أرقام قياسية لنشاط الدبلوماسية الروسية في الشرق الأوسط
Reuters
أعلن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، عن ترحيبه بمضمون رسالة تلقاها من رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” حول “إنهاء الانقسام، وإجراء الانتخابات”.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا” أن الرسالة التي استلمها عباس كانت “بشأن بناء الشراكة وتحقيق الوحدة الوطنية من خلال انتخابات ديمقراطية بالتمثيل النسبي الكامل، وانتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بالتتالي والترابط”.
كما نقلت RT حديثا خاصا للناطق باسم حركة “حماس”، حازم قاسم، قال فيه “إن رسالة قيادة حماس تعد استمرارا لجهود الحركة الهادفة لترتيب البيت الفلسطيني وإعادة بناء النظام السياسي على مستوى منظمة التحرير ومؤسسات السلطة، ومبادرة الحركة نابعة من إدراكها للقيمة الاستراتيجية لتحقيق المصالحة، خاصة في ظل ما تمر به القضية الفلسطينية”.
وبهذا الصدد وجّه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، شكره لمصر وقطر وتركيا وروسيا والأردن، التي “أسهمت بجهودها الخيّرة في تقريب وجهات النظر”.
خبر جيد يبدأ به عام 2021، بعد خبر طيب آخر في 30 ديسمبر من العام المنصرم، أثناء زيارة وزير الخارجية في حكومة الوفاق الليبية، محمد طاهر سيالة، إلى موسكو، الذي أعلن أثناء مؤتمر صحفي مشترك عقده في موسكو مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن المفاوضات بينهما تطرقت إلى نتائج “الزيارة الهامة للوفد المصري رفيع المستوى” وقرار القاهرة إعادة افتتاح سفارتها في طرابلس.
ومن جانبه أكد لافروف استعداد موسكو لتقديم أقصى قدر من المساعدة إلى ليبيا لتحقيق المصالحة الوطنية، في الوقت الذي رصدت فيه مبعوثة الأمم المتحدة الخاصة إلى ليبيا بالإنابة، ستيفاني ويليامز، إحراز “بعض التقدم الإيجابي على مختلف المسارات” وشدّدت على أن إجراء الانتخابات، بإشراف هيئة الأمم المتحدة، في ديسمبر 2021 هو أمر لا رجعة فيه.
وبمتابعة النشاط الدبلوماسي المكثف الذي قامت به الخارجية الروسية في آخر أسبوعين من العام الماضي، والذي تجلّى في استقبال وزراء خارجية كل من سوريا والإمارات وقطر وليبيا، نجد أنه كان يهدف إلى تحقيق أكبر تقدم ممكن، والبناء على جميع الجهود السابقة من جميع الأطراف، استعدادا للولوج إلى السنة الجديدة بأرضية تساعد على المضي قدما مطلع هذا العام نحو حل الأزمات العالقة في المنطقة، بالتزامن مع استلام إدارة الرئيس المنتخب، جو بايدن، مهامه الرئاسية في البيت الأبيض هذا الشهر، بعد أربعة أعوام من السياسة التخريبية التي اتبعتها إدارة الرئيس ترامب في العلاقات الدولية، والتي كانت انعكاساتها كارثية على شعوب الشرق الأوسط والعالم العربي.
أن سياسة روسيا الخارجية في العام الذي ودعناه، كانت كما عهدناها دائما، مبدئية وشفافة وواضحة، وترتكز على احترام قرارات هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن في التعامل مع حل جميع الأزمات الإقليمية والدولية، وهو ما أكد عليه بيان الخارجية الروسية، والذي نشرته الخارجية الروسية في موقعها على الإنترنت تحت عنوان “النتائج الرئيسية للسياسة الخارجية الروسية لعام 2020”.
أن جميع المحاولات الأخرى التي تهدف إلى تشويه دور روسيا السياسي والدبلوماسي، وجميع ما يزعمونه من “صفقات جانبية” في سوريا أو ليبيا، هي مزاعم عارية عن الصحة، ولا أساس لها من المنطق أو الحقيقة، بل تهدف إلى التخريب وخدمة أهداف أطراف دولية أخرى، تسعى للحفاظ على الوضع الراهن، وتأجيج الصراعات والأزمات في الشرق الأوسط والعالم العربي، تنفيذا لمآرب أخرى على حساب الكوارث التي يعاني منها الملايين من العرب في الشرق الأوسط من جوع وفقر ومرض وجهل وتشتت.
