لسد عجز الموازنة.. ما مدى تأثير سحب أموال صندوق الأجيال في الاقتصاد الكويتي؟

 

 تعاني دولة الكويت بفعل أزمة جائحة كورونا، وتأثيرها في أسعار النفط، أزمة اقتصادية عنيفة، مادفع الحكومة إلى تقديم، مشروع قانون يقضي بجواز سحب ما لا يتجاوز 5 مليارات دينار سنوياً، من صندوق الأجيال، لمجلس الأمة.

 

وعللت الحكومة مطلبها بسحب هذه الأموال بأنه “لمواجهة أي عجز يطرأ على الاحتياطي العام بالدولة”.

وأكدت أن الظروف الاقتصادية التي تمر بها دولة الكويت بسبب الانخفاض الحاد في الإيرادات النفطية والمتوقع أن يستمر لسنوات عديدة، ستؤثر بالسلب على الاحتياطي العام للدولة، وستؤدي إلى شح السيولة النقدية.

تمويل الميزانيات

وأوضحت الحكومة أن مثل هذه الظروف سيترتب عليها عجز في تمويل الميزانيات العامة للدولة، مؤكدة أنها أعدت هذا المشروع لتعديل بعض أحكام المرسوم بالقانون رقم (106) لسنة 1976 في شأن احتياطي الأجيال القادمة، بما يسمح لمواجهة هذا العجز في الميزانيات العامة للدولة.

وعما تريده من تعديلات في القانون المشار إليه لفتت الحكومة إلى أن “مشروع القانون تضمن في مادته الأولى إجراء تعديل باستبدال نص المادة الثالثة من المرسوم بالقانون رقم (109) لسنة 1976 المشار إليه – والتي سبق تعديلها بالقانون رقم (18) لسنة 2020- بحيث يجوز أخذ مبلغ من احتياطي الأجيال القادمة لا يتجاوز خمسة مليارات دينار كويتي سنوياً، لمواجهة أي عجز يطرأ على الاحتياطي العام للدولة، مع الأخذ بعين الاعتبار قيام الحكومة بترشيد الإنفاق، وتخفيض المصروفات وزيادة الإيرادات وتنويع مصادر الدخل”.

شروط مطلوبة

الدكتورة أماني بورسلي، وزيرة التجارة والصناعة الكويتية السابقة، قالت إن “القانون المقترح من حكومة الكويت يقضي بتحويل مبلغ 5 مليار دينار بما يعادل 15 مليار دولار سنويا في حال وجود عجز بالموازنة من الصندوق السيادي للدولة، وعلى الرغم من ردود الأفعال الرافضة، إلا أن يمكن لمجلس النواب دراسته”.

وأضافت في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن: “اللجوء إلى 5 مليارات سنويًا لا يمكن القوله بإنه أمر خاطئ، في ظل رفض مجلس الأمة إصدار قانون للدين العام، فالحكومة ليس لديها مقدرة على إصدار سندات أو صكوك لتغطية الإنفاق العام، وكذلك لأن الحكومة تعاني من شح السيولة بسبب تراجع أسعار النفط”.

وتابعت: “القانون يمكن أن يكون فرصة ذهبية لتعزيز مستوى الشفافية عند الحكومة، فإذا كان هناك احتياج لإصدار القانون يمكن أن يستغل نواب البرلمان هذه الفرصة لموضوع الإفصاح عن حجم الإيرادات السنوية لهذا الصندوق”.

وأكدت أنه: “من الممكن أن يكون هناك بعض الشروط من أجل الموافقة على إصدار هذا القانون منها أن تكون الـ 5 مليارات من إيرادات الصندوق وليس من أصوله، وكذلك إفصاح الحكومة عن حجم إيرادات الصندوق وسياساته بشكل عام، وكذلك أن يكون هناك توجه للحكومة لمحاربة الفساد واسترداد الأموال التي ضاعت بسبب ملفات الفساد، وكذلك موضوع الإصلاحات المالية والاقتصادية للدولة”.

وأوضحت أنه: “بدون هذه الشروط والإصلاحات الاقتصادية، وكذلك بدون دعم خطة تنويع مصادر الدخل، سيكون هناك مخاطر كبيرة تتعلق بضياع أموال هذا الصندوق”، مؤكدة أن “هذه الشروط تعد ضمانات لطمأنة الشارع الكويتي والمواطنين ومجلس الأمة عن هذه الأموال، وعن الشفافية ومحاربة الفساد ودعم الاقتصاد”.

تأثير غير مباشر

من جانبه قال محمد خليفة الجيماز، المحلل الاقتصادي الكويتي ومستشار تصميم الأعمال التجارية، إن: “الحكومة طرحت مشروعًا لسحب بعض الأموال من صندوق الأجيال القادمة، وهو مبلغ بسيط بالنسبة للصندوق الذي يتم الاستثمار فيه منذ عشرات السنين، وتديره الحكومة”.

وأضاف في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن “الدول أو الحكومات التي تتأثر ميزانياتها، تبدأ في البحث عن مصادر أخرى قريبة متوفرة، قبل اللجوء للجهات الأخرى مثل البنوك والمؤسسات المالية والجهات الخارجية”.

وأكد أن “أموال الصندوق غير معلومة للجميع، ومبلغ الـ 5 مليارات التي تريد الحكومة سحبه لا يعلم أحد مدى تأثيره على الأموال الموجودة”.

وبشأن تأثير سحب هذه الأموال على الاقتصاد، قال إن: “تأثير سحب هذه الأموال لن يكون بشكل مباشر، لأن الاقتصاد الكويتي يتأثر بسعر النفط والاستثمارات الخارجية وأثارها مع الدول الأخرى، وكذلك أسواق المال”.

واستطرد: “أما صندوق الأجيال تأثيره لن يكون بشكل غير مباشر على الاقتصاد، حيث سيؤثر على الكيان المالي والمركز المالي للدولة ولحكومة الكويت”.

وكانت مصادر حكومية قد أكدت أن ما تم تحويله من صندوق الأجيال إلى الاحتياطي العام بسبب عجز الموازنة وصل إلى 7.5 مليار دينار (ما يقارب 25 مليار دولار).

وقالت المصادر إن قيمة العجز في الموازنة العامة بلغت 5.4 مليار في الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية الجارية، بمتوسط شهري 600 مليون دينار، وفقاً لبيانات وزارة المال.

جدير بالذكر أن صندوق الأجيال وبالرغم من أن أصوله تقدر بنحو 157 مليار دينار في السنة المالية المنصرمة، وكذلك حركته الاستثمارية مطمئنة بحسب تقارير سيادية، إلا أن مصادر استثمارية حذرت من الاعتماد عليه بالكلية لتغطية العجز وتأخر الحلول الأخرى، ومنها إقرار قانون الدين العام.

وأكدت أن هذه الطريقة في الاعتماد على الصندوق السيادي ستؤدي إلى استنزاف الاحتياطي، ليس ذلك فحسب وإنما ستؤثر سلباً على التصنيف السيادي لدولة الكويت، الذي يأخذ بالاعتبار أصول صندوق الأجيال التي قدرت بنحو 540% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2020، وهي أعلى نسبة بين جميع الجهات السيادية المصنفة من قِبل وكالة “ستاندرد آند بورز”.

يشار إلى أن صندوق الأجيال القادمة تأسس في عام 1976، حيث تستقطع الكويت سنوياً نسبة 10% من إيراداتها، ويتم تحويلها للصندوق الذي تديره “الهيئة العامة للاستثمار”.

وتواجه الكويت ضغوطات مالية كبيرة جراء هبوط أسعار النفط الخام، فيما حذر تقرير لوكالة “فيتش” للتصنيف الإئتماني مطلع الشهر الجاري من أن السيولة النقدية للبلاد شارفت على النفاد، مع تغيير النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية.

After Content Post
You might also like