مدن الإسكان الاجتماعي بالسويس «غنيمة اللصوص».. سرقة عدادات المياه وكابلات الكهرباء وبطاريات السيارات
تتميز مدن الإسكان الاجتماعي في السويس، بطرازها المعماري الفريد، والمساحات الخضراء بين العمارات، واختيار مكانها في منطقة هادئة بحي عتاقة قرب طريق مصر إيران بعيدا عن زحام المدينة، وتخصيص خطوط سير لسيارات السرفيس لتنقل المواطنين إليها.
إلا أن بعض المميزات تحولت إلى نقمة في الفترة الأخيرة، بسبب أعمال السرقات المتعددة، فاللصوص يعتبرون تلك المدن غنيمة، يهبطون عليها في كل وقت خلال ساعات اليوم ليسرق كل لص ما يستطيع تصريفه.
وتضم مدينة الملك عبدالله ٣٠٠٠ وحدة سكنية، يقطن بها أكثر من ٧٥٪ ممن تسلموا الوحدات والبقية تركوها، بسبب قصور الخدمات، ويفصل شريط سكة حديد بينها بين مدينة عدلي منصور التي تضم ١١٢٨ وحدة، ويقطن بها أكثر من ١٠٠٠ أسرة، أما المدينة الثالثة فتبعد عشرات الأمتار عنهما وهي مدينة أحمد زويل وعدد وحداتها ٢٨٣٢، وبدأ إسكان السويس تسليم الشقق للمتقدمين للإسكان الاجتماعي مؤخرا.
ويحيط بالمدن الثلاث مناطق خالية، يتخللها طرق ترابية تربط بينها ومدينة السلام ٢، والتي تنتشر فيها أعمال السرقة أيضا، خاصة سرقة بطاريات السيارات، وخطف الحقائب.
انتقلت ” البوابة نيوز” لموقع المدن الجديدة للحديث مع السكان، ويقول محمود داود، رئيس اتحاد الشاغلين بمدينة الملك عبدالله، إن معدل السرقات بدأ في الزيادة مع شهر رمضان الماضي، وتعددت أنشطة السرقة فهناك لصوص مختصون بسرقة بطاريات السيارات، وآخرين في سرقة عدادات المياه، وبسبب نجاح النوعين الأول والثاني ظهر نوع ثالث أكثر جرأة، يدخل العمارات ويقطع وصلات الكهرباء الممتدة إلى الكابل المغذي للعمارة ثم يسحبه.
ويضيف محمود أن أعضاء الاتحاد، والأهالي تمكنوا قبل ٣ أسابيع من ضبط لصوص بطاريات، بعد اعداد كمين لهم داخل المدينة، وطاردوهم حتى دخلوا مدينة عدلي منصور، وهناك تعاون معهم جيرانهم وألقوا القبض على اللصوص، وكان بحوزتهم بطاريتين في صندوق السيارة، ولقنوهم علقة ساخنة حتى وصلت قوة من قسم شرطة عتاقة تسلمتهم.
لكن السرقة استمرت على يد لصوص جدد، وتوقفت فقط سيارات السكان، واضطر أصحابها إلى شراء بطاريات جديدة، ليتسنى لهم استخدام السيارات في التنقل.
وأشار “داود” إلى أن مدن الإسكان الاجتماعي مكان اعتبره اللصوص بيئة خصبة للسرقة، فالانتقال بين الشوارع سهل، وهم درسوا سلوك المواطنين ومواقيت تحركهم، فضلا عن تجولهم في المدينة طوال ساعات اليوم وإذا ما شعروا بالخطر يهربون إلى طريق مصر إيران وفي بضع دقائق يكونوا أما على طريق الأدبية، أو طريق القاهرة، ما جعل سرقة البطاريات عرض مستمر.
ويؤكد محمود، إن رجال الشرطة بقسم شرطة عتاقة متعاونين، وهناك دوريات أمنية تجوب المدن ليلا، وإذا ما أبلغوا عن أية وقائع سرقة أو مشكلة تحضر قوة من القسم على الفور، لكن اللصوص لا يأتون في الليل فقط، والمدينة تحتاج لأكثر من دوريات أمنية متحركة.
العدادات بالكيلو
“إذا كنت تستطيع الاستغناء عن سيارتك بضع أيام لحين توفير بطارية، فمن المؤكد أنك لن تتحمل أن تعيش أيام بدون مياه”، هكذا يصف مصطفى يوسف نائب رئيس اتحاد الشاغلين بمدينة الملك عبدالله، ما يتعرض له الأهالي.