لقد قام الدبلوماسيون الروس بأكثر من ألفي لقاء خلال السنوات الخمس الأخيرة مع ممثلي الأطراف السورية المختلفة ومئات اللقاءات مع الأطراف الليبية والفلسطينية واللبنانية واليمنية، سعيا للمساهمة في تقريب وجهات النظر، وتنفيذ قرارات هيئة الأمم المتحدة الخاصة بكل دولة على حدة، وإنجاح مساعي مبعوثي الهيئة إلى هذه الدول.
وإذا تابعنا هذه النشاطات، سنرى بكل وضوح كيف أنها لم تكن يوما منحازة إلى طرف على حساب طرف آخر، بل كانت تضع المصلحة الوطنية لشعوب هذه البلدان على رأس أولوياتها، وتستند دوما إلى احترام سيادة الدول ووحدة الأراضي وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
وتبدو الدعوات من بعض السياسيين لان تلعب روسيا دورا أكثر فعالية في حسم النزاع في سوريا أو ليبيا أو لبنان امرا غريبا ، لانها تتجاهل حقيقة أن وقف إطلاق النار في سوريا وليبيا قد تم بفضل روسيا بالدرجة الأولى، وبفضل وقوفها على نفس المسافة وعلى نحو متوازن من جميع الأطراف السورية والليبية واللبنانية، وفي ضوء هذا الوضع من التهدئة الراهنة، تصبح المسؤولية الأولى والأخيرة على عاتق السوريين والليبيين واللبنانيين أنفسهم، وقد وضعت هيئة الأمم المتحدة خارطة طريق لكل دولة على حدة، ولن يصبح ممكنا تنفيذ هذه الخطط سوى بالإرادة السياسية المستقلة لهذه الدول، والتي يمكنها أن تتحدى كل العراقيل والضغوطات الخارجية التي تحاول إعاقتها.
ويتعين الإشارة إلى الدور الدبلوماسي الإيجابي الذي قام به وزراء الخارجية في مصر، سامح شكري، والإمارات، عبد الله بن زايد آل نهيان، وقطر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، و وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ونائبه والممثل الشخصي للرئيس الروسي في الشرق الأوسط وأفريقيا، ميخائيل بوغدانوف،
والدور المتميز وجهود المصالحة التي قامت بها دولة الكويت، وأميرها الراحل، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وهي جهود استمرت حتى الأيام الأخيرة من العام المنصرم.
أن نتيجة هذه الجهود مجتمعة سوف تكون إيجابية في العام الحالي، وها نحن نرى ذلك متمثلا في مسار الوحدة الفلسطينية، وحل الأزمة السورية والليبية، وإنهاء الخلاف بين دول الخليج، وفتح آفاق لحل الأزمة اليمنية، والسعي لتحسين العلاقة بين إيران وجيرانها، سعيا لعلاقات حسن جوار وتعاون بين جميع الدول، لما فيه الخير لشعوبها وازدهارها.
وينبغي التاشير على دور مبعوثي هيئة الأمم المتحدة إلى مختلف الدول، وبالأخص إلى سوريا، غير بيدرسون، و على ضرورة تجاوب الحكومة والمعارضة السورية لإحراز تقدم في إنجاز تعديل دستوري نهاية هذا الشهر.
على صعيد آخر، نأمل أن يتم تشكيل حكومة الإنقاذ في لبنان، وأن تبدأ المساعدات الدولية في التدفق إلى البلاد لتعافي الاقتصاد، وخروج لبنان من عثرته.
هكذا يجب أن تترجم جهود وأنشطة الشخصيات الدبلوماسية اخلال العام المنصرم، على الأرض. ونأمل في بداية هذا العام الجديد أن يستوعب جميع السياسيين المحليين خطورة وحساسية الدور والمسؤولية الملقاة على عاتقهم، من أجل تخفيف معاناة شعوبهم.
رامي الشاعر
كاتب ومحلل سياسي
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب