محمود سالم يكتب: فى انتظار استيعاب درس كارثة «إيفر جراند» !

” ها تفرقع ” .. هكذا يلخص خبير مالي دولي يشغل منصب المؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة زيلا كابيتال للاستثمار وعضو مجلس إدارة بنك القاهرة والرئيس السابق لقسم البحوث فى المجموعة المالية هيرميس توقعاته بشأن أزمة شركة إيفرجراند الصينية والتي أوقفت أسواق العقارات فى العالم على أطراف أصابعها خلال الأيام القليلة الماضية خوفا من تكرار ما تعرضت له تلك الأسواق عام 2008 وما قد ينجم عن أزمة ديون الشركة التي تراكمت عليها ووصلت إلى 320 مليار دولار وهبوط أسهما فى بورصة هونج كونج بنحو 19% وهو ما أثار الفزع فى مختلف الأسواق!

كلمة ” هاتفرقع ” تصيب بالفزع ولكن لكون وائل زيادة يتابع أوضاع الشركة منذ سنة تقريبا فإن الاستماع إلى رأيه مهم للغاية بجانب خبراته الواسعة فى هذا المجال .. فالشركة هي ثاني أكبر المطورين العقاريين بالصين وبلا شك هي الأكبر استدانة حيث تخطى الرقم 320 مليار دولار فى يونيو الماضي وتبلغ التزاماتها المالية حوالى 400 مليار دولار . وقد صدر تقرير أخير يرصد أوضاعا فى منتهى الصعوبة .. لا سيولة مالية لا أموال لدفع مرتبات الموظفين وهنا يصبح النظام المالي الآسيوي أو الصيني بالأدق على المحك !
ولكن كيف حدث ذلك ؟ .. باختصار تنبهت الصين بعد أزمة كورونا إلى احتمال وجود كارثة داخل القطاع العقارى الذى بات يشكل أكثر من ٦٠ ٪ من نمو الناتج المحلى الإجمالي، بسبب الإسهاب فى الاقتراض على مستوى الشركات والأفراد . والحقيقة أن معظم الشركات العقارية التزمت بنشاطها الأساسي ولكن بعضها مثل إيفر جراند طموحها جعلها تدخل فى قطاعات أخرى عديدة وبالتالى طلب الحصول على تمويلات ضخمة وتوجيه السيولة إلى نشاطات بعيدة عن التطوير العقاري وهو ما استنزف موارد النشاط الأصلى وجعل استمراريتها مرهونة بقدرتها على المحافظة على جبل الديون والالتزامات ! .. والأمر هنا يستلزم الإشارة إلى أن الحكومة الصينية قررت وضع قيود على حجم الاستدانة فى قطاع العقارات وبالطبع كانت إيفر جراند أول الشركات التي أطلقت صرخاتها خوفا من انهيار الجبل لكن الحكومة عملت نفسها ” من بنها ” ولم تعرها اهتماما فالمصلحة العليا للدولة فرضت نفسها وساعتها لجأت الشركة إلى تسريب خطاب استغاثة كورقة ضغط على أساس وجود عدد كبير من أعضاء الحزب الحاكم لهم مصالح متشابكة مع الشركة سواء كممولين أو أصحاب وحدات أو شركات مقاولات

والسؤال : هل سقوط إيفر جراند يسبب مشكلة لأسواق المال ؟ يرد وائل زيادة: لا. إنه يمثل كارثة .. والسبب يكمن فى حجم الديون والرعب الحقيقي يتمثل فيما يطلق عليه التعثر الترافقى والذى يتسبب فى حالة من تأثير الدومينو حيث يمتد التأثر إلى شركات أخرى مما ينتج عنه تجمد مفاجئ للقطاع وانهيار جبل الديون مما يؤثر على الدولة ذاتها.

وسؤال آخر : هل الصين تدرك أبعاد الأزمة ؟ يرد : أكيد ولديها حسابات أخرى لا نعرفها .. ولكن المؤكد أن إيفر جراند سوف تختفى العام القادم !

وهل هناك أزمة مالية عالمية جديدة ؟ نعم !

وما أثر ذلك على مصر؟ على حسب ما تقرره الصين وكيف تدير الأزمة لكن الأثر سوف يتراوح بين ” هزتين خفاف ” فى البورصة نهاية إلى تأثير مباشر على كل ما له علاقة بالميزان التجاري بين مصر والصين.. عمومًا خلينا نشوف.. الموضوع لسه مطول !

انتهى كلام زيادة.. وأنا بدوري أدق جرس إنذار لعل الجميع يدرك الدرس ويستخلص العبر من تلك الأزمة، فإذا كانت الصين لم ولن تسمح بحدوث مثل تلك الأعاصير وسوف تحمى شركاتها حتى لا يستغل الغرب خاصة الولايات المتحدة الأمريكية ذلك فى حصد نقاط ضد الخصم المخيف لها وهو الصين. هنا تحضرني مقولة للدكتور حسن يوسف على عميد كلية إدارة الأعمال بجامعة النيل وأستاذ الاقتصاد الذى يرى أن عهد التعاون بين أمريكا والصين قد ولى وجاء عهد التنافس والنزاع، لكن أسلوب الحرب التجارية الزاعق الذى ساد أيام ترامب سوف يتغير إلى حرب تجارية مكتومة وربما تكون أشد وطأة فى ضوء إجماع المؤسسات الأمريكية على أن الصين تشكل تهديدا لمصالح أمريكا !

After Content Post
You might also like