ويقول مصطفى إن عداد المياه، قيمته كقطعة نحاس خردة لا تتجاوز ٥٠ جنيها، فهو يباع بعد السرقة بالوزن ولا يستخدم لغرضة الأصلي، بينما يتحمل الساكن بالمدينة أكثر من ١٥٠٠ جنيه ليحصل على عداد آخر وذلك بعد تحرير محضر بقسم الشرطة، وإنهاء إجراءات روتينية، وإعادة التقدم بأوراق رسمية، ثم سداد قيمة تقديرية لاستهلاك مجهول، ويعقب ذلك سداد قيمة العداد ليحصل عليه.
واستطرد “يوسف”، أن لصوص العدادات هم جامعو الخردة المتجولين، ويحضرون للمدينة بعربات كارو أو “تروسيكل”، ورغم وجود شباك حديد وضعه السكان وعليه قفل كبير يمنع الوصول لعدادات المياه بكل عمارة، إلا أن الصوص يكسروا القفل ويحلوا العدادات واحد تلو الآخر، كما حدث في العمارتين ٥٣ و٥٨، أو يقطعوا وصلاتها وهم مطمئنين لغياب معظم رجال المدينة في أعمالهم نهارا، وفي بعض الأحيان ويسرقوا الشباك الحديد أيضا.
ويوضح أن هذا النوع من اللصوص، يدخل المدينة، ينبش في صناديق القمامة، بحثا عن أي مواد بلاستيك، أو معدن يمكن بيعه، ثم يتسللون في ساعات النهار لمناور العمارات، لسرقة عدادات المياه، وفي كل مرة يسرق أكثر من عداد، حتى ان بعض اللصوص يسرق في المرة الواحدة عدادات جنب كامل يضم ١٢ شقة، فضلا عن سرقة الشبابيك الاقفاص الحديد التي ركبها الأهالي لمنع السرقة من الأصل، وهو ما حدث في العمارة رقم ٤٢. وكشف، أن عقود الوحدات السكنية، واستمارة التقديم للحصول على شقة بالإسكان الاجتماعي تضمنت عدة بنود، كان أبرزها بند الخدمات والمرافق في المدينة، وكان من المفترض أن يسلم المقاولين المدينة وبها مبنى مخصص لنقطة شرطة، وآخر وحدة صحية ونقطة إطفاء لكن ذلك كان “كلام على الورق فقط” على حد تعبير نائب رئيس اتحاد الشاغلين بالملك عبدالله.
كابلات الصاعد
يبدو أن وزن عدادات المياه التي سرقها اللصوص لم يكن كبيرا، لذلك وسعوا نشاطهم في مدن الإسكان الاجتماعي، ومع غياب أغلب المقيمين خلال الفترة الصباحية، ونجاح أعمال السرقة، زادت جرأة اللصوص وأصبحوا يدخلون العمارات ويقطعوا الوصلات الفرعية للشقق من الكابل الكهربائي العمومي المغذي للشقق.
ويتحدث محمود بدوي، عضو مجلس الإدارة باتحاد الشاغلين، عن تلك المشكلة ويقول إن اللصوص، يتسللون للعمارات، ويفتحون علب الكهرباء بجوار أبواب الشقق، ثم يقطعون طرفي السلك المغذي لكل شقة، ثم ينزل إلى مدخل العقار ويسحب السلك مرة واحدة.
ويوضح أن الكابل العمومي سميك ويضم داخله ٤ أطراف قطر كل منها ١٠ ملي، وبسبب مواصفاته وقدرته على التحمل فإن قيمته تتجاوز ١٥ ألف جنيه، مضيفا أنه قبل أسبوعين سرق اللصوص الكابل العمومي بالعمارة ٤٦ بمدينة عدلي منصور، وبالعمرة ٣ بالملك عبدالله، وقضى السكان ليلتين في الظلام وبدون كهرباء حتى استطاعوا جمع قيمة الكابل واستعانوا بفني لتركيبه.
” الكابل لو خرج سليم يباع كما هو، إنما لو اتجرح من الحرامي بيحرقه ويطلع منه النحاس” يخبرنا رجائي عبد الغفار، أحد سكان مدينة عدلي منصور، عن استخدام اللص للكابل العمومي مضيفا أنه يباع بسعر ١٠٠٠ جنيه أو أكثر قليلا لدى تجار الخردة.
ويوضح رجائي الفني بأحد مصانع الحديد والصلب بالسويس، ويضيف أن جاره المسن في العقار اشتبه في شاب، بعدما وجده يعبث بعلبة كهرباء، وأدعى الأخير انه من الشركة وجاء للصيانة، وعندما طالبه بتحقيق شخصيته، دفعه على السلم وفر هاربا، واكتشف بعدها أنه لص وقطع عن بعض السكان الكهرباء بعد فصل السلك المغذي للشقة من الكابل العمومي ليستطيع سحبه.