ضجر وسخط.. تحرير أسعار الوقود يصدم الشارع السوداني

على نحو مفاجئ، أصدرت وزارة الطاقة والنفط السودانية أمس قرارا بتحرير كامل لأسعار الوقود، وتركت للشركات والمستوردين تحديد السعر حسب آلية السوق صعودا ونزولا.

وتسابق الحكومة السودانية الزمن للوفاء بما تبقى من شروط المؤسسات المالية الدولية قبيل حلول 30 من يونيو (حزيران) الحالي، إذ من المتوقع أن تتخذ الدول الدائنة قرارا بشأن إعفاء أو تخفيف الديون الخارجية، وفقا لما تم الاتفاق عليه في مؤتمر «باريس» لدعم الانتقال في السودان.

وتسود الشارع السوداني حالة من الضجر والسخط تجاه السلطات جراء تسريبات للصحف المحلية عن زيادة كبيرة في أسعار (البنزين والجازولين) تصل إلى الضعف.
ووفقا للقرار زاد سعر لتر البنزين من 150 إلى 290 جنيها سودانيا، أي قرابة 60 سنتا، فيما بلغ لتر الجازولين 285 جنيها، وفقا لسعر الصرف الرسمي الذي قارب 430 مقابل الدولار الواحد.
ويتوقع خبراء أن تفاقم الزيادة الجديدة الأوضاع المعيشية، وأن تتسبب في ارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية والنقل وتأثير أكبر في مناطق الإنتاج الزراعي.
وجاء في قرارا وزارة الطاقة والنفط أن شركات توزيع المنتجات البترولية تحدد أسعار المنتج في محطات الخدمة حسب آلية السوق صعودا ونزولا حسب التكلفة.
وكانت وزارة المالية أصدرت ليلة أول من أمس قرارا بإلغاء جميع أسعار الوقود (البنزين والجازولين)، مبررة ذلك بأنها تأتي في إطار سياسات الدولة للإصلاح الاقتصادي والاستجابة لمطلوبات صندوق النقد الدولي.
وأوضحت في بيان أن سعر تكلفة الاستيراد تتراوح ما بين 71 إلى 75 في المائة من سعر الوقود، بعد إضافة تكاليف النقل ورسوم الموانئ وضريبة القيمة المضافة، وأن هذه التكاليف مجتمعة تشكل 29 في المائة من سعر البيع للمستهلك.
ونوهت إلى أن أسعار الوقود ستخضع للمراجعة الدورية على حسب التقلبات في أسعار في الصرف، في وقت انخفضت قيمة الجنيه السوداني في السوق الموازية (السوداء) إلى 455 جنيها أمام الدولار.
وأشارت وزارة المالية إلى أن «سياسة تحرير الوقود – التي جاءت متأخرة جدا – كفيلة بإزالة التشوهات الاقتصادية، إذ تنفق الدولة مليار دولار سنويا لدعم المحروقات الذي لا يستثني الطبقات المتوسطة والعليا».
ويقول الخبير الاقتصادي، محمد الناير، إن «الحكومة الانتقالية طبقت خلال العامين الأخيرين زيادة كبيرة في أسعار الوقود لم تحقق وفرة في السلعة ولا الاستقرار في السعر بل القت بأعباء كبيرة على المواطن».
وأضاف أن «الزيادات حركت سعر لتر البنزين من 6 جنيهات إلى 290 جنيها، وبلغت نسبة الزيادة 4500 في المائة، ولتر الجازولين زاد 7000 في المائة بعد رفع سعره من 4 جنيهات إلى 285 جنيها».
وقال الناير «كان على الحكومة أن تقر سياسات لتحقيق استقرار في سعر الصرف أولا وخفض معدل التضخم، ومن ثم النظر في معالجة رفع الدعم، إذ إن تخفيض قيمة العملة الوطنية سيولد دعما جديدا، ويكون مستمرا إلى ما لا نهاية».
وأشار إلى أن الحكومة تنفذ روشتة صندوق النقد الدولي التي التزمت بتطبيقها كاملة في مؤتمر «باريس» في مايو (أيار) الماضي، لكن الصدمة الكبرى التي تنتظر السودانيين تحريك السعر التأشيري للدولار الذي سيؤدي إلى ارتفاع كبير في كل أسعار السلع والخدمات، في وقت بلغ معدل التضخم 363 في المائة.
وترى الحكومة أن تحرير أسعار الوقود يحقق الوفرة ويحد من التهريب كما يعمل على خفض التضخم، ويزيل التشوهات في الاقتصاد، ويفتح المجال للدولة لتوجيه الدعم للمواطنين في خدمات الصحة والتعليم والبنى التحتية.
ويغطي الإنتاج المحلي حوالي 70 في المائة من البنزين وغاز الطهي و40 في المائة من الجازولين، ويتم تغطية العجز بالاستيراد من الخارج.
After Content Post
You might also like