بأن السينما ليست فقط فنًّا بصريًا، بل لغة إنسانية توحّد، وتُقرّب، وتُعبّر عن الهوية، وتحفظ الذاكرة، نحتفي اليوم بانطلاق “الأيام السينمائية التونسية في مسقط”، التي تمتد على مدار ثلاثة أيام، نُشاهد فيها نخبة من الأفلام التونسية التي تعكس عمق التجربة الفنية، وثراء التاريخ الثقافي لهذا البلد العزيز.

وأضاف العجمي : لقد آمنت الجمعية العُمانية للسينما، منذ تأسيسها، بأن السينما هي ركيزة من ركائز الثقافة المعاصرة، وأداة للحوار والتعارف بين الشعوب ومن هذا المنطلق، تعمل الجمعية على تنظيم فعاليات دولية وإقليمية وعرض تجارب سينمائية من مختلف دول العالم، ودعم الشباب العُماني والعربي في مسيرتهم الفنية، وفتح نوافذ التعاون مع السفارات والهيئات الثقافية.

وأختتم رئيس الجمعية كلمته قائلا: وما هذه الأيام السينمائية التونسية إلا دليل حيّ على التقاء الرؤى، وتلاقي الشعوب من خلال الشاشة، والصورة، والصوت، وفي سلطنة عُمان كما في تونس تنبض السينما بروح الإنسان، وتكتب الكاميرا التاريخ كما لا تكتبه الكتب. فشكرًا لتونس التي جاءت إلينا عبر عدسة مبدعيها وشكرا لكلّ من آمن أن الصورة لها قدرة على تغيير الوعي والفكر، وأن السينما لا تنطفئ ما دام فيها ضوء الإنسان.

وتتواصل الفعالية في يومها الثاني، الثلاثاء 17 يونيو 2025، في سينما سيني سبورت – المزن مول/الموالح، بعرض الفيلم الروائي “دشرة” للمخرج عبدالحميد بوشناق (114 دقيقة)، والذي يقدّم رؤية فنية جريئة تتناول قضايا اجتماعية بتقنية عالية وسرد بصري مبتكر.
أما اليوم الثالث والختامي، الأربعاء 18 يونيو 2025، فيُقام في مقر الجمعية العُمانية للسينما، ويتضمّن تقديم ورقة بحثية للمخرج التونسي حسين الثابتي بعنوان:
“ضوء على المهرجانات السينمائية في تونس”،
يتناول الأثر الثقافي لهذه المهرجانات وأدوارها في دعم المواهب السينمائية الشابة.
ويُختتم البرنامج بعرض الفيلم الوثائقي “بنت القمرة” للمخرجة هبة الذوادي (62 دقيقة)، الذي يناقش قضايا الهوية والمرأة والاختلاف بأسلوب توثيقي إنساني.

After Content Post
You might also like