مصباح قطب يكتب|هشام طلعت واحمد زكى عابدين… اين اشيائى؟

يوما ما، كتب المفكر الدكتور ميلاد حنا، فصلا فى كتاب بعنوان “عصر سيادة المقاولين” ، مشيرا بذلك إلى سيطرة هذه الفئة ، ورمزها الأشهر حتى منتصف الثمانينات، كان عثمان احمد عثمان، على مقدرات مالية ضخمة وعلى نفوذ متشعب راسيا وافقيا.،
بحيث ضاع ما كان يسميه السادات “دولة سيادة القانون”، تحت وطاة قوتها ومصالحها.
راهنا، وفى تلك اللحظات غير العصيبة التى تمر بها البلاد، فالحمد الله أن نجونا من حكم جماعة الإخوان الفاشية العميلة، يمكن القول بشكل او بآخر إننا نعيش عصر” سيادة المطورين”، فقد أصبحوا الجماعة الاكثر فاعلية وتأثيرا فى النشاط الاقتصادى وفى السياسات العامة معا، ويكفى ان الدولة لم تستطع حتى اللحظة ان تضع حدا لفوضى البيع على الماكيتات وعدم الالتزام بالمواصفات او الأسعار او توقيتات التسليم و. و. و، فى النسبة الاعظم من المبيعات، بسببهم .
غير ان المثير ان المطورين، لم يعودا فقط من عينة المعلم عثمان، اى الافراد العصاميين، او أصحاب شركات القطاع الخاص، سواء كانوا عصاميين او غير، بل أصبحت الدولة ذاتها اكبر مطور عقارى، ان لم تكن حائزة مفتاح الكرار لهذه الصناعة، فى عهد ما بعد تشدد المشير طنطاوى، مد الله فى عمره، فى مجال إتاحة الاراضى للبناء والمشاريع. كان املى، شخصيا، كواحد من المتحمسين المبكرين للعاصمة الإدارية ان نضع نموذجا لعمران جديد، بعد أن انحط العمران المصرى إلى درك مهين، ولكن الظاهر لى، وقد اكون مخطئا، هو الاكتفاء بإقامة مساكن بمواصفات جديدة او ذكية ، لكن فى النهاية أصبح يمكن القول بثقة ان رمزى المرحلة هما اللواء، مهندس أحمد زكى عابدين رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية، والمحاسب هشام طلعت مصطفى، الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لمجموعة طلعت مصطفى. هذا الرجلان بطبيعتهما “المحافظة “، و بخبراتهما الكبيرة ، هما اللذان يقودان عمليا سياسة الاسكان فى مصر ، بغض النظر عن اى استراتيجيات مكتوبة على موقع وزارة الإسكان او حتى فى ٢٠٣٠. الطريف ان عابدين هو من بين اكثر من تحمس لهم المشير طنطاوى، ليتولوا العمل التنفيذى ، هو واللواء عبد الفضيل شوشة، محافظ شمال سيناء- العائد للمرة الثانية حاليا-، بينما هشام كان محسوبا فى فترة على جمال مبارك، والمشير لم يكن يحمل اى ود لجمال ومن حوله، ولكن دارت الايام، وحارت، وجاء مشروع “نور” الذى تم توقيع عقد بيع أرضه لهشام فى يناير الماضى، ليتوج هذه العلاقة بين اهل الحكومة وأهل المال، بين هشام الذى قام، بشطارته، فور العفو عنه، بعمل ضخم فى العاصمة الإدارية، لقى بالتاكيد ارتياحا من اللواء عابدين، فكان من الطبيعى ان يكون هشام هو الجار المنتقى للعاصمة، وان يشكل من خلال” نور” المرحلة الثانية منها، واقول المنتقى عن قصد، فآخرون كان يودون ان يكونوا ذلك الجار، لكن الدنيا أرزاق، وأعتقد انها ليست صدفة ان يظهر فى الصحافة امس خبر حصول سميح ساويرس على الجنسية الفخرية فى سويسرا، كحدث نادر، بسبب جهوده هناك فى مجال إقامة المدن المتكاملة، وظنى ان سميح، وهو وهشام نظيران، فعمله هو الاخر إقامة المنتجعات والمدن السياحية والفندقية والسكنية وادارتها ، يريد أن يقول لا يكرم المرء فى اهله، ويسأل لماذا لم تكن الفرصة متاحة لأكثر من مطور عقارى للعمل مادام مستعدا لتقبل نفس الشروط.؟
لكن ما هى الشروط؟. انا اثق فى الدكتور مصطفى مدبولى، فهو الذى وضع ايام كان وزيرا للإسكان، نموذج عقد الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، والذى نتج عنه” نور”، لكن أليس من الواجب بأن يقوم مذيع كبير مثل عمرو أديب باستضافة المحاسب احمد سعيد على نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية لقطاع
الشئون المالية والإدارية، والذى وقع معه هشام عقد البيع العينى والنقدى لارض نور، لنعرف منه الشروط والمزايا التى سيحصل عليها كل طرف، ليعلم الكافة، وعلى الاقل بدلا عن ان نسمع من هشام وحده ما الذى ستسفيده الدولة من العقد ؟.
اعرف ان هناك من يكره هشام او يحسده او يحقد عليه، أو ينتقده عن حق بعنف، وينقب فى حياته ومساره، لكن المهم الآن انه بإقامته نور أصبحنا إزاء مدينة تمثل اهل السلطة والحكم وهى العاصمة، واخرى تمثل اهل الثروة، او هكذا يمكن للناس ان يروا المشهد، فاين مكان الذين يتطلعون إلى الانتقال من الشقق الواقعة أمام محل عصير عبد الجواد، إلى أمام اخر، اى أمام، يكون فيه شوية نظافة، وشوية اوكسجين مجانا، ولقمة عيش، وضجيج اقل وليس اكثر .؟.
للانصاف، وازاء من سخّروا من سعر الوحدة الاستوديو فى نور، لا أظن أن سميح او نجيب ساويريس، او غيرهما، لو كان هو محل هشام، سيبيع بأسعار اقل ، او سيخترع طبعة تانية من مدن الجيل الرابع، تناسب الغلابة لا يعرفها هشام. ان
اصل القصة ليس من أحسن من الاخر ، لكن هو اننا ننتقل من الحياة فى مدن بها حكم محلى (على عيوبه عندنا) ، كما هو فى كل العالم، إلى مدن تحكمها أجهزة تابعة لهيئة المجتمعات العمرانية، ثم إلى مدن تحكمها شركة حكومية، واخيرا إلى مدن تحكمها شركة قطاع خاص، والشركات الخاصة او التابعة الان للدولة ، لا رقيب عليها الا من مساهميها، وهدفها المكسب مهما تحدثت عن إعمار الارض والجو، وهى تكسب من بعد بيع الوحدات اكثر مما تكسبه من البيع، وذلك من عوائد الإدارة والصيانة والمدارس الاجنبية والبراندات والمستشفيات الخاصة والجامعات الخاصة، والنوادى وكافة الخدمات، والغريب، انه مع الإهمال الكبير للمدن العادية التى يحكمها ممثلون محليون ، وتشعب أنواع المدن، على النحو الذى رايناه، انك اذا طالبت الدولة بتطبيق اللامركزية طبقا للدستور وكنهح لا يمكن السير فى إدارة دولة حديثة بدونه… قالت الدولة كلا والف كلا.
متى يسطع نور العمران الحقيقى بغناه الاجتماعى والحضارى، وتنوع ساكنيه وخلفياتهم، وبما فيه من صناعة وإنتاج وفنون ومسارح، وحدائق مجانية، وأمان، وبنية تحتية وخدمية محترمة، على كل الناس؟. قريبا انشاء الرحمن.

After Content Post
You might also like