أعاصير المتوسط العنيفة.. خبير يكشف “خطراً مستقبليا”
منازل مدمرة، أحياء اختفت، سيارات مدفونة تحت الوحل، قائمة الأضرار المادية الناجمة عن العاصفة دانيال التي ضربت ليبيا ليلة الأحد 11 سبتمبر تبدو بلا نهاية والخسائر البشرية فادحة.
إذ أن عدد الضحايا بعد مرور العاصفة في تزايد، ففي الوقت الذي سجلت البلاد مقتل 11300 شخص، تتحدث السلطات الآن عن 10100 شخص ما زالوا في عداد المفقودين، ويخشى عمدة مدينة درنة، حيث جرفت الفيضانات أحياء بأكملها، أن يصل عدد الوفيات إلى 20 ألف شخص.
وفي تصريحه لموقع “سكاي نيوز عربية”، يشرح الباحث في علوم المناخ في المركز الوطني للبحوث العلمية في باريس والمتخصص في الظواهر المتطرفة وارتباطها بتغير المناخ، دافيد فاراندا كيف يمكن أن يصل “إعصار البحر المتوسط شبه الاستوائي” الذي عبر شرق ليبيا، إلى هذا المستوى من العنف قائلا:
هو استمرار لإعصار دانيال الذي شهدته اليونان وتركيا وبلغاريا في بداية شهر سبتمبر.
هو الذي تسبب في الحرارة الشديدة في فرنسا منذ عدة أيام، وبقي في البداية لفترة طويلة فوق اليونان، ما يوضح مستوى هطول الأمطار العنيفة لساعات طويلة هناك.
ثم حملته التيارات الجوية نحو الساحل الليبي، جذبته أيضا درجات حرارة البحر المرتفعة جدا التي تتراوح بين 3 و4 درجات مئوية فوق المعدل الطبيعي.
لقد كان لدى هذا الإعصار الطاقة اللازمة لتحويل حرارة ورطوبة الغلاف الجوي إلى أمطار غمرت بعد ذلك المناطق الساحلية في ليبيا وتسببت في الأضرار التي لاحظناها.
هذا الإعصار لن يكون هو الأول أو الأخير، لدينا حوالي واحد أو اثنين في السنة في منطقة البحر المتوسط، وأحيانا لا شيء، لكن تغير المناخ يزيد من حدة هذه الظاهرة.
في السنوات القادمة، سوف تصبح هذه الظواهر أكثر كثافة، وذلك لأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ستستمر في رفع درجة حرارة الغلاف الجوي للبحر المتوسط، الذي سيحتوي بالتالي على المزيد من الطاقة والمزيد من الحرارة والرطوبة لخلق أعاصير أكثر شدة.
كلما كان الهواء المتبخر من البحر أكثر دفئا، كلما كانت العواصف أكثر عنفا، بسبب التقاء كتلتين هوائيتين عند درجات حرارة مختلفة.
المناطق الأكثر تعرضًا للخطر هي بعض البلدان في شمال أفريقيا، وكذلك بعض البلدان في جنوب أوروبا، لأنها لا تملك البنية التحتية اللازمة للتعامل مع هذه الكميات من الأمطار ولا مع الفيضانات الساحلية الناجمة عن هبوب الرياح العنيفة التي تصاحب الإعصار.
تدابير ملحة لحماية السكان
ويرى عالم المناخ، أنه “في حال كانت كميات الأمطار التي تهطل على شمال إفريقيا استثنائية بالنسبة للمنطقة، فمن الممكن تماما تصميم سدود قادرة على تحمل هذه الكميات من الأمطار.
ويضيف: من الضروري أيضا تجنب إعادة البناء بالقرب من المناطق الساحلية، وكذلك من الأنهار، والشيء الأساسي الآخر هو إنشاء نظام إنذار، مثل نظام “ميطيو فرانس”، الذي يسمح في حالة وصول إعصار، بنقل السكان الموجودين في المناطق المعرضة للفيضانات.
وختم بالقول: “لا يمكننا تجنب وقوع أضرار جسيمة، ولكن على الأقل منع تسجيل آلاف الوفيات مثل هذه الحصيلة الثقيلة في ليبيا”.