مصباح قطب يكتب| ما وراء عودة الوزير رشيد – المحسوبة – إلى الساحة

 

التزم مهندس الميكانيكا، ورجل الأعمال، والوزير الأشهر، في حكومة نظيف (2004-2011) ، الصمت، منذ عاد إلى مصر فى ٢٠١٧، ورفض حتى استقبال صحفيين واعلاميين يعرفهم ويعرفونه، للسلام عليه ، بعد العودة، من منطلق ” الباب اللي ييجى منه الريح..”.

كان رشيد مجروحا بعمق، وسواء اتفقت معه ام اختلفت، فإن التجربة التي عاشها مرورا بالتحفظ المبكر جدا على أمواله  فى الأسبوع الأول من فبراير ٢٠١١ ( الراحل عمر سليمان كان قد نصحه بالسفر لأنه اول اسم في قوائم المحالين إلى النيابة بعد ثورة يناير )، ثم القضايا والمحاكم، ثم التصالح مع دفع ٥٠٠ مليون جنيه، كانت فوق طاقته، وهو الهادئ الحمول، على الاحتمال. عاش رشيد، محب الإسكندرية بكل تفاصيلها، بما فيها ناجى جدو اللاعب واجتهاده، فى الغربة بين قطر والإمارات. كنت قد عاتبته شخصيا في المكالمة الوحيدة التى تمت بيننا بعد ٢٠١١ على اختيار قطر، كأول وجهة، خاصة وانه كان معروفا بقربه من قبل الوزارة من الحكومة التركية كمستشار لها، ولذا فإن سفره إلى قطر، تابعة تركيا، وهما خصما مصر،، يحسب عليه، لكن فى النهاية حصل ماحصل، وامضى نحو ٦ سنوات وعاد ليمارس فضيلة الصمت التي مارسها مثله أناس كأحمد المغربي وزهير جرانة، وآخرين، وكل له أسبابه.

كان اول ظهور  عام لرشيد بمنتدى روما فى ٢٠١٩، حيث القى كلمة محنكة ومليئة بالإشارات الدالة عن أسباب سوء مناخ الاستثمار بالمنطقة العربية، وراهن فى كلمته على الشباب والنساء والتكنولوجيا. بعد صمت اخر لنحو عامين ، و فجأة، ظهر رشيد في حفل توقيع مذكرة تعاون مع الصندوق السيادى، لبحث تحويل منطقة باب العزب إلى أول منطقة إبداعية بالشرق الأوسط، بحضور وزيرة التخطيط، وقد اقيم الحدث بالمتحف الجديد، وهنا ثلاث علامات على نوع من رضا الدولة. التوقيع. المكان. وحضور الوزيرة. وقع رشيد بالنيابة عن كيان جديد اسسه مع اخرين، له اسم شبابى، هو “بدايات”، وهو شركة استثمار مباشر، تركز على  دعم الابتكار والابداع خاصة فى مجالات الموضة والتجميل وتهياة البراندات المحلية لتكون عالمية . رشيد معه شركاء من إيطاليا وفرنسا وسويسرا، وراسمال غير معلن، لكنه لن يكون كبيرا بطبيعة مثل تلك الشركات التى أصولها هى افكار بالأصل . (لم يعد رشيد مستعدا لحمل كيان صناعى او تجارى كبير على اكتافه بعد ما جرى ) . فهل سيعود رشيد إلى العمل العام مرة أخرى؟ او ما الحدود التى سيتحرك فيها ويظهر ويختفى؟. الإجابة صعبة جدا. معلوم ان الرئيس السيسى كان قد كرم حما المهندس رشيد المرحوم الفريق محمود فهمى قائد البحرية خلال حرب الاستنزاف، وقبل راس حماته. فى تقديرى ان رشيد الكيس الفطن، لن يتحرك سنتيمترا  ابعد مما يتوافق مع المعطيات العامة . ومن الواضح ان المنطقة التى يمكن أن يقدم فيها خدمات عامة هى علاقات التجارة والاستثمار  بين مصر وكل من قطر وتركيا، وبحدود محسوبة بدقة تتفق وحساسية علاقة مصر بالبلدين . منذ اشهر قليلة دلت مؤشرات على ان احد قدامى رجال الأعمال الكبار، المستمرين فى العمل السياسى للان ، كان قد حاول ان يتولى ملف الاستثمار القطرى بعد المصالحة، لكن يبدو أن الدولة كانت لها وجهة نظر أخرى، ومن ثم قد يكون لرشيد نصيب فى هذا الدور .

قال كثيرون ان رشيد هو أفضل وزير تجارة وصناعة فى تاريخ مصر بعد الانفتاح الاقتصادى، وراى آخرون انه فى النهاية رجل أعمال وينتمى إلى العائلات ذات المصالح،  لكن فى كل الحالات فان رشيد الذى جاهد فى الأعوام الأخيرة من  حكم مبارك ليكون لديه هامش للحركة المستقلة بين مبارك وجمال مبارك (عرفت فى ٢٠٠٧ ان مبارك كان قد طلب من رشيد حرفيا ان يكون من رجاله). جاهد رشيد وسط الاستقطاب ليحمى اعتزازه بنفسه، إلى أن وصلنا إلى اللحظة الفاصلة وهى رفضه دخول حكومة شفيق، اخر حكومات الاب مبارك، والتى رحب بها الابن جمال نفسه كطوق إنقاذ للاسرة كلها، فحدث الصدام وسافر، ولازال هناك ما هو غامض فى تلك الواقعة بالذات لكن لعل رشيد يحكيه يوما ما. الان سيحاول رشيد  ذات الأمر، اى أن يكون مستقلا ، وأن يتعامل مع دائرة محددة واضحة فى السلطة بعيدا عن اى شد وجذب، لكن هل يضمن الا تاتى لحظة صدام مرة أخرى.؟

After Content Post
You might also like