الإعلامى والمصور محمد جوهر يكتب ل جسور من جواتيمالا (١): صفحة مطوية من سيرة السادات والهانم
كنت دون الخامسه تصطحبني جدتي او اخي الأكبر حسام، ونمضى الي ان يوقفها الجنود، فى هذا الموقع أو ذاك، فتعطيني خطاب وتشير الي علي احد المتربعين لاتسلل بين سنابكهم واحذيتهم واسلم الخطاب ذو الكلمات القليله..اين زوجي ؟ هكذا كان الحال وسط العائله لمده سنتين او اكتر ..تخرج الزوجه الملتاعه فجر كل يوم..كل يوم.. تبحث عن زوجها المحبوب جدي محمد عثمان احمد الفرنسيسي الذي انتزع من فراشه فجر يوم حار من يوليو ١٩٥٢ واختفى بدون ان نعرف له مكان او اتهام ..وهكذا قدر لي توصيل خطاب والقاء نظره مباشرة إلى عيون محمد نجيب، وآخرى الى الرئيس جمال عبد الناصر.. ولا مجيب،
الي ان زارت جدتي يوما أحد الجارات وهمست لها لماذا لاتحاولي ان تسالي جارنا في منيل الروضة… يقال انه عضو هام في مجلس قياده الثوره.؟
ماما نعيمه (هكذا كان يناديها الجميع )، جدتى، سارت بي في الروضة الي ان صعدنا الي الدور الرابع في احدي العمارات الحديثه وفتحت لنا الباب شابه جميله ما ان رأتها جدتي حتي مازحتها: اوعي تكوني يا قمر مرات الظابط اللي انا جياله؟ ودخلنا بعد ضحكات وشاي وقطعه من الشيوكلاته لي ..ثم انخرطت ماما نعيمه في البكاء، وتوسلت من زوجه محبه لزوجها الي زوجه اخري محبه لزوجها ان تدلها اين هو ؟ حيا كان او ميتا
وفي صباح اليوم التالي كنا علي نفس الباب وفتحت لنا الحسناء وبيدها كارت كتب علي ظهره بخط اليد ..(يفرج عن المتهم ويسلم الي اهله) وقالت لجدتى : روحي معتقل جبل الطور في سينا جوزك هناك لأسباب سياسيه..وعندما أدارت جدتي الكارت قرأت اسم صاحبه قائم مقام أنور السادات.
مرت عشرات السنين وجاء السادات الي الحكم وأصدر قرار عبور قناه السويس١٩٧٣ وكنت اول مدني علي الجبهة مصورا لفاعليات تحطيم خط بارليف وعبور القوات وأسر جنود إسرائيل(ولهذا قصه اخري) وتلقيت مكالمه من استاذي المصور والصحفي القدير رشاد القوصي الذي سأله مكتب الرئيس من الذي صور افلام الجبهة؟ ولم يتردد الاستاذ في ان يذكر اسمي وكنت حديث التخرج ومعين في التلفزيون كمصور سينمائي منذ شهور ؛ وقال لي الأستاذ رشاد بكره ١٠ صباحا تروح لمنزل الرئيس في الجيزه ومعك صورتين وكاميرتك،وفي الصباح وبعد العرض علي الامن اعطوني (كرنيه) علي وجه منه صورتي مختومه بشعار رياسه الجمهوريه، وعلي الوجه الآخر عباره؛ السكرتارية الخاصه لرئيس الجمهوريه ..انا ؟؟؟ ودخلت الي حديقه المنزل لاري بطل قرار الحرب يجلس تحت شجره عتيقه يدخن البايب ويتصفح الاوراق ولم يلحظ وجودي ..بينما هرول الي شخصين أحدهما الحاج عبد الستار يوسف المصور الخاص للرئيس وهو البارع الصامت، والصاغ ( كما يناديه الرئيس ) رغم انه وزير ، فوزي عبد الحافظ، ذو الوجه المتجهم والقلب الذهبي الامين الذي اقترب مني وسألني ايه الهدوم اللي انت لابسها دي ؟ وكنت أرتدي جينز و” تي شيرت” احمر وانا الاهلاوي صديق المرتفع صالح سليم، ..انت ماعندكشي بدله؟ فاجبته سريعا كاذبا ..لا ماعنديش، فمد يده في جيبه واخرج مابها وكان ٩ جنيه ..النهارده تروح محل في شارع فؤاد اسمه استيا المحله تشتريلك بدله وتيجي بيها بكره..وهو لم يحدث الي يومنا هذا!، المهم انتشلني الحاج عبد الستار بأبوه قائلا يلا جوه عشان نصور المقابله وصلت..وصعدت السلالم القليله الي داخل صاله المنزل ولم اتنبه وانا الغرقان فيم يحدث حولي فارتطمت رجلي بمنضده أوقعت تمثالا صغيرا عليها واتكسر ستين حته ..ومره اخري رأيت وجه فوزي بك ..بلغوا الهانم عشان هي معتزه جدا بالتمثال ده ..دخل الرئيس السادات ومعه الضيف الي الصالون وصورت المقابلة في دقايق وعدنا الي المكسور واوقفوني بجواره واذا بي اسمع أصوات ماكينات جباره تصدح من حوائط المنزل ثم صوت نحاس يزلزل في ارجاء الجيزه واذا بباب ينفتح وتخرج منه الهانم ..واخيرا عرفت انه اسانسير عتيق لا افهم السر في وضعه داخل المنزل رغم انه دورين فقط الي الآن..ونظرت الهانم لي بعطف وقالت هوه انت اللي بعتك التلفزيون ..انا شفت تصويرك ..دي حاجه حلوه خالص ..واخيرا هديت دقات قلبي ..لا يهم مايحدث الآن..هناك من ينظر فقط الي تصويري وليس الي ترويعي ..ثم أضافت التمثال ده مستلفينه بمحضر من متحف محمد محمود ..معلش حصل خير ونحاول نصلحه او نعمل محضر تاني بالاتلاف..ومدت يدها لي يقطعه اخري من الشيكولاته….