جاسوسة النكسة.. لماذا أنقذ السادات انشراح موسى من الإعدام؟

بعد سنوات من خيانة الوطن، تمكنت المخابرات المصرية من كشف الجاسوسة انشراح موسى وزوجها، والتحفظ على جهاز اللاسلكي الذي منحتهم إياه إسرائيل لنقل معلومات الجيش المصري إليها.

ولكن لماذا تم الإفراج عن انشراح موسى، وكيف نجت من مقصلة الإعدام؟.. في التقرير التالي نرصد التفاصيل حسب ما جاء في اللقاء التليفزيوني للجاسوسة انشراح موسى مع الفنان سمير صبري.

ولدت انشراح موسى عام 1937 في مدينة المنيا بصعيد مصر، وأكملت تعليمها حتى المرحلة الإعدادية، وأثناء حضورها أحد الأفراح، أعجب بها شاب يدعي إبراهيم شاهين ويعمل ولكنه كان يسعى لكسب المال بطرق غير مشروعة، حتى تم حبسه 3 أشهر وعُزل من وظيفته.

بعد خروج شاهين من السجن لم يجد عملاً، واستمر على تلك الحال، حتى احتلت إسرائيل بسيناء في يونيو 1967، وجده “الموساد” مؤهلاً لخيانة بلده والعمل لصالح إسرائيل، ووافق على التعاون معها، وحصل منهم في ذلك الوقت على أجولة مليئة بالأرز وبعض الدولارات، وبدأ تدريبه في منطقة بئر سبع على بث الشائعات وإطلاق النكات السياسية التي تسخر من القيادة المصرية، فضلاً عن تدريبه على كيفية الحصول على معلومات أمنية.

جواسيس حي المطرية

استطاعت المخابرات الإسرائيلية بالتعاون مع الصليب الأحمر في 19 نوفمبر 1967 أن ينقلا انشراح وإبراهيم إلى القاهرة حيث منحتهما الحكومة المصرية سكنًا مجانيًا مؤقتًا بحي المطرية، وأعُيد شاهين إلى عمله مجددًا.

بعد ذلك، انتقل إلى حي الأميرية، وبدأ يعمل على جمع المعلومات، وكانت زوجته انشراح تساعده بتهيئة الجو الأمني والكتابة هي الأخرى بالحبر السري، واتخذا من نشاطهما في تجارة الملابس والأدوات الكهربائية ستارًا لعملهما وحتى يكون ذلك مبررًا لثرائهما.

الملازم انشراح والعقيد إبراهيم

وفي عام 1968، سافر الزوجان إلى لبنان ومنها توجها إلى روما حيث التقيا هناك بمندوب “الموساد” الذي سلمهما وثيقتي سفر إسرائيلية باسم موسى عمر ودينا عمر، وتوجها إلى إسرائيل حيث خضعا لدورات تدريبية مكثفة في تحديد أنواع الطائرات والأسلحة والتصوير الفوتوغرافي وجمع المعلومات، وتم منح إبراهيم رتبة عقيد في الجيش الإسرائيلي، فيما منحت انشراح رتبة ملازم أول.

سقوط الأسرة في بئر الخيانة

بعدما تم تدريب الزوجين على وسائل التجسس، عادا إلى مصر، وتوسعت تجارتهما وانتقلا إلى مصر الجديدة، وتعرفا على أصدقاء من الجيش وطيارين، وبدأ أولادهما الثلاثة للعمل معهم كجواسيس يجلبون المعلومات من زملائهم أبناء الضباط في المدرسة والشارع.

في عام 1972، سافرت انشراح لروما وتقابلت هناك مع أبو يعقوب أحد ضباط “الموساد”، وطلبت منه الاعتزال بعد أن شاهدت تنفيذ الإعدام في جواسيس في التليفزيون، فوعدها بعرض الأمر على الرئاسة في تل أبيب، ثم تراجعت عن قرارها.

