كيف كانت أخلاق “النبي محمد” في معاملته مع اليهود والنصارى؟

النبي محمد عليه الصلاة والسلام:
بهذا الاسم الكريم تنطق ملايين الشفاه، وله تهتز ملايين القلوب كل يوم عدة مرات، وهذه الشفاه والقلوب تنطق وتهتز له منذ 1400 سنة، وبهذا الاسم الكريم ستنطق ملايين الشفاه وتهتز ملايين القلوب الي يوم الدين.

محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، كما اصطفاه الله تعالى لينزل عليه الوحي، ويدعو لنشر الإسلام بين البشرية، وهاجر من مكة إلى المدينة لاستكمال مهمته في الدعوة للدين الإسلامي، بعد أن اشتد عليه عذاب كفار قريش وإيذائهم له هو ومن اتبعه، كما اتسم النبي صلى الله عليه وسلم بالأخلاق الحميدة والصفات السامية، فعُرف بين أهله وقبيلته بالصدق والأمانة، حيث كان يلقب بـ “الأمين”، وتميز بمعاملته الطيبة لزوجاته، واتصف بالكرم والجود، وعرف بكثرة الذكر والاستغفار، واتسم النبي بالشجاعة والبسالة، لا يخشى سوى الله عز وجل كما إنه اشتهر بين الناس بالفصاحة والبلاغة.

 

معاملة الرسول مع اليهود والنصاري

كان سيدنا محمد صل الله عليه وسلم، يدرك ان بقاء اليهود والنصاري امر مسلم به، فلابد من التعايش معهم والبحث عن افضل الوسائل والطرق للتعامل والتفاعل مع وجودهم، ولذلك نري ان الرسول صل الله عليه وسلم تقبل ببساطة فكرة التعايش مع اليهود من اول يوم دخل فيه المدينة المنورة، بل قام بعقد معاهدات مهمة معهم.

فاذا اخذنا في الاعتبار ان هؤلاء اليهود قد عاصروا رسول الله، ورأوا الايات، واستمعوا الي الحجج الدامغة والبراهين الساطعة، ثم لم يؤمنوا، بل انهم اعتدوا عليه صل الله عليه وسلم، بشتي انواع الاعتداءات المعنوية والمادية.

 

ومع كل هذا التعنت اليهودي الا ان رسول الله صل الله عليه وسلم،يقف لجنازة رجل منهم، وهو رجل غير معروف، لكيلا لا يقال انه – اي اليهودي – اسدي معروفا ان الصحابه عينوه بصفته لا باسمه، ثم ان رسول الله برر وقوفه بقوله “أليست نفسا”، ولم يذكر فضيلة معينة له(1).

وهذا الاحترام لم يكن للحظة عابرة، بل طال وقوف رسول الله حتي اختفت الجنازة، ففي رواية مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : ” قام النبي صل الله عليه وسلم واصحابه لجنازة يهودي حتي توارت”.(2)

وتخيل معي هذا الموقف الجليل وجنازة اليهودي تمر، والرسول صل الله عليه وسلم واصحابه مازالوا واقفين !

وظل النبي صل الله عليه وسلم محافظا علي مبدا التعايش السلمي، ولم يغير الرسول هذا النهج الي اخر حياته، حتي انه قام بعمل قد يستغربه الكثيرون، وهو انه اشتري طعاما من يهودي الي اجل، ورهنه درعا من حديد!!(3)

ومن وجه الاستغراب ان الصحابه الاغنياء كانوا كثر في المدينة المنورة، ولم يكن عندهم اغلي من رسول الله صل الله عليه وسلم، وكان من الميسور ان يهدي الصحابه الاغنياء الطعام الي رسول الله، او علي الاقل ان يقترض منهم، او يرهن درعه عند احدهم، ولكن رسول الله ذهب الي اليهودي ليرهن درعه عنده بدلا من ذلك، ومن الواضح من الموقف انه فعل ذلك لتوجيه المسلمين الي جعل العلاقة بينهم وبين اليهود طبيعية، ماداموا يحترمون جوار المسلمين ولا يعتدون علي حرماتهم، ولو وصل الي رهن الدرع، وهو شئ عسكري مهم كما هو معلوم، ولكنه كان لاثبات حسن النوايا الي اكبر درجة.

 

المصادر
1) البخاري : كتاب الجنائزة، باب من قام لجنازة يهودي (1250)، ومسلم : كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة 961)، واللفظ له.
2) مسلم : كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة (960)، والنسائي (1928)، واحمد (1928)، والبيهقي في سنته (6670).
3) البخاري عن السيدة عائشة رضي الله عنها : كتاب الرهن، باب من رهن درعه (2374)، ومسلم : كتاب المساقاة، باب الرهن وجوازه في الحضر والسفر(1603).

After Content Post
You might also like