ناصر تركي يكتب| الراعي والرعية | جولة حرة

اتابع باستمرار لقاءات الرئيس عبد الفتاح السيسي ، وكنت اتسائل لماذا يحرص الرئيس على الحديث مباشرةً مع المواطنين ويحاورهم خلال تلك اللقاءات باسلوب لم نعهده من أي رئيس قبل ذلك سواء في مصر أو أي دولة أخرى حول العالم ، وعندما تم الإعلان عن الجمهورية الجديدة معظمنا لم يعي المضمون أو المخزي ، ولكني اليوم وأنا أتابع إفتتاح الرئيس لعدد من المشروعات السكنية الجديدة في عدة محافظات فهمت المقصود والرسالة من وراء مصطلح الجمهورية الجديدة ، عندما يكون القائد أو الراعي يعلم علم اليقين أنه سيحاسب أولاً من الله قبل شعبه فهنا مكمن النجاح والتوفيق دون النظر لإرضاء شعبه فقط بمكاسب ومزايا وقتية من زيادة الدعم النقدي والسلعي وترك الأمور على وضعها دون تغيير ودون البحث عن حياة كريمة حقيقية ثمنها بالطبع غالي.

وقد شاهدت تطوير العشوائيات وبالفعل شعرت بأننا جميعا سنحاسب امام الله على حياة هؤلاء البسطاء التي كانت تتصف بعدم الآدمية في كل مناحي الحياة ، وبالتالي كانت مكمن خطر للأجيال القادمة وخروج جيل مليء بالأمراض الصحية والنفسية ، وأيضا يخرج منهم أرباب الجرائم والسوابق والإرهاب وأمراض أخرى في السلوك الأخلاقي لا يمكن حصرها.

نحن جميعا بالفعل كنا نتعجب علي تلك الكوارث من عشوائيات وزحام وجرائم غريبة على المجتمع ، لكننا كنا لا نفكر إلا في محيطنا الضيق ولا ننظر للآخرين باعتباره دور الدولة ، ومن يخاف ربه كان يتصدق أو يخرج زكاة المال ويكتفي بذلك فقط ، وكأنه أدى دوره أمام ربه ، وأتذكر عندما قامت أحداث ٢٥ يناير والجميع شعر بضياع الدولة ، وقلة من رجال الأعمال إما نقلوا نشاطهم وأموالهم خارج البلاد ، أو قاموا بتحويل الأموال لحسابات بالخارج ، لكن الغالبية من التجار ورجال الصناعة والسياحة وغيرهم ممن لديهم استثمارات علي أرض مصر بالمليارات شعروا أنهم ومع سقوط البلاد أن استثماراتهم في طريقها للزوال والإنهيار ،  إن ٢٥ يناير لها مالها وعليها ما عليها لكنها كانت إنذار بسوء الأحوال وضرورة التغيير وتلك الفترة التي استمرت عامين شعرنا جميعا بتدهور أحوال البلاد وكنا نسأل أنفسنا هل دولة بحجم مصر ومكانتها ممكن تسقط وجاءت ٣٠ يونيو لتعديل المسار بعودة هيبة الدولة والأمن والأمان.

وهنا نسأل أنفسنا ماذا حدث خلال هذين العامين مجتمع رجال الأعمال والقطاع الخاص عامة ؟ ، قلة قالت نفسي نفسي وحولت النشاط والأموال لخارج البلاد أما الغالبية التي استثمرت في مجالات التجارة والصناعة والسياحة وارتبطت بالوطن لأنها تعلم مكانة بلادها أكيد كان لديها القلق وهذا طبيعي لكنهم كان لديهم ثقة بالجيش والشرطة وباقي أجهزة الدولة ، ولنكن صرحاء . لقد تملك الرعب من جميع المستثمرين وشعروا أن ” شقى السنين ” سوف يضيع في لحظة واستعدوا لهذا فعلا ، لكن جاءت  ثورة ٣٠ يونيو لتعود بعدها الحياة من جديد للجميع ويلتقط مجتمع الأعمال أنفاسه ، إذن هل فكروا في الأموال الطائلة التي كانت ستضيع منهم و أن يتم تخصيص جزء منها للجمهورية الجديدة التي ولدت معها الأمل من جديد في أعمالهم ومستقبلهم  

ومنذ هذا التاريخ والجميع لم يعي جيداً رسائل الرئيس السيسي بداية من ” تبرعوا لحساب تحيا مصر ” و التي بادر بها الرئيس شخصياً وتوالت التبرعات من معظم الشعب لكنها بالطبع كانت رمزية ولا تكفي البناء والتعمير الكبير الذي يتم ، ولا تعالج سلبيات عقود وربما قرون من إسكان وصحة وتعليم وطرق وغيرها ، وآخرها المشروع القومي العملاق حياة كريمة للريف المصري ، ولو نظرنا لما يحدث على أرض الواقع نجد أن الغالبية العظمى سعيدة بما يحدث والكل يتسائل من أين للدولة بتلك الأموال ؟! ، والإجابة في جزء كبير منها يكمن في الإصلاح الاقتصادي الذي لا شك يعاني منه الكثيرون من أرتفاع أسعار وتكاليف ونفقات عديدة ، لكن عندما ننظر للأمور بتجرد ونسترجع أننا جميعا كنا في رعب بعد يناير مما هو قادم سواء أمنيا أو إقتصادياً أو سياسياً نجد إننا يجب أن نشكر الله عز وجل إننا بفضل الله أولاً وبفضل وعي وتخطيط من قيادة أو راعي يخاف الله في رعيته ويعمل على بناء دولة عصرية يعيش فيها أكثر من ١٠٠ مليون مواطن بخلاف الأشقاء العرب الذين يصل عددهم للملايين هنا المقصد من إن الراعي سوف يحاسب وأيضا الرعية سيحاسبون لنعلم أن كل منا راع وكل راع مسئول عن رعيته 

وأختتم مقالتي هذه قائلاً 

لكِ يا مصرُ السَّلامة … وسَلامًا يا بلادي

إنْ رَمَى الدهرُ سِهَامَه … أتَّقِيها بفؤادي

واسْلَمِي في كُلِّ حين

 
After Content Post
You might also like