هكذا تحوَّلت صناعة «البودكاست» إلى تجارة

فرضت المدوّنات الصوتية نفسها خلال الأعوام القليلة الماضية، حتى تحوّلت إلى بزنس، ينافس وسائل الإعلام التقليدية، وفق تقرير نشرته صحيفة لوبينيون الفرنسية، أوضحت خلاله كيف أصبح لعدد من المدونات الصوتية منتجات وعلامات تجارية في السوق.

ففي الولايات المتحدة الأميركية، يجري تحميل برنامج The Joe Rogan Experience ـــــ وهو برنامج حواري، يقدمه كوميدي متخصص في فنون الدفاع عن النفس ـــــ عشرات الملايين من المرات أسبوعيا، مثله مثل برنامج Crime Junkie، الذي يهتم برواية قصص القتلة والسفاحين والأشخاص الذين اختفوا ولم يظهر لهم أثر.

وهذه الإمبراطوريات الجديدة لم تعد اليوم ترتبط بآذان المستمعين فقط، وإنما بجيوبهم أيضاً، بعد أن أصبحت تروّج وتقترح عليهم تشكيلة كاملة من المنتجات الخاصة بها، فـ«بودكاست» How Long Gone الذي يهتم بثقافة «البوب»، مثلا، أطلق حقيبة باسمه بالتعاون مع فنان في لوس أنجلوس، ونفدت بسرعة من السوق.

وتقول ماريا موراليس المديرة التجارية لمنصة Stitcher التي تبث مدونات صوتية ناحجة عدة: إن المستعمين أصبحوا أكثر تعلقا ببرامجهم المفضلة، لذلك أصبحت المنتجات التي تعرضها هذه المدونات تباع مثل الخبز. وتضيف: «مبيعات منتجات المدونات الصوتية التي تنتجها المنصة، وبينها مدونة WTF مع مارك مارون، تتضاعف سنة تلو الأخرى».

ولفتت موراليس إلى أن إطلاق قدح مدونة The Office Ladies كان أشبه بإطلاق حذاء جديد لدى نايكي؛ إذ نفدت مئات عدة من الأقداح من السوق بمجرد عرضها للبيع.

علاقة حميمية

ووفق لوبينيون، فإن الإقبال المجنون على هذه المنتجات أمر غير مسبوق في عالم الإعلام، ورغم أن الصحف والمجلات الأميركية عادة ما تهدي لمشتركيها هدية خاصة تحمل علامتها، فإن الواقع يشير إلى أن تجارة المدونات الصوتية ستتخذ منحى آخر تماماً.

ويتعلق الأمر بظاهرة فريدة من نوعها، بحسب موراليس، ذلك أنها تدفع المستمع إلى إنفاق 30 دولاراً لشراء «تيشيرت» أو 60 مقابل «جاكيت»، وأما سببها فيعود إلى العلاقة القوية التي يؤسسها المستمعون مع البرامج، من خلال هذه السلع التي يعتقدون أنها تقرّبهم منها أكثر فأكثر.

ومثلها مثل «التيشيرتات» التي تباع بعد الحفلات الموسيقية، تسمح هذه السلع للمستمعين بدعم برامجهم المفضلة، وتقول كوري لونغ (40 عاما) الموظفة في جامعة أتلنتا إنها اشترت مؤخرا قميصا لمدونة جديدة باسم How Long Gone، يذيعها شقيقان (ثلاثينيان).

ولفتت لونغ إلى أن القمصان التي تشترى خلال الحفلات وسط العشرات من المعجبين لا توفر الشعور الذي توفره المدونات الصوتية، وهي أنك تطلبها بمفردك وأنت في بيتك.

والحميمية هي العنصر الرئيس في نجاح «البودكاست»، وتروي ديتا كورديليا كيف راهنت العام الماضي على الاستعماع إلى مدونية صوتية، من أجل راحتها النفسية والتغيير خلال مشوارها إلى العمل. وتضيف: «انبهر بالاستماع الى أصدقاء يتحدثون بدل مذيع في الراديو يدعو الجمهور إلى الاستماع لأغنية ما في ساعة معينة».

ويرى عدد من المستمعين أن هذه الحميمية تولد الشعور بالهروب لديهم، خاصة في الأوقات العصيبة مثل التي عشناها العام الماضي.

الترويج للمنتجات يهدف إلى بناء عالم خاص بالمدونة

واعتمد الكثيرون من أصحاب المدونات الصوتية المشهورة في الولايات المتحدة ودول أخرى على بناء مجموعة قوية من خلال هذه السلع، ويقول كريس بلاك، أحد مقدمي مدونة How Long Gone: إن الترويج لهذه المنتجات يهدف إلى بناء عالم خاص بالمدونة، فبعد «التيشيرتات» والحقائب اليدوية، قرر كريس وصديقه المذيع جيسون ستيوارت إبرام شراكة مع شركة التحميص Tinker التي يقع مقرها في انديانابوليس، من أجل التسويق لعلب قهوة باردة، اختارا لها اسم Mudd، وهي الكلمة التي يرددها كريس بلاك في برنامجه حين يتحدث عن القهوة.

وتبيع مدونة The Office Ladies أغطية للسفر وحقائب ظهر وصحون طائرة وحتى دباسات، في حين أطلقت مدونة The Last مع العلامة النيويوركية Priority Bikes دراجة هوائية، وأما بودكاست Will Kill You المتخصص في الأمراض فبدأ بتسويق صابون خاص به.

وأما بعض المدونات الصوتية فقد شرعت في إنتاج سلع فاخرة، فخلال الأشهر القليلة الماضية، أُبرم «بودكاست» Throwing Fits، الذي أطلق قبل عام شراكةً مع مجموعة الأحذية الإيطالية Diemme لإنتاج جزم جلدية طويلة بسعر 300 دولار للجزمة، وعقداً آخر مع Blackstock & Weber لإنتاج أحذية من نوع موكاسان بسعر 295 دولاراً، ووفق المذيع جيمس هاريس فقد تم بيع المئات من الأحذية حتى الآن.            

After Content Post
You might also like