تدريب شاهين على استخدام جهاز اللاسلكي

بعد حرب أكتوبر 1973، سافر إبراهيم إلى أثينا ومنها إلى إسرائيل، وفي مبنى المخابرات الإسرائيلية سألوه عن الأحداث التي تمت خلال الحرب، وسلموه أحدث جهاز إرسال لاسلكي في العالم يتعدى 800 ألف دولار، حيث كانوا يتخوفون من الفريق سعد الدين الشاذلي الذي كان يريد تصعيد الحرب.

تم تدريب إبراهيم 3 أيام على كيفية استخدام الجهاز، وعندما تخوف من حمله للقاهرة، عرضوا عليه أن يذهب إلى الكيلو 108 طريق القاهرة السويس، وهناك سيجد فنطاس مياه مثقوب وغير صالح للاستخدام، وخلفه جدار أسمنتي مهدم وعليه أن يحفر في منتصفه لمسافة نصف المتر ليجد الجهاز مدفونًا، ووعدته إسرائيل أن تمنحه مكافأة مليون دولار إذا أرسل لهم عن ميعاد حرب قادمة.

القبض على الجواسيس

لكن كانت المفاجأة، عندما استطاعت المخابرات المصرية التقاط ذبذبات الجهاز بواسطة اختراع سوفيتي اسمه صائد الموجات، وكان إبراهيم يقوم وقتها بالإرسال من شقة قديمة بالأميرية، ومشط رجال المخابرات المصرية تلك المنطقة بالكامل بحثاً عن الجاسوس، ومع محاولة الإرسال الثانية أمكن الوصول إلى مكانه.

وفي فجر يوم الخامس من أغسطس عام 1974، كانت قوة من جهاز المخابرات تقف على رأس إبراهيم النائم في سريره، واصطحبوه إلى جهاز المخابرات وبقت قوة من رجال المخابرات في المنزل مع أولاده الثلاثة تنتظر وصول انشراح من إسرائيل.

وفي 24 من الشهر ذاته، وصلت انشراح إلى القاهرة وعندما فتحت الباب وجدت من يمسك بحقيبة يدها ويخرج منها مفتاحين لجهاز اللاسلكي، وفي 25 نوفمبر من العام نفسه صدر الحكم بإعدام انشراح وزوجها إبراهيم والسجن 5 سنوات لابنهما نبيل وتحويل عادل ومحمد إلى محكمة الأحداث.

كيف نجت موسى من الإعدام؟

بعد إعدام شاهين، ترددت الأنباء عن شنق زوجته انشراح هي الأخرى، ولكن في 26 نوفمبر 1989 نشرت صحيفة “حداشوت” الإسرائيلية قصة تجسس إبراهيم على صفحاتها الأولى، وذكرت الصحيفة أن ضغوطاً مورست على الرئيس الراحل محمد أنور السادات لتأجيل إعدام انشراح بأمر شخصي منه.

ثم أصدر السادات بعد ذلك عفواً رئاسياً عنها، وتم الإفراج عن انشراح موسى وأبنائها في صفقة تبادل بين الجانب المصري والإسرائيلي بداية عام 1976 بعدما قضت 17 شهراً منتظرة تنفيذ حكم الإعدام، وتم تنفيذ حكم الإعدام في زوجها الجاسوس إبراهيم سعيد شاهين في صباح يوم 16 يناير عام 1977.

وفي عام 1979، عقب خروجها من السجن، قالت موسي، إنها اتجهت إلى الله وأصبحت مواطنة مصرية صالحة، لكن الحقيقة كانت عكس ذلك، حيث هربت إلى إسرائيل هي وأولادها، واعتنقوا جميعًا اليهودية، وغيرت اسمها لدينا بن ديفيد، كما غير أبناؤها أسماءهم أيضاً ليصبح نبيل اسمه يوسي، ومحمد حاييم، وعادل رافي.

After Content Post
You might also like