مشغلو البورصات يواجهون تدقيقا بعد أعطال 2020

بدأت أسواق الأوراق المالية العام بالثناء على مرونتها خلال الاضطرابات الناتجة عن الوباء، لكنها تنهيها بأن تكون موثوقيتها قيد التدقيق.
سلسلة من الانقطاعات البارزة في النصف الثاني من 2020 سلطت الضوء على مشغلي البنية التحتية المالية التي تشكل أساس الأسواق العالمية. نهاية العام المضطربة تمثل تناقضا صارخا مع فصل الربيع، عندما أشاد المنظمون بالبورصات لتحملها زيادة غير مسبوقة في النشاط في ذروة اضطرابات آذار (مارس).
حالات الخلل المفاجئة أبرزت مخاوف السلطات العالمية المتزايدة من أن اعتماد الأسواق على التكنولوجيا والأتمتة، لشراء الأصول وبيعها في غمضة عين، يسبب خطرا على النظام المالي.
يرغب المنظمون في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وسنغافورة في تشديد المعايير الخاصة بالبنوك والبورصات وبيوت المقاصة ومقدمي المدفوعات، لتحمل آثار الأوبئة والأحداث السيبرانية والكوارث الطبيعية وحالات فشل التكنولوجيا. بنك التسويات الدولية، الذي ينسق العمل عالميا للصناعة المصرفية، يعتزم إنشاء معاييره الخاصة.
أصبح الأمر أكثر إلحاحا خلال الأشهر القليلة الماضية. السوق الألمانية الرئيسة، بورصة Xetra في فرانكفورت، أصيبت بمجموعة من الإخفاقات الفنية المتكررة هذا العام أدت إلى توقف تداولات الأسهم في كثير من الدول الأوروبية. وعانت بورصة طوكيو في تشرين الأول (أكتوبر) أسوأ انقطاع لها على الإطلاق، ما دفع الرئيس التنفيذي إلى الاستقالة بعد شهر.
بعد الخلل المفاجئ في اليابان وقع فشل مزاد الإقفال المهم في يورونكست، التي تدير ست بورصات عبر أوروبا بما في ذلك بورصة باريس الرئيسة. ترك المتداولون ساعات في الظلام بشأن أسعار إغلاق الأسهم والمشتقات والسندات، في حين أن التأثيرات غير المباشرة في المقاصة والكفالات استغرقت عدة أيام لحلها.
قالت فيرجيني أوشيا، مؤسسة فايربراند ريسيرش، وهي شركة استشارية في لندن: “تباينت أسباب هذه الانقطاعات لكن تأثيرها في الثقة بالسوق وبالمنظم لا يمكن التقليل منه. في عام مختلف ربما لم تكن هذه الأحداث مرئية إلى هذه الدرجة وتنسى بسرعة، لكن الظروف الفريدة لهذا العام أدت إلى تفاقم تأثيرها”.
عرضت البورصات أفضل صفاتها في آذار (مارس) في الوقت الذي تراجعت فيه الأسواق العالمية بسرعة مذهلة، وهي توافر الربط الذي يقيس على أساسه المنافسون، مثل “المجمعات السوداء”، أسعارهم. في ذروتها، كان لدى بورصة نيويورك أكثر من 100 مليار رسالة من الطلبات والأسعار عبر أنظمتها، أي نحو ثلاثة أضعاف أعلى سجل سابق لها، لكنها استهلكت فقط 50 في المائة من قدرتها الحاسوبية. على عكس البنوك، لم يكن هناك تراكم للصفقات.
لكن أنظمة مشغلي البورصات تتطلب تحديثا مستمرا لمواكبة متطلبات عملائهم. غالبا ما يعتمدون على أطراف ثالثة لتزويدهم بالأجهزة والبرامج الحاسمة، ما يجعلهم عرضة لمشكلات غير متوقعة.
قالت نانديني سوكومار، الرئيسة التنفيذية للاتحاد العالمي للبورصات، وهي المجموعة العالمية للصناعة، إن المرونة التشغيلية لا تزال تمثل أولوية للصناعة. أضافت: “حتما ستكون هناك انقطاعات ومواطن خلل مفاجئة لكن الصناعة تحل المشكلات دائما وتتحرك قدما. كل تحد أو انقطاع هو أيضا فرصة للتفكير فيما إذا كان هناك شيء يمكن القيام به بشكل أفضل”.
مع ذلك، قال بعض المتداولين والمستثمرين إنهم محبطون مما يرون أنه استجابات باهتة من قبل بعض مشغلي البورصات بشأن الانقطاعات.
أنيتا كاربي، العضو المنتدب لشركة K & K Global Consulting، التي تدير شبكة للمتداولين في إدارة الصناديق لمناقشة قضايا الصناعة، قالت: “هذه قضية أساسية بالنسبة لمكاتب التداول (…) ويجب معالجتها بشكل عاجل. هناك حاجة إلى وضع خطة دعم واضحة وقوية لضمان أن تتمتع السوق بالكفاءة في المرحلة المقبلة”.
المشكلة حادة بشكل خاص في أوروبا حيث تمتلك يورونيكست والبورصة الألمانية البورصات الرئيسة في أكثر من 12 دولة، أو تزودها بالتكنولوجيا. بالتالي يمكن أن يؤدي انقطاع الخدمة إلى تعطيل التداول عبر أسواق متعددة.
هناك أيضا استياء متزايد بين بعض التنفيذيين المختصين بالتداول وشركات صنع السوق من أن المستثمرين لا يستخدمون أماكن بديلة أو مجمعات مظلمة للالتفاف على الانقطاعات.
قال إدوارد مونراد، رئيس هيكل سوق الأسهم الأوروبية في أوبتيفر يوروب Optiver Europe، صانع السوق الهولندي: “هذا يسلط الضوء على نقاط الضعف المنهجية المهمة في أسواق رأس المال الأوروبية التي ينبغي معالجتها”.
عادة ما تستحوذ شركات مثل سي بي أو إي يوروب CBOE Europe وأكويس إيكستشنج Aquis Exchange على ما يصل إلى 40 في المائة من الحصة السوقية في يوم عادي، لكن التداول في أسواقها يجف أيضا عندما تنخفض البورصة الرئيسة.
أشارت أوبتيفر إلى أن كثيرا من خوارزميات تداول الوسطاء مرتبطة بالأسعار في البورصة الرئيسة وليس بسوق عموم أوروبا. تعمل لوائح الاتحاد الأوروبي على تعقيد المشكلة من خلال السماح للمستثمرين بإجراء صفقات كبيرة الحجم في أماكن بديلة، لكن بعد ذلك تجبرهم على تسعيرها بما يتماشى مع البورصة الرئيسة.
قال ديفيد هوسون، رئيس سي بي أو إي يوروب: “إنه أمر محبط لكن هذا يعطي الصناعة الزخم لإيجاد تحسينات وتعزيزات”.
مثل كثيرين آخرين، أشار هوسون إلى مزايا النظام الأمريكي، الذي يسمح للطلبات المرسلة عادة إلى بورصة مصابة بأن يتم تداولها في الأسواق المنافسة. في 2015 ترك انقطاع لمدة ثلاث ساعات في بورصة نيويورك الأسواق غير متأثرة مع قيام المنافسين، ناسداك وسي بي أو إي ماركيتس CBOE Markets، وكذلك البنوك الاستثمارية، باكتساب الأعمال.
لكن أوروبا خليط متقطع من التداولات العابرة للحدود والمحلية. غالبا ما تكون للبورصات الرئيسة في الدول عضوية أوسع، حيث تجذب الوسطاء الكبار والصغار والنشاط من منصات تداول التجزئة للأسهم. لديها أيضا عضويات مختلفة ودفاتر قواعد وإجراءات تسوية مختلفة.
علاوة على ذلك، يستفيد المستثمرون أيضا مما يسمى “المصلحة العامة” التي تنبع من إضفاء الطابع المركزي على أجزاء مهمة من التداول.
مثلا، يسعد المستثمرون بالتداول في أماكن مختلفة في يوم عادي، لكنهم يفضلون إعادة توجيه أعمالهم إلى البورصة عند الإقفال. فهذا يوفر سعرا نهائيا واحدا لليوم، ويستخدم معيارا لتقييم الآلاف من محافظ الأسهم والمشتقات.
هذا يترك كثيرا من المشاركين في السوق يعودون إلى حيث بدأوا – حيث يعتمدون على ترس واحد مهم في الجهاز، ثم يصابون بالإحباط عندما يتعطل.

حالات الخلل المفاجئ

تموز (يوليو): خلل في البورصة الألمانية أثر في تداول الأسهم في فرانكفورت لعدة ساعات. وتوقفت بورصات فيينا وليوبليانا وبراغ وبودابست وزغرب ومالطا وصوفيا نظرا لأنها تستخدم برنامج الشركة الألمانية.
آب (أغسطس): تعرضت البورصة النيوزيلندية الرئيسة لسلسلة هجمات من قراصنة.
أيلول (سبتمبر): تعين على بنك إنجلترا استخدام أنظمة الدعم لضمان تسوية آلاف عمليات تداول الأوراق المالية بعد أن واجه النظام الرئيس، الذي تديره يوروكلير Euroclear، مشكلات فنية.
تشرين الأول (أكتوبر): تعاني بورصة طوكيو أسوأ انقطاع على الإطلاق منذ أن أصبحت إلكترونية بالكامل في 1999. أدت الكارثة في وقت لاحق إلى استقالة رئيسها التنفيذي.
أصاب انقطاع في يورونيكست التداول لعدة ساعات وأدى إلى تعطيل مزاد الإقفال. تأثر التداول عبر الأسهم والسندات والمشتقات في باريس وأمستردام وبروكسل ولشبونة ودبلن.
تشرين الثاني (نوفمبر): سوق الأوراق المالية الرئيسة في أستراليا تتوقف بعد عطل برمجي في نظام تداول جديد في ASX. يعتذر المورد، مجموعة ناسداك الأمريكية، عن الخطأ.

After Content Post
You might also like