الدكتور خالد العناني.. أول مصرى وعربى مديراً عامًا لليونسكو | بروفايل
اختار المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو الدكتور خالد العناني مديرا عاما للمنظمة بعد حصوله على عدد أصوات غير مسبوق في تاريخ التصويت داخل اليونسكو وذلك خلال الجلسة المخصصة لانتخاب القيادة الجديدة وسط تأكيد دولي على أهمية دور المنظمة في التعليم والثقافة والتراث.
وتنشر «جسور» أبرز المحطات في مسيرة الدكتور خالد العناني، الحافلة بالعديد من الانجازات في الملف السياحي والأثري:
• وزير السياحة والآثار (22 ديسمبر 2019 – 13 أغسطس 2022)؛ وزير الآثار (23 مارس 2016 – 21 ديسمبر 2019)؛ أول وزير يتولى الحقيبتين معا منذ فصلهما عام 1966.
• أستاذ علوم المصريات بقسم الإرشاد السياحي – كلية السياحة والفنادق – ج حلوان (عضو هيئة تدريس منذ 1993).
• حصل على وسام فارس جوقة الشرف – فرنسا (2025)؛ وسام الشمس المشرقة – اليابان (2021)؛ وسام الاستحقاق – بولندا (2020)؛ وسام فارس في الفنون والآداب – فرنسا (2015).
• راع لصندوق التراث العالمي الأفريقي (2025)؛ سفير السياحة الثقافية لدى منظمة السياحة العالمية (2024)؛ دكتوراه فخرية، ج پول ڤاليرى مونپلييه 3 – فرنسا (2024)؛ عضو فخري بالجمعية الفرنسية للمصريات – فرنسا (2016)؛ عضو مراسل لمعهد الآثار الألماني ببرلين – ألمانيا (2015).
• سفير منظمة الأمم المتحدة للسياحة – للسياحة الثقافية (2024).
• المشرف العام على المتحف المصري بالقاهرة (2015-2016)؛ وعلى المتحف القومي للحضارة المصرية (2014-2016).
• وكيل كلية السياحة والفنادق لشؤن التعليم والطلاب – ج حلوان (2012-2013)؛ رئيس قسم الإرشاد السياحي (2011-2012).
• أستاذ زائر – ج پول ڤاليرى مونپلييه 3 (ثمان مرات خلال 2006-2013 و2023).
• خبير علمي، وعضو مجلس الإدارة والمجلس العلمي، وباحث مشارك – المعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة (2002-2016).
• حاصل على دكتوراه في علوم المصريات – ج پول ڤاليرى مونپلييه 3 (2001).
• حاصل على بكالوريوس الإرشاد السياحي (لغة أولى فرنسي) – كلية السياحة والفنادق – ج حلوان (1992).
وحقق الدكتور خالد العناني ، فوزا ساحقا بمنصب مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) للفترة من 2025 إلى 2029، بعد حصوله على 55 صوتا من أصل 57 خلال تصويت المجلس التنفيذي للمنظمة.
وعقب الإعلان عن انتخاب العناني مديرا عاما لليونسكو، خلفا للفرنسية أودري أزولاي، عمت الفرحة أرجاء المكان، داخل أروقة هذه المنظمة التي تهدف في الأساس إلى المساهمة في إحلال السلام والأمن عن طريق رفع مستوى التعاون بين دول العالم في مجالات التربية والتعليم والثقافة.
وقال الدكتور العناني، إن خدمتي في اليونسكو لن تقتصر على إدارة منظمة دولية، بل ستكون التزاما بأن أجعل من اليونسكو بيتا يعبّر عن القيم المتنوعة لمختلف شعوب العالم، ويجعل من معاناتهم وأحلامهم جزءا من الرسالة الإنسانية العالمية.
وقال العناني: «اعتبر أن مسيرتي الأكاديمية والمهنية كانت وما تزال مصدر إلهام وتشكيل لرؤيتي، ليس فقط في المجال العلمي، وإنما أيضًا في الإيمان العميق بالدور الذي يمكن للثقافة والتعليم والعلوم أن تلعبه في بناء السلام وتعزيز التفاهم بين الشعوب .. ومنذ بداياتي كأستاذ جامعي ثم باحث متخصص في علم الآثار والتاريخ، أدركت أن المعرفة ليست حكرا على النخبة، وإنما هي أداة تمكين للمجتمعات كافة .. عملي الأكاديمي علّمني قيمة الدقة العلمية والالتزام بالمنهجية، فيما منحتني تجربتي الوزارية القدرة على تحويل هذه الرؤى إلى سياسات عملية قابلة للتنفيذ، تستند إلى الحوار والتعاون الدولي».
وأضاف: «رؤيتي تقوم على أن اليونسكو لا يمكن أن تحقق رسالتها إذا عملت كل دولة بمعزل عن الأخرى، بل من خلال التضامن والتعاون الحقيقي .. لذلك سأحرص على أن تكون إدارتي قائمة على حسن الاستماع، التشارك، وبناء توافقات تضمن أن يشعر كل عضو أن صوته مسموع وأنه شريك في صنع القرار».
ويعد هذا الفوز فوزا تاريخيا، حيث أصبح العناني بهذه النتيجة أول عربي يحصل على هذا المنصب الرفيع منذ تأسيس المنظمة الدولية عام 1945 .. فقد حظى العناني بتأييد عربي غير مسبوق خاصة بعد أن تبنت جامعة الدول العربية قرارا على مستوى القمة في مايو 2024 بدعم وتأييد ترشيح الدكتور العناني باعتباره المرشح العربي الوحيد لهذا المنصب، وهي المرة الأولى التي يحظى فيها مرشح بإجماع عربي واسع بهذا الشكل، مايعكس تطلعات الدول العربية لدور فاعل داخل المنظمة الدولية، وأهمية القيادة العربية لليونسكو في المرحلة المقبلة.
كما أصبح ثاني إفريقي يتبوأ هذا المنصب بعد السنغالي أمادو محتار مبو (1974-1987)، وقد حظى بدعم واسع على المستوى الافريقي .. في هذا الشأن قال العناني: «أنا فخور بالفعل بأن ترشيحي حظى بدعم المجموعتين العربية والإفريقية، فهذا الدعم يعكس ثقة جماعية تتجاوز البعد الوطني لتجسد هوية مشتركة وقيم متجذرة .. وأعتبر أن أولويتي هي أن تكون أصوات المجموعتين مسموعة بوضوح في قلب صنع القرار باليونسكو».
ولفت إلى أنه سيعمل على عدة مسارات، أهمها التقارب والشراكات عبر تعزيز التعاون بحيث تصبح اليونسكو منصة لتبادل الخبرات بين الدول العربية والإفريقية، وإبراز نجاحاتها كنماذج عالمية، فضلاً عن إبراز الصوت المشترك من خلال تعزيز دور المنظمة في مساعدة الدول الأعضاء على مواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ، الهجرة، حماية الهوية الثقافية، والحق في التعليم، بحيث لا تكون هذه القضايا هامشية بل في صدارة الأجندة الدولية.
وأعرب عن تطلعه في أن يسهم من خلال هذه التجربة المتكاملة في تعزيز حضور اليونسكو على الأرض، وجعلها أكثر قدرة على الاستجابة للتحديات، وأقرب إلى تطلعات الدول الأعضاء وشعوبها.
ومنذ بدء حملته الانتخابية، والتي استمرت بنحو 30 شهرا، زار العناني خلالها أكثر من 60 دولة، استمع وتبادل الآراء مع أشخاص من خلفيات متنوعة، بما في ذلك مسؤولون، وخبراء في مجالات اختصاص اليونسكو، وممثلو المجتمع المدني، وطرح رؤية شاملة وتصورا متكاملا لمستقبل عمل اليونسكو، وهو ما شكل أثرا بالغا عليه.
في هذا الشأن ، قال العناني: «خلال جولاتي الانتخابية التي شملت أكثر من 60 دولة، كان لكل محطة أثر خاص، لكن ما ترك أثرا بالغا في نفسي هو زيارتي لعدد من الدول الإفريقية والدول الجزرية الصغيرة، حيث لمست عن قرب التحديات الحقيقية التي تواجهها في مجالات التعليم وحماية التراث والتكيف مع آثار تغير المناخ.. هذه اللقاءات لم تكن مجرد حوارات بروتوكولية، بل كانت فرصة للاستماع المباشر لاحتياجات تلك الدول، وهو ما عزز قناعتي بأن اليونسكو يجب أن تكون أكثر قربا وفعالية في دعمها لها».
وتابع: «خرجت من هذه المحطات بإيمان عميق بأن تعزيز حضور اليونسكو في إفريقيا والدول الجزرية الصغيرة يجب أن يكون أولوية قصوى، لأن مستقبل المنظمة مرتبط بقدرتها على الاستجابة لاحتياجات أكثر المجتمعات هشاشة وإعطائها صوتا قويا في النظام المتعدد الأطراف».
وفي رؤيته «اليونسكو من أجل الشعوب»، أبدى العناني اهتماما كبيرا بالتعليم، وهو ما أكده قائلا «التعليم هو الركيزة الأساسية لأي تنمية حقيقية، ولهذا جعلته في صميم رؤيتي .. عندما أقول “شعوب قادرة على الفعل من خلال تعليم عالي الجودة”، فأنا أؤكد أن التعليم ليس مجرد حق أساسي، بل هو أداة للتمكين وبناء القدرات وتحقيق العدالة الاجتماعية».
وأشار إلى تصوره لتعزيز دور اليونسكو في هذا المجال والذي يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية: تقليص فجوة عدم المساواة في التعليم، عبر دعم الدول النامية والأقل نموا ببرامج مبتكرة لتوسيع الوصول إلى التعليم الأساسي والثانوي والعالي؛ والتحول الرقمي والتكنولوجيا، مع الاستثمار في البنية التحتية الرقمية وتدريب المعلمين على الأدوات التكنولوجية الحديثة؛ والتعليم من أجل المستقبل، مع التركيز على مهارات القرن الحادي والعشرين مثل الإبداع، الابتكار، التفكير النقدي، وقيم التسامح والتنوع الثقافي.
وأضاف: «بهذه الرؤية، أسعى لأن تكون اليونسكو الحاضنة العالمية لإصلاح التعليم، والقادرة على قيادة حوار دولي واسع وتحويله إلى برامج عملية ملموسة تدعم كل الدول الأعضاء دون استثناء».
وفيما يخص التراث الثقافي، أبدى العناني اهتماما بالغا بالحفاظ وحماية التراث الثقافي .. في هذا الصدد، شدد العناني على أن التراث الثقافي ليس مجرد ماض نحتفي به، بل هو جسر يربط الأجيال ويعطيهم شعورا بالهوية والانتماء .. ولهذا كنت حريصا دائما على زيارات ميدانية للمواقع الأثرية، وعلى إشراك الشباب بشكل مباشر في برامج التوعية والحماية، لأن حماية التراث لا تكتمل إلا عندما يصبح الشباب شركاء في صونه.
وأكد على أهمية توسيع برامج التعليم الثقافي داخل المدارس والجامعات لتعريف الأجيال الجديدة بقيمة تراثهم، وتشجيع مبادرات الشباب في حماية وإدارة المواقع الأثرية عبر التدريب التطوعي والمشروعات المبتكرة، والربط بين التراث والتنمية المستدامة، من خلال تحويل التراث إلى مصدر إلهام وفرص اقتصادية للشباب في مجالات السياحة الإبداعية والصناعات الثقافية.
وقال: «بهذا النهج، لا يصبح التراث مسؤولية المؤسسات وحدها، بل مسؤولية مشتركة، يسهم فيها الشباب بروح جديدة تعزز صلابة الهوية الثقافية وتضمن استدامتها».
وفيما يخص الثقافة، لفت العناني إلى أن الثقافة في جوهرها هي لغة مشتركة بين الشعوب، وإذا أحسنا توظيفها تصبح أداة قوية لتوحيد المجتمعات وتعزيز التفاهم والسلام.
وقال: «أرى أن دور اليونسكو يجب أن يركز على توسيع المنصات التي تجمع الثقافات المختلفة، سواء عبر برامج تبادل ثقافي، أو دعم الإبداع الفني المشترك، أو الاستثمار في الصناعات الثقافية التي تعكس تنوعنا الإنساني .. كما أن اليونسكو قادرة على أن تكون جسر حوار عالمي، من خلال مبادرات تستمع لكل الثقافات، وخاصة الأصوات المهمشة، وتبرز ما يجمعنا بدل ما يفرقنا».
وحرص العناني طوال مسيرته المهنية على التواجد الميداني بشكل دائم في المواقع الأثرية والمتاحف، إيمانا منه بأن الإدارة الناجحة للتراث لا يمكن أن تتحقق من المكاتب فقط، بل من خلال التواجد على الأرض والاستماع المباشر للعاملين والمجتمعات المحلية.
ويرى العناني أن تعزيز التواجد الميداني لمنظمة اليونسكو ضرورة حقيقية، خاصة في الدول النامية والأقل نموا، حيث يواجه التراث والتعليم والثقافة أكبر التحديات، مؤكدا أهمية أن يتحول الحضور الميداني إلى ركيزة أساسية لعمل اليونسكو، عبر توسيع مكاتب اليونسكو الإقليمية ودعمها بالكوادر المتخصصة، وتنفيذ زيارات رصد تفاعلية بشكل دوري لمواقع التراث، وتعزيز الشراكة مع السلطات الوطنية والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
وقال إن اليونسكو القريبة من الميدان، والمتصلة مباشرة بالدول الأعضاء، ستكون أكثر تأثيراً وفعالية في تحقيق رسالتها الإنسانية.
وشدد على أن الحوار والعمل الجماعي يمثلان أداة مهمة في عمله خلال توليه منصب مدير عام اليونسكو، قائلا: «أعتبر أن الحوار والعمل الجماعي ليسا مجرد أدوات، بل هما ركيزتان أساسيتان لنجاح أي قيادة دولية. فالحوار يفتح أبواب التفاهم ويزيل سوء الفهم بين الدول الأعضاء، أما العمل الجماعي فيجعل القرارات أكثر شمولا وقوة لأنه يعكس توافقا واسعا